أسامة العيسة من القدس : تفاخرت صحيفة الصنارة التي تصدر في مدينة الناصرة، مرتين في الأسبوع، بان الخبر الذي نشرته يوم الجمعة الماضي، عن اعتزام الدكتور عزمي بشارة، الاستقالة من الكنيست، تناقلته عدة وسائل إعلام اسرائيلية ووكالات انباء عالمية، ونشرت الصحيفة على موقعها الإلكتروني وصلات المواقع التي نقلت الخبر، وعادت وأكدت خبرها بتحديد يوم غدا الثلاثاء موعدا سيقدم فيه بشارة استقالته من البرلمان الإسرائيلي.
ونجحت الصحيفة التي لا تخفي اتخاذها موقفا ليس طيبا من بشارة، في إثارة الاهتمام حول عضو الكنيست العربي، الذي يطرح نفسه كمفكر قومي، وتنشر الصحيفة على موقعها منذ عدة اشهر ملفا عن بشارة بعنوان (من هو عزمي بشارة الحقيقي؟) يتصدره صورة مركبة لبشارة وهو يرتدي بزة عسكرية إسرائيلية وأخرى وهو يرتدي بزة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.

وبعد أن نشرت المواقع الإلكترونية العبرية الخبر يوم أمس، نقلا عن صحيفة الصنارة، اتخذ زخما غير متوقعا، فاهتم بذلك التجمع الوطني الديمقراطي الذي يترأسه بشارة الموجود حاليا خارج البلاد. واصدر التجمع بيانا وصف فيه ما ينشر حول استقالة بشارة بانها quot;شائعات مغرضة ضد التجمع وبشارة ضمن هجمة أمنية جديدةquot;. وجاء في البيان المقتضب quot;ينفي التجمع الوطني الديمقراطي أخبارًا غير دقيقة وغير صحيحة تناقلتها وسائل الإعلام بخصوص استقالة د.عزمي بشارة ونواب التجمع، ما لدى التجمع ليقوله للجمهور العام، سيقوله لهم مباشرة، عزمي بشارة متواجد خارج البلاد ضمن برنامج واسع موضوع سلفا في ضمن عطلة الكنيست الحالية، خاصة انه لم يغادر البلاد طيلة العام وتراكمت عليه مواعيد وانشغالات كثيرةquot;.
ونشر موقع عرب 48 المقرب من بشارة تصريحات لعوض عبد الفتاح، سكرتير عام التجمع، قال فيها quot;تثار في الآونة الأخيرة شائعات ضمن حملة تحريضية على التجمع والأحزاب السياسية والجماهير العربية، وإن هدف هذه الشائعات هو إثارة البلبلة بين الناس، تحضيرًا للهجمة القادمةquot;.
ولم يوضح عوض ما هو المقصود بـ quot;الهجمة القادمةquot; ولكنه يبدو انه يقصد ما تردد عن ان الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تجري تحضيرات ضد التجمع ورئيسه بشارة، وهو ما كان موقع عرب 48 وصحيفة فصل المقال الناطقة باسم التجمع قد أشارت إليه مؤخرا اكثر من مرة، بعد أن نشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية تقريرا لجهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) اعتبر فيه الفلسطينيون الذين يعيشون في إسرائيل ويحملون جنسيتها quot;يشكلون خطراً استراتيجياً على إسرائيلquot;.
ورغم هذا النفي الذي أراده التجمع مقتضبا كي يضع ما نشر عن الاستقالة المفترضة في حجمه الطبيعي، فان بعض الأوساط لم تعتبره نفيا واضحا ونهائيا.
ولم تأبه صحيفة الصنارة، بنفي التجمع، فنشرت اليوم على موقعها الإلكتروني تقول أنها علمت quot;من مصادر رفيعة المستوى أن عضو الكنيست عزمي بشارة سيقدم يوم غد الثلاثاء كتاب استقالته من الكنيستquot;.
وأضافت quot;ويذكر أن بشارة كان قد ترك البلاد قبل أسبوعين، وعاد يوم الخميس لعدة ساعات للمشاركة في عرس بالناصرة، لكنه عاد إلى الخارج صباح الجمعة برفقة عضوي الكنيست جمال زحالقة وواصل طه وهناك قرر إرسال كتاب الاستقالة وتقديمه للكنيست بواسطة أحد زملاءهquot;.
وأكدت الصحيفة بان بشارة سيلعن quot;عن استقالته في فضائية الجزيرة كما سيصدر حزبه نشرة خاصة حول الموضوعquot;.
واعاد النشر عن الاستقالة المفترضة لبشارة، الاهتمام الإعلامي بهذا الناشط الفلسطيني الذي بدا حياته السياسية في الحزب الشيوعي الإسرائيلي، وبرز من خلال قيادته لفرع الحزب في الجامعة العبرية بالقدس، أواخر سبعينات القرن الماضي، وفي فترة لاحقة برزت خلافات بينه وبين الحزب، ولكن هذا لم يمنع أن يذهب للدراسة في ألمانيا الشرقية السابقة مبعوثا من الحزب، وعاد يحمل شهادة الدكتوراه في الفلسفة، فعمل أستاذا للفلسفة في جامعة بير زيت، وشكل, تجمعا قوميا، مع شخصيات من حركات فلسطينية قومية ووطنية أخرى، ونجح في الوصول إلى الكنيست الإسرائيلي اكثر من مرة.
وأثارت مواقفه السياسة الجدل، وزاد خصومه من حزبه الشيوعي القديم، إلى التجمعات القومية الفلسطينية في إسرائيل، التي رأت في خوض انتخابات الكنيست اعترافا بشرعية إسرائيل، وهو ما يناقض برأيها الفكر القومي العربي.
وخطا بشارة خطوة أخرى في سلم صعود نجمه، بزيارته لدمشق ولقاءه الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، وفيما بعد قال الصحافي محمد حسنين هيكل بأنه من رشح بشارة للأسد لكي يسمع منه عن الوضع في إسرائيل.
وتكررت زياراته لدمشق، واشاع خصومه، بأنه ينقل رسائل سرية بين تل أبيب ودمشق، وبعد أن ألقي خطابا في جنازة الرئيس السوري الراحل، رأت الأوساط الإسرائيلية الرسمية في مضمون خطابه خرقا للقانون الإسرائيلي فبدأت إجراءات لتقديمه للمحكمة، وتكررت إشكالياته مع المؤسسة الإسرائيلية الرسمية، بسبب زياراته لدمشق وبيروت.
هل سيستقيل بشارة من الكنيست غدا؟ كما تقول صحيفة بينها وبين عضو الكنيست العربي ما صنع الحداد، إن غدا لناظره لقريب.