فبعد تفجر الاقتتال بين الحركتين المتصارعتين، بدت الشوارع شبه خاليه من المارة الذين اثروا البقاء في منازلهم خشية تعرضهم للرصاص، في حين أقفلت الأمهات شبابيك منازلهن على أطفالهن، حيث منعوا من الاستطلاع والاستكشاف لطالما لقي الكثير من الفلسطينيين رصاصة الموت عبر شرفة منازلهم.
وقد أقفلت اليوم عشرات المؤسسات الرسمية والأهلية والمدارس، أبوابها رغم انه لا يفصلنا عن موعد الفحص النهائي لطلاب المرحلة الابتدائية والإعدادية سوى أيام معدودة، وذلك حفاظا على أرواح طلابها وطالباتها.
أبو احمد صاحب محل صغير لبيع الملابس بالقرب من عيادة quot;الاونرواquot;، أغلق باب محله منذ ساعات الصباح وفضل قضاء الوقت مع أطفاله بعيدا عن أزيز الرصاص، وصفارات سيارات الإسعاف التي تنقل الجرحى والقتلى من حين لأخر، في حين لم يخف خشيته من رصاصة طائشة قد تضع حدا لحياته.
السيناريو ليس بجديد على الفلسطينيين، حيث عايشوه على مدار سنوات طويلة من الاحتلال الإسرائيلي، غير أن مذاقه هذه المرة مختلف تماما، لاسيما وانه من رصاص ما يصفهم الشارع الغزي بـquot;الإخوة الأعداءquot;.
وقد بدا الأطفال بوجوههم الشاحبة مرتعبين من شدة إطلاق الأعيرة النارية، وخوفا من إفساد الاقتتال الداخلي العطلة الصيفية التي باتوا بانتظارها على الساعة، كما نغصت عليهم العام الماضي، حيث حرموا من رحلات التنزه والاستجمام وبقوا حبيسي المنازل.
الطفل رامي في ربيعه التاسع، تساءل لماذا الاقتتال والحرب بين فتح وحماس، غير أن سؤاله لم يكن بانتظار جواب مباشر، خاصة وانه يريد أن يوصل معلومة بطريقة أخرى، وهي quot;لماذا تريد quot;فتح ndash; حماسquot; تنغيص العطلة الصيفية علينا؟quot;.
ويقول رامي، quot; بان العطلة الماضية لم نفرح بها، وحرمنا من رحلات البحر والتنزه وحتى الزيارات للأقاربquot;، وبحسب الطفل الذي بدا يحمل هما اكبر من سنه، فان والده موظف حكومي ولم يتقاض معاشه بالكامل منذ العام الماضي، مما دفعه للتقليل من الزيارات الصيفية.
سناء في منتصف العقد الثالث، كانت تخطط هي الأخرى برحلة استجمام إلى العريش وزوجها وطفليها، حيث تمكنت رغم الضائقة المالية التي يمر بها الجميع من توفير 700 دولار من راتبها على مدار الشهور الماضية.
وتقول سناء التي تعمل مدرسة في إحدى مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين quot;الاونرواquot;،quot; اتفقت أنا وزوجي الذهاب برحلة بتكلفة بسيطة وهي إلى مدينة العريش بعد انتهاء امتحانات المدارس، غير أن الاقتتال الداخلي يبدو سيفسد المخططquot;. وتبعد مدينة العريش المصرية عن رفح الفلسطينية، قرابة الساعة بسيارات الأجرة التي تنتظرك على المعبر، وبتكلفه لا تتعدى أكثر من 5 جنيه مصري.
من جهتها أعربت الحاجة أم طلال في العقد السادس من عمرها، عن مدى قلقها وخوفها لتصاعد الأحداث في قطاع غزة، مشيرة إلى أن أحفادها يبكون الليل والنهار عند سماعهم الرصاص.
وتقول أم طلال التي تشتهر بحيها بما يسمى quot;قطع الخوفهquot;، quot;العشرات من الأمهات يحضرن لمنزلي لقطع الخوفه لهن وأطفالهنquot;، مشيرة بلهجتها بان هناك الكثير من النساء والأطفال quot;معرقبينquot; أي بمعنى أن الخوفة مأثرة بهم بشدة.
التعليقات