أسامة مهدي من لندن: فشلت رئاسة مجلس النواب العراقي على مدى الايام الثلاثة الماضية من تأمين عقد جلسة مكتملة النصاب للمجلس لمناقشة قضايا العراقيين الذين انتخبوا اعضاءه من اجل معالجة اوضاعهم الصعبة الحالية وذلك بسبب غياب النواب الملحوظ منذ ان منع رئيس المجلس محمود المشهداني النقل التلفزيوني المباشر للجلسات وحظر دخول الصحافيين الى مقر المجلس . وازاء فشل المجلس اليوم ايضا في تحقيق النصاب القانوني لانعقاده والذي يقضي بحضور اكثر من نصف اعضائه البالغين 275 نائبا فقد اضطر المشهداني الى عقد جلسة تداولية غير رسمية بحثت امر تغيب النواب وحظر تغطية الصحافيين للجلسات وقضايا ملحة اخرى .

وأشار النائب قاسم داود من كتلة الائتلاف الشيعي إلى ان هناك برنامجا للإرهابيين والصداميين لهدم العملية السياسية بدأت بوادره بوقف العملية التربوية والتعليمية والخدمية ومحاولة إسقاط الحكومة المنتخبة . ووصف ظاهرة غياب النواب بالسلبية مؤكداً ان تشكيل اللجان لم تنجح في اثناء الأعضاء عن التغيب . اما النائب ظافر العاني من كتلة التوافق السنية فلم يتفق مع رأي النائب قاسم داود مطالباً بتوفير الأمن لدوام الجامعات لان إيقاف الحركة العلمية يعتبر عملاً تخريبياً . اما النائب عبد الكريم العنزي من الائتلاف الشيعي فرأى ان غياب الاعضاء غير مبرر ويدل على عدم المسؤولية .. فيما تمنى النائب حميد مجيد موسى من القائمة العراقية الوطنية بزوال هذه الظاهرة وقال انه يجب قبل نشر أسماء النواب المتغيبين ان يصار الى لفت نظرهم ثم ينذرون وبعدها يمكن اتخاذ اجراء ضدهم .

غياب الإعلام

واشار النائب نور الدين الحيالي الى مسألة غياب وسائل الاعلام عن تغطية أعمال المجلس مؤخراً هي التي عملت على إضعاف دور مجلس النواب .. لكن المشهداني رد على ذلك بأن منع دخول الأعلام للمجلس كان لأسباب امنية وانه اتخذ قراراً بأزالة هذا المنع يامس . بعد ذلك ابلغ السيد عارف تيفور بان وزير العدل سوف يحضر يوم الاثنين الى المجلس للاجابة على تساؤلات الاعضاء فيما يخص الملف القضائي.

ودأبت القنوات الفضائية العراقية على تقديم نقل مباشر لجلسات مجلس النواب ومناقشاتهم الحادة حول الاوضاع في البلاد لكن بعض الجلسات تحولت الى تراشق الاتهامات وتبادلها ازاء تصاعد العنف الطائفي الذي يجتاح العراق . وقد اصبح واضحا لجميع الملاحظين ان نواب الكتل البرلمانية بدأوا يستغلون النقل المباشر لنقاشاتهم من اجل استعراض قدراتهم على الانتقاد والهجوم او المناقشة وبشكل اخذ منحى دعائيا في الكثير من المناسبات لكتلهم وطروحاتها ومواقفها السياسية من الاحداث اليومية التي يشهدها العراق بهدف اسماع ناخبيهم بشكل مباشر وسريع quot;جهودهمquot; في التعبير عن رغباتهم وتطلعاتهم .
وكانت جلسة للمجلس الشهر الماضي شهدت تبادل كلمات نابية بين نواب شيعة وسنة اتهم كل جانب الاخر بالمسؤولية عن عمليات القتل التي يشهدها الشارع العراقي الذي بدأت تنعكس هذه النقاشات سلبا على اوضاعه الامنية مما احدى بالمجلس السياسي العراقي الذي يتراسه الرئيس جلال طالباني الى اتخاذ قرار بوضع ضوابط صارمة على تصريحات النواب ونقل اجهزة الاعلام لجلسات المجلس .

ثم طالبت النائبة جنان العبيدي ان تفعل هيئة الرئاسة قراراتها في مسألة غياب أعضاء المجلس وعرض غياب الجميع امام الكاميرات وبالتالي امام الرأي العام وقطع مرتب المتغيب كاملا . اما النائب عباس البياتي من الائتلاف فطلب اعادة النظر بعضوية النائب الذي تجاوز بغيابه اكثر من 25% من عدد جلسات مجلس النواب وادراج غياب اعضاء المجلس على برنامج المجلس السياسي للامن الوطني في حين ان الناب سلمان الجميلي من التوافق ان مسألة الغياب جاءت كردة فعل على دور البرلمان لممارسة دوره السياسي من خلال استضافة او استدعاء أعضاء الحكومة .
ومن جانبه اشار النائب سعدي البرزنجي من كتلة التحالف الكردستاني الى ان كتلة التحالف هي اكثر الكتل التزاماً بالدوام في المجلس اكثر من الكتل الاخرى كما عرج على مسألة دوام الكليات والجامعات مطالباً باخراجها من دوامة العنف والصراع في العراق . اما النائب هادي العامري من الائتلاف فقد انتقد اعضاء مجلس النواب لأنهم افرغوا المجلس من محتواه .

اما عدنان الدليمي رئيس كتلة التوافق فقد حمل ثلاث جهات مسؤولية استمرار غياب الاعضاء وهي رؤساء الكتل والنائب وهيئة الرئاسة مطالبا رؤساء الكتل البرلمانية حث اعضائها على الدوام في المجلس . وطالب النائب جلال الدين الصغير من كتلة الائتلاف بحرمان الاعضاء من كل الامتيازات التي يتمتعون بها ونشر اسماء الغياب امام وسائل الاعلام لاشعار النائب ان مصداقيته تتأثر امام ناخبيه وطالب ايضاً بمنع الاعضاء للسفر لاداء مناسك الحج . وقرر رئيس المجلس عقد جلسة البرلمان الجديدة يوم الاحد المقبل .

وبرغم ذلك فقد تم اليوم ايضا منع وسائل الاعلام من تغطية وقائع الجلسة التشاورية على الرغم من إعلان المشهداني في مؤتمر صحفي أمس رفع الحظر المفروض على الاعلاميين لتغطية وقائع المجلس منذ الاسبوع الماضى . وأوضح ان إجراء منع دخول الصحفيين والإعلاميين لمبنى مجلس النواب هو لأسباب أمنية واصفاً ذلك بأنه إجراء روتيني وعادي. وحمّل الإعلاميين والصحفيين مسؤولية بناء العراق الجديد، ودعاهم للعب هذا الدور كما انتقد بعض وسائل الإعلام التي تحرض على الفتنة الطائفية موضحاً أنّ الإعلام يجب أن يكون حرّاً بالتصرف ومبدئياً ويصحّح الخطى بأسلوب شفاف وبنّاء . وطالب في الوقت ذاته نقابة الصحفيين بأداء مسوده قانون لهم لغرض مناقشتها داخل البرلمان .

وأبلغت الدائرة الاعلامية في مجلس النواب وسائل الاعلام اليوم أن قرار رفع المنع لايزال مجمدا لحين وضع الاجراءات والضوابط لذلك . وكان المشهداني قرر الإسبوع الماضي منع الصحفيين من دخول قصر المؤتمرات الذي يقع داخل المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد وحرمانهم من تغطية جلسات البرلمان بدعوى أن المجلس السياسي للأمن الوطني قدم توصية بهذا الشأن بهدف quot;وقف التصعيد والإحتقان الطائفي.quot;