جاسم بودي

السؤال الاميركي الشهير اليوم:لماذا يكرهنا العرب والمسلمون؟ اما الاجابة فصدرت قبل فترة من اعضاء من الحزبين الجمهوري والديموقراطي الذين اصدروا تقريرا خلص الى ان العداء للولايات المتحدة وصل الى مستويات مذهلة ليس عند العرب والمسلمين فحسب بل عند الاوروبيين ايضا... لذلك فالسؤال الاصح هو: لماذا يكره العالم اميركا؟ ومع ذلك نحن معنيون باجابتنا.

اول الاجابات في اوساطنا يتوجه فورا الى ما حصل ويحصل في فلسطين والعراق مرورا بالانحياز الى الانظمة ضد شعوبها والانتصار للمصالح لا للمبادىء. سمعنا وسنسمع الكثير عن الكيل بمكيالين وغياب العدالة وتزوير التاريخ وخلط المعايير،فالارهاب الاسرائيلي quot;دفاع مشروع عن النفس والمقاومة لتحرير الارض ارهابquot; ... ومع ذلك لا بأس من المشاركة في الاجابة من مواطن كويتي تعيش دولته علاقات تحالف تاريخية مع الولايات المتحدة.

لن نكرر هنا ادبيات الكارهين لاميركا في دول تعيش حال مواجهة معها وبعضها صحيح ونتفق معه،نتحدث عن الكويت كمثال محدد فهي ديرتنا ونموذج يستحق الدراسة لخصوصية علاقتها باميركا. فاستمرار وجودنا دولة مستقلة عام 1991 يعود بعد الله سبحانه وتعالى وجهد قيادتنا اليها.
...quot;الشقيق العربي المسلم غزانا والاميركي الغربي المسيحي حررناquot;،معادلة لا تقبل التحوير مهما حاولت نخب سياسية ودينية ايجاد اعذار ومبررات لما حصل وتصويره كأنه جزء من مؤامرة وبترتيب مسبق.

والمعادلة الاخرى التي لا تقبل التحوير اننا وجدنا بعد التحرير تسابقا اميركيا على البنى المالية من مشاريع نفط واستثمار واعمار اكثر من التسابق على اعادة تأهيل البنى الحضارية من قوانين وقضاء ومؤسسات سياسية واجتماعية وتربوية وتعليمية. حمانا الاميركيون عسكريا لكنهم لم يكونوا بالحماسة نفسها في تطوير قدراتنا الدفاعية والعسكرية لنعرف كيف نحمي انفسنا مستقبلا. صنفنا الاميركيون حلفاء اساسيين لهم لكنهم حصروا ذلك حتى الآن بالشكر على مساعدتنا لهم أمنيا وعسكريا وبالتعاون الاقتصادي والتجاري،لكن للحليف الكويتي quot;الاساسيquot; كلمة يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار لا ان تسمع فقط، ورأي يجب ان يعتد به لا ان يذاع فقط في وسائل الاعلام، وسياسة يجب ان تحظى بمكان في مواقف الآخرين لا ان تبقى خارجها...فهل حصل ذلك؟

من القوانين وطرق احترامها وتطبيقها وآليات تطويرها بشكل مستمر الى العلوم والتكنولوجيا مرورا بالتشريعات التنموية المتعلقة بكل مناحي الحياة...تجارب لا يقارن وصولها الى quot;الحليف الاساسيquot; بوصول اعداد المارينز ورجال الاعمال والمقاولين بالظاهر والباطن ووكلاء الاسلحة والنفط . احتفظت الولايات المتحدة بافضل ما عندها وصدرت الينا اقسى صور القوة العسكرية والتنافس التجاري،بنت معسكرات ولم تبن مصانع،حصنت مراكزها بالاسمنت المسلح ولم تحصن مركزها بانسان مصافح محاور متفهم متعاطف، استثمرت في النفط والمال ولم تستثمر في الاستشفاء والتربية والصناعة والزراعة...
وقد يقول قائل:quot; بعض الموضوعية، فالدول الكبرى ليست جمعيات خيريةquot;.
نرد: هذا صحيح... اذا كان الهدف الاميركي المعلن غير صحيح. فالشعار الاميركي الراهن يربط بين الاصلاحات والتنمية والديموقراطية وبين المدخل الفعلي الى عالم اكثر امنا وامانا.
ونرد: غير صحيح اذا كان الهدف من الشعار استخدامه جسرا الى أمن بمفهوم السيطرة وأمان بمفهوم حماية خطوط النفط لا حقوق الانسان.

من موقع الصديق، نتمنى تجديد دماء السياسة الاميركية في المنطقة وجعل مهمتها اكثر انسانية ومنطقية وواقعية حتى تحقق اهدافها (المعلنة على الاقل) بتأمين أمن افضل للعالم وفي بيئة ديموقراطية اكثر تسمح باطلاق تنمية سياسية واجتماعية واقتصادية واسعة وبعلاقات تعايش حضارية مع quot;الآخرquot;.

وحتى نكون نحن واقعيين قبل ان نطلب من الآخرين ذلك نعتقد ان الاهداف الاميركية (ودائما المعلنة لاننا لسنا مغرمين بنظرية المؤامرة) تقترب بعض الشيء من غاياتها بقوة العسكر وتبتعد كثيرا عنها بمنطق السياسة، في منطقة آخر ما يريد ان يراه ابناؤها هو القوة والعسكر واكثر ما يريدونه السياسة والديموقراطية والتنمية...وهذا ليس كلاما عربيا انما هو كلام كتبه اميركيون اعتبروا ان ما فعلته دولتهم لم يساهم حتى الآن الا في تعميق الهوة بين ضفتي الحضارة.

الولايات المتحدة ليست جمعية خيرية... هذا صحيح،ولا اوهام لدينا بحجمنا لديها ولا بان كلامنا وكلام غيرنا سيجد آذانا صاغية...صحيح جدا،انما حسبنا المساهمة ولو بالكلمة من موقع الحليف والصديق والشريك في هم الامن والسلام،ومن موقع المستفيد الاول في تطوير انظمتنا ومؤسساتنا وانساننا وديموقراطيتنا،ومن موقع الرغبة في الاجابة على جزء من السؤال:لماذا يكرهنا العرب والمسلمون؟ رغم ايماننا بان بعض الاسئلة وضع بحثا عن مبررات لا اجوبة.

جاسم بودي
رئيس تحريرquot;الرأيquot;الكويتية