فوزه يعني الكثير لاولمرت
باراك اصبح بيضة قبان في العمل السياسي الاسرائيلي

أسامة العيسة من القدس: عندما أعلنت النتائج النهائية للانتخابات التي جرت لرئاسة حزب العمل، لم يكن فقط ايهود باراك، الذي أعلن فوزه بهذه الانتخابات، هو فقط من تنفس الصعداء، ولكن آخرين فعلوا مثله بعد أن فاز في معركة قاسية وصعبة مواجها خصمه العنيد عامي ايالون، ومن بين هؤلاء المحيطين بباراك والذي يعني فوزه، عودتهم مرة أخرى إلى مسرح الأحداث مثل الوزير وعضو الكنيست السابق صالح طريف، والوزير الحالي بنيامين بن اليعيزر، أما الشخص الذي كان فوز باراك يعني له الكثير فهو شخص آخر من غير حزب العمل، ولكن نتائج الانتخابات ستكون مؤثرةفي مستقبله السياسي، وهو ايهود اولمرت زعيم حزب كاديما، ورئيس الوزراء الإسرائيلي.

ويسود الاعتقاد في الساحة السياسية الإسرائيلية الداخلية، أن هناك اتفاقا مسبقا بين اولمرت وباراك، أن يتم في حالة فوز الأخير برئاسة حزب العمل، أن لا يعمل على سحب حزبه من الائتلاف الحكومي، ويقدم دعمه لاولمرت، ويتولى حقيبة الدفاع في الحكومة التي يقودها اولمرت، بدلا من عمير بيرتس زعيم حزب العمل السابق، الذي اعرب عن رغبته في تولي حقيبة المالية.

ويطمح اولمرت أن يشكل مع باراك، ثنائيا من شانه إطالة عمر الائتلاف الحكومي، الذي يواجه وضعا صعبا بعد الفشل الذريع في حرب لبنان الثانية.
ورغم أن باراك الذي أعلن في أيام حملته الانتخابية الأولى لرئاسة حزب العمل، بأنه سيدعم اولمرت، إلا انه اضطر لاحقا، ولكسب المزيد من الأصوات في حزبه، ان يعلن انه سيعمل على سحب الحزب من الائتلاف الحكومي، الا ان أيا من المراقبين لم يأخذ هذا الكلام على محمل الجد، لذا فان الأرجح ان يعطي فوز باراك برئاسة حزب العمل، مزيدا من العمر للحكومة الحالية برئاسة اولمرت.

ورغم ان اولمرت، اكبر المستفيدين من فوز باراك، إلا انه لم يكن أول من سارع لتهنئته بالفوز الصعب الذي حققه في الجولة الثانية، بعد جولة أولى صعبة أيضا، وانما كان أول المهنئين بنيامين نتنياهو رئيس حزب الليكود، الذي يعتبر باراك خصما لدودا له.وترشح الاستطلاعات التي تجرى لمعرفة اتجاهات الرأي العام الإسرائيلي، نتنياهو ليكون رئيس وزراء إسرائيل المقبل، لو جرت الانتخابات الان.

ويعتقد أن أحد الأسباب التي دفعت أعضاء حزب العمل للتصويت لباراك، هو انهم يرون فيه افضل مرشح يمكن أن يواجه نتنياهو، لو جرت الانتخابات لرئاسة الوزراء الان أو في الأشهر المقبلة، ولديهم ثقة بأنه سيقود حزب العمل للفوز، بعد الأوضاع الصعبة التي يعيشها اولمرت وحزبه.وكان باراك قاد حزب العمل للفوز على حزب الليكود برئاسة نتنياهو عام 1998، وهو الأمر الذي لم ينسه نتنياهو حتى الان.

ولم تكن المكالمة التي آجراها نتنياهو مع باراك، فقط للمجاملة، بمناسبة فوز الثاني، ولكن نتنياهو ذكر باراك، بأنه وعد في حالة فوزه العمل على تقديم موعد الانتخابات للكنيست.وقال نتنياهو لباراك quot;اتمنى أن تفي بوعدكquot;، وهو ما يسعى إليه حزب الليكود الذي يطمح للعودة إلى صدارة العمل السياسي في إسرائيل، مستفيدا من نتائج استطلاعات الرأي العام.

ويجد باراك نفسه الان بيضة القبان، بين اولمرت الذي يريده أن يفي بوعده بدعم الحكومة، وهذا ما يشكل قشة الإنقاذ لرئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي، وبين نتنياهو الذي يبدو مستعجلا ليجلس على مقعد رئاسة الوزراء.

ونسي الاثنان بان باراك أيضا يطمح للعودة إلى كرسي رئاسة الوزراء، ولكنه يبدو غير مستعجل، ويتوقع أن يفي باتفاقه مع اولمرت، ويتولى حقيبة الدفاع في حكومة الائتلاف، مراهنا على ان أداءه في وزارة الدفاع، سيزيد رصيده لدى الجمهور الإسرائيلي عندما تجري الانتخابات البرلمانية المقبلة.

ومن الذين تأثروا بفوز باراك، رئيس حزب العمل السابق عمير بيرتس، الذي تنافس في الانتخابات لرئاسة حزب العمل، ولكنه خرج من الجولة الأولى، وفي الجولة الثانية، أعلن بيرتس عن دعمه لعامي ايالون، وطلب من أقطاب معسكره التصويت لايالون.وسارع بيرتس للاتصال بباراك لتهنئته، وقال له إنه على استعداد للعمل معه، وانه لا ينوي التعرض له مثلما فعل الآخرون من اقطاب حزب العمل.

وفي وقت لاحق اتصل اولمرت بباراك، ليهنئه ويقول له إنه ينتظر منه الكثير، واتفقا على اللقاء قريبا، وتصرف المقربون من اولمرت، ازاء فوز باراك وكأنه فوز لاولمرت، وان فوزه يعني انه اصبح بحكم وزير الدفاع في حكومة الائتلاف الحكومي.وقال أحد مقربي اولمرت، ان هذا سيلتقي باراك قبل سفر رئيس الوزراء إلى واشنطن، ليطلعه على آخر التطورات السياسية، والمواضيع التي سيطرحها اولمرت مع الرئيس الأميركي.

وأنظار باراك ليست فقط متجهة نحو خارج حزب العمل، ولكن أيضا إلى داخل هذا الحزب، خصوصا وان الفرق بينه وبين منافسه ايالون ليس كبيرا، فباراك فاز بـ 51.3% بينما حصل ايالون على 47.7% من الأصوات.وقال باراك في خطاب الفوز الذي ألقاه في تل أبيب بعد نشر نتائج الانتخابات عزمه على قيادة حزب العمل لما وصفه تحقيق أهداف هذا الحزب مع عامي أيالون وغيره من أعضاء الحزب.

وشكر باراك سلفه بيرتس على فترة توليه رئاسة حزب العمل، وقال ان quot;مسيرة طويلة تبدأ الان لإعادة القيادة المتوازنة والمسؤولة للدولةquot;.وأضاف وكأنه وزير للدفاع quot;سأبذل قصارى جهدي لتعزيز أجهزة الأمن وجيش الدفاع وإعادة قوة الردع والحسم لدولة إسرائيلquot;.وبالنسبة إلى وضع حزب العمل الداخلي قال quot;ستعمل قيادة الحزب الجديدة على رص الصفوف في الحزب وتوحيدهاquot;.وكان يعلم وهو يلقي كلمته أن كثيرين لم تغمض عيونهم مثله انتظارا لنشر النتائج النهائية، من داخل حزب العمل ومن خارجه.