لندن: بدء العد العكسي لتنفيذ حكم الإعدام بالرئيس العراقي السابق صدام حسين بعد مضي حوالي أربعة أعوام على بداية الحرب في العراق، يبدو الحلم الأمريكي بتحويل البلاد إلى واحة للديمقراطية والاستقرار في المنطقة أقرب إلى التمني الذي لا يرجح أنه سيترجم إلى واقع ملموس، على الأقل على المدى المنظور.
صحيفة الغارديان البريطانية الصادرة صباح يوم الجمعة رسمت صورة قاتمة للحياة الراهنة في العراق من خلال ما أطلقت عليه quot;دليلا بالأرقامquot; نشرته على صفحتين كاملتين.

رسوم بيانية وخرائط وأرقام كثيرة ملأت كامل الصفحتين لتشكل الدليل على تدهور الأوضاع في البلاد خلال السنوات القليلة الماضية التي تلت سقوط بغداد وخصوصا السنة الحالية التي سال خلالها الكثير من الدماء بين العراقيين الذين يخشون انزلاق البلاد في أتون حرب أهلية مدمرة. فمن خلال لغة الأرقام هذه ترسم لنا الغارديان صورة قاتمة للحياة الجديدة في العراق، إنها حياة أناس يعيشون خلف وابل الرصاص والقنابل التي تتساقط على مدن البلاد من حولهم من كل حدب وصوب.

تتساءل الصحيفة باستغراب: ألا يبدو الأمر غير اعتيادي أن ينتظر المرء سبع ساعات بحالها للتزود بالبترول في بلد منتج للنفط؟ ومع دليل الغارديان للأرقام نتوقف لنرى أن عدد من قتلوا في العراق منذ بدء الحرب في العشرين من آذار/مارس عام 2003 يقدر بين 51,900 و57,500 شخص. أما عدد المسلحين في العراق فقد ارتفع من ما يقدر بـ 5000 مسلح في شهر نوفمبر/تشرين الثاني عام 2003 إلى حوالي 30 ألف في شهر أكتوبر/تشرين الأول عام 2006.

كما أدى ازدياد الهجمات الطائفية إلى موجات نزوح جماعية للعراقيين إلى أنحاء أخرى من البلاد أو البلدان المجاورة الأخرى. وبلغ عدد طالبي اللجوء السياسي من العراقيين بين عامي 2003 و2005 حوالي 889 ألف لاجئ. وتقول الصحيفة أن 12.9 مليون من العراقيين كانوا يحصلون على مياه نقية للشرب قبل الغزو مقابل 9.7 مليون فقط عام 2006. وتضيف أن انقطاع التيار الكهربائي أصبح متكررا وأن الطلب على الطاقة يفوق العرض بكثير. ورغم الانتشار الواسع لوسائل الإعلام الخاصة في البلاد بعد سقوط صدام، إلا أن عدد الصحفيين الذين قتلوا في أعمال عنف في البلاد قد بلغ 160 صحفيا منذ شهر مارس عام 2003، وهذا يشكل أكثر من 10 بالمائة من إجمالي عدد الصحفيين في العراق.

ولنبقى مع الغارديان وقضايا العراق، نقرأ في صفحات الرأي والتحليل مقالا لريتشارد ديكر يتحدث فيه عن quot;هشاشة العدالة في العراقquot;، يعرض فيه وجهة نظره في محاكمة صدام حسين. ويرى الكاتب أن الحكومة العراقية فوتت على نفسها من خلال محاكمة صدام فرصة حقيقية لتظهر مدى احترامها لحقوق الإنسان. ويضيف أن مجريات المحاكمة والسرعة في تصديق وتنفيذ حكم الإعدام بصدام ستبعث برسالة واضحة مفادها أن التدخل السياسي لا زال السمة الأبرز للعملية القضائية في العراق.

وعن الإعلان المتأخر عن مهاجمة الرئيس الأمريكي الراحل جيرالد فورد للرئيس الحالي جورج دبليو بوش حول غزوه للعراق، تتحدث الغارديان عن المقابلة التي كان قد أجراها الصحفي المخضرم بوب وودورد مع فورد ونشرها بعد رحيله حيث قال فيها معلقا على قرار الغزو: quot;لقد ارتكبوا ( القادة الأمريكيون) خطأ كبيرا بتشديدهم على أسلحة الدمار الشاملquot;.