محمد الخامري من صنعاء : استعرض مجلس النواب اليوم تقرير لجنة الشؤون المالية حول مشروع قانون مكافحة الفساد المقدم من الحكومة في الثاني من إبريل الماضي ، والذي يتضمن (47) مادة تهدف لإنشاء هيئة وطنية عليا لمكافحة الفساد لها صلاحيات قانونية تعقب ممارسي الفساد ودرء مخاطره وآثاره واسترداد الأموال والعائدات المترتبة عن ممارسته، وكذا تعزيز مبدأ التعاون والمشاركة مع الدول والمنظمات الدولية والإقليمية في البرامج والمشاريع الدولية الرامية إلى منع الفساد ومكافحته ، وإرساء مبدأ النزاهة والشفافية في المعاملات الاقتصادية والمالية والإدارية بما يكفل تحقيق الإدارة الرشيدة لأموال وموارد وممتلكات الدولة والاستخدام الأمثل لها.

كما يهدف مشروع القانون الذي طالب الشيخ سلطان البركاني رئيس الكتلة البرلمانية للمؤتمر الشعبي quot;الحاكمquot; بإدراجه ضمن جدول أعمال المجلس للفترة الحالية باعتباره شديد الصلة بمؤتمر المانحين المقرر انعقاده في العاصمة البريطانية لندن منتصف الشهر الجاري ، يهدف إلى تفعيل مبدأ المساءلة والدور الرقابي للأجهزة المختصة والتيسير على أفراد المجتمع في إجراءات حصولهم على المعلومات ووصولهم إلى السلطات المعنية، وتشجيع دور منظمات المجتمع المدني في المشاركة الفاعلة والنشطة في منع الفساد ومحاربته وتوعية أفراد المجتمع بأسبابه ومخاطره وتوسيع نطاق المعرفة بوسائل الوقاية منه وتعميمها.

ومن ضمن المبررات التي ساقها البركاني أن هذا المشروع شديد الصلة بتنفيذ مشروع قانون الإقرار بالذمة المالية الذي أقره مجلس النواب في السادس عشر من شهر يوليو الماضي وصدر بقرار جمهوري اذ يلزمه نفاذ مشروع قانون مكافحة الفساد الذي يقضي بإنشاء الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد المعنية بتلقي الإقرارات بالذمة المالية من كل شخص من الفئات المحددة في قانون الإقرار بالذمة المالية.

ويسري مشروع قانون مكافحة الفساد على كافة جرائم الفساد التي تقع كلها أو بعضها أو جزء منها في إقليم الجمهورية اليمنية، وتلك التي تقع خارج اليمن وتختص بها المحاكم اليمنية.

وأدخلت اللجنة تعديلات على المشروع الحكومي في المادة المتعلقة بتشكيل الهيئة العليا لمكافحة الفساد بناء على اقتراح مجلس الشورى لعشرين شخصاً، حيث رأت اللجنة المالية أن يتم الترشيح لثمانية عشر شخصاً من قبل مجلس النواب مقرةَ ما جاء في مشروع الحكومة بتمثيل منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص والمرأة في مجلس أمناء الهيئة الذين لا يجوز -بحسب رأي اللجنة -إعفاء أي منهم من عضوية مجلس الأمناء إلا إذا اخل إخلالاً جسيماً بواجباته في الهيئة، بناء على حكم قضائي بات.

وأضافت اللجنة المالية فقرةً للمادة (16) تلزم الهيئة بنشر كافة المعلومات والبيانات بشأن جرائم الفساد بعد ثبوتها بحكم قضائي، كما رأت تحريم على رئيس وأعضاء الهيئة الجمع بين عضويتها وأية وظيفة عامة أو خاصة. وأضافت اللجنة فقرة توجب انتخاب رئيس مجلس الأمناء ونائبه وإعادة الانتخاب من قبل المجلس كل عامين ونصف بدلا من عملية الاختيار التي وردت في مشروع الحكومة.

ورفعت اللجنة عقوبة المتدخلين في عمل الهيئة، أو إفشاء العاملين فيها أسرار ومعلومات وصلت لعلمهم، وعدم تحقق القطاع الخاص -خصوصاً المؤسسات المالية -من هوية المودعين وعدم تعاونه مع الهيئة فيما يتعلق بجرائم الفساد، أو علم أي من الموظفين العموميين أثناء تأدية الوظيفة بجريمة فساد دون الإبلاغ عنها، رفعتها من السجن لمدة لا تزيد عن ثلاث سنوات كما في مشروع الحكومة إلى فترة تتراوح بين ثلاث وخمس سنوات، وإقرار الغرامة بخمسة ملايين ريال بدلاً عن مليون فقط في حال طبقت العقوبة المالية.

وحرصت اللجنة على توفير اكبر قدر من الاستقلالية للهيئة المختصة وهي الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد التي سوف تنشأ بموجب هذا القانون في أدائها لعملها سواء من حيث موازناتها أو من حيث تعيين موظفيها وكذا منحهم صفة الضبطية القضائية وعدم تبعية هذه الهيئة لأي سلطة من سلطات الدولة.
كما منحت اللجنة الهيئة حق القيام بدراسات حول إنشاء محاكم إدارية مختصة، إضافة إلى دراسة وتقويم واقتراح وتطوير نظم التوظيف وتقديمها للجهات المختصة للأخذ بها لتعزيز نظم الاختيار والتأهيل والتدريب لشغل المناصب العامة الأكثر عرضة للفساد لضمان حسن الأداء وتعزيز مبدأ الشفافية في الوظيفة العامة ومنع تضارب المصالح بين الوظيفة العامة والقائمين بها.

إضافة إلى التنسيق مع الجهات المختصة لاسيما الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة لدراسة وتقويم وتطوير النظم المالية ونظم المشتريات والمناقصات والمزايدات الحكومية ونظم إدارة الموارد والاستخدامات والممتلكات العامة وتطوير آليات الرقابة بمختلف أنواعها وكذا التنسيق مع الجهات المختصة والجهات المعنية في القطاع الخاص بدراسة وتقويم وتطوير النظم والتدابير المتعلقة بالقطاع الخاص لتعزيز معايير وأنظمة المحاسبة والمراجعة لتعزيز شفافيتها ووضع الضوابط الكفيلة بمراجعة الحسابات والميزانيات العمومية والإلزام بمسك الدفاتر والسجلات المنتظمة ماليا ومحاسبيا.

ويمنح مشروع القانون الهيئة الحق في مخاطبة واستدعاء المعنيين من الموظفين العموميين أو موظفي القطاع الخاص أو أي شخص له علاقة للاستفسار حول واقعة تتعلق بالفساد وفقا للتشريعات النافذة ، ولا تسقط بالتقادم حسب مشروع قانون العقوبات المحكوم بها والمترتبة على جرائم الفساد (مالم يكن صدر بحقها عفو)، كمالا تسقط بالتقادم دعاوى الاسترداد والتعويض المتعلقة بجرائم الفساد.