الإرهاب الفكري يمزقهم
أفكار القاعدة تغزو عقول شباب غزة

سمية درويش من غزة: نجح تنظيم القاعدة الذي يتزعمه أسامه بن لادن، بغزو عقول شباب غزة وإجراء عمليات غسيل لأدمغة المدينة التي تئن تحت أوجاع الفقر والاضطهاد، ومزقتها الحرب الفصائلية الطاحنة. ولم يعد هناك أي من الممنوعات أو المحرمات في قطاع غزة في ظل غياب القانون وتفشي الفلتان الأمني، حيث زاد طلب الشباب العاطل عن العمل، على الأقراص المدمجة quot;الاسطواناتquot; والتي تتضمن خطابات وشعارات رنانة لاسامه بن لادن، وعمليات الذبح التي تقوم بها جماعاته في أنحاء المعمورة.

4 شيكل فقط أي ما يقارب دولار، ثمن الاسطوانة الكفيلة بغسل أدمغة الشباب الذين لم يجدوا أي من المؤسسات للاهتمام بهم بعدما اشتد الحصار، وارتفعت سخونة المعركة السياسية.

ياسر 19 عاما لم تعد شفرة الحلاقة تجد طريقها على خده الناعم، يضع في غرفته الخاصة صورا لاسامه بن لادن وأتباعه، واسطواناتهم تفرش مكتبه. يقول ياسر، بان الاسطوانات اشتريها من وسط غزة وهناك الكثير من الباعة يفترشونها على بسطاتهم، مشيرا إلى الفراغ القاتل والذي دفعه لاقتناء اسطوانات quot;الشيوخquot; كما قال، للتعرف على أفكارهم. ورغم أن ياسر يقتصر حياته داخل غرفته الخاصة، ولم يختلط بأي من الأصدقاء، إلا أن الاسطوانات التي تباع دون حسيب أو رقيب وسط غزة تشكل خطرا على نمو أفكاره.

ولم تقتصر الاسطوانات عما يدور في العراق الشقيق من عمليات ذبح متواصلة على أيدي جماعات إسلامية متطرفة، حيث انتقل المشهد المسرحي الهزيل لقطاع غزة، بعدما تناقلت وسائل الإعلام شريطا مسجلا للرهينة البريطاني الان جونستون الذي اختطف في آذار quot;مارسquot; الماضي بغزة على أيدي جماعة مسلحة.

وقتل في شهر أيار quot;مايوquot; الماضي 82 مواطنا في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية على خلفية الانفلات الأمني، كان من بينها 72 حادثة وقعت في قطاع غزة و10 حوادث في الضفة الغربية.

وفي ظل احتدام وطيس الحرب بين حركتي فتح وحماس، شقت جماعات إسلامية طريقها في غزة عبر تفجيراتها التي طالت المقاهي وصالونات التجميل وغيرها من أماكن تقول بأنها بؤر quot;للفسوقquot;، حيث وصل الحال لتهديد العاملات في تلفزيون فلسطين بـquot;اجتثاث الأعناقquot; لعدم تغطيتهن شعورهن. ويرى الكثير من المحللين والسياسيين، بان تلك الجماعات الإسلامية باتت تشكل خطرا كبيرا على قطاع غزة، بسبب بياناتها المتواصلة والتي تهدد من حين لأخر باستهداف مراكز ومحلات ومؤسسات.

ولعل ما اتفق عليه الكثير، بان أفكار تلك الجماعات تسير على نهج القاعدة، بسبب ما تقوم به من عمليات وضرب لمؤسسات مدنية وقتل لفلسطينيين، دون أن تطلق رصاصة واحدة على الاحتلال الإسرائيلي، وهذا ما عودتنا عليه القاعدة.

د. جمال نزال المتحدث باسم حركة فتح، يرى بان تهديدات محلية هي أخطر على هيئة الإذاعة والتلفزيون من نقص المال، مبينا بان نقطة القوة الرئيسية للإعلام الرسمي هي التعددية، وهناك من يسعى لطمسها بالقوة كي يكون المواطنون عبيدا أو أرقاما بلا هوية تميز شخصيتهم وتعبر عن انتمائهم لهذا المربع أو ذاك في قلب الخارطة الاجتماعية لهذا البلد.

من جهته لفت المحلل والكاتب الفلسطيني محمود أبو الهيجاء، إلى إن الفوضى بصفة عامة التي يريدون إشاعتها اليوم في غزة ستؤدي إلى اتساع مساحة غزة على كل صعيد حتى لربما تصبح هي العالم بأسره. وقال بان غزة ليست هي كل فلسطين، وهذا يعني ببساطة شديدة أن تلفزيون فلسطين على سبيل المثال المتواضع ليس هو تلفزيون غزة التي تريد جماعات quot;السلف الصالحquot; جعلها إمارة الأمير، ومبتدأ الخلافة تعود مرة أخرى في الألفية الثالثة فتريد تفصيل التلفزيون على مقاس قراءاتها الجامدة للفقه والشريعة وباتهامات تحشوها في بيانات مرعية.

واستطرد أبو الهيجاء قائلا، لعل quot;سيوف الحق الإسلاميةquot; لا تدري أن هناك احتلالا إسرائيليا ينبغي أن تكون جاهزيتها تامة لدحرهquot;. ويرى الكثير من الساسة، بان وجود القاعدة في فلسطين سيكون مؤذيا لحماس لأنها ستحاول اجتذاب عناصر ومؤيدين لها وليس من التيارات العلمانية، لاسيما في ظل الانقسام الذي تشهده حركة حماس بسبب اتفاقات التهدئة مع الاحتلال.