إيلي الحاج من بيروت : فاجأ النائب الجنرال ميشال عون اللبنانيين بتحديد اليوم الأحد 12 تشرين الأول / أكتوبر موعداً لزيارة طهران بناء على دعوة مفتوحة من قيادة الجمهورية الإسلامية في إيران كان قد تلقاها قبل أسابيع، ومرد المفاجأة إلى أن إعلان الزيارة جاء قبل وقت قصير من توجه رئيس الجمهورية ميشال سليمان إلى المملكة العربية السعودية، حيث يلتقي الملك عبدالله بن عبد العزيز وكبار المسؤولين في زيارة تبدأ الأحد وتستمر يومين، بحيث تزامن الموعدان عمداً، واضطر الجنرال من أجل quot;ضبط التوقيتquot; سياسياً إلى التخلي عن إحياء ذكرى إطاحته وإخراجه من القصر الجمهوري يوم 13 تشرين الأول 1990 في موعدها ، والإكتفاء بلقاء مختصر في قاعة مقفلة من دون لقاء شعبي وقبل يومين من حلول الذكرى، التي ستمر للمرة الأولى منذ عودته من المنفى وهو خارج لبنان، وأكثر في البلد الذي كان الأبعد عنه عقائدياً وسياسياً: إيران.

وأتبع عون خطوته بإشادة متكررة بإيران، معتبراً إياها quot;القوة الإقليمية الوحيدة الواقفة على قدميها، ولها علاقات وطيدة مع قسم كبير من اللبنانيينquot;. وقال أيضاً إنه ينطلق في زيارته لإيران من موقعه المسيحي وانه سيتحدث في طهران أمام القادة الايرانيين quot;باسم مسيحيي الشرق وليس لبنان وحدهquot;، وسيؤكد على quot;رسالة المسيحيين الإنفتاحية التاريخيةquot;. وأضاف أنه قرر زيارة ايران في هذه اللحظة مدركاً ان كثيرين سيلحقون به quot;عندما يرون المعطيات تتغير على ارض المنطقة في الأشهر القليلة المقبلةquot;.

وسيلتقي quot;الجنرالquot; ( لقبه بين أنصاره) خلال الزيارة التي تستمر خمسة أيام الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ووزير الخارجية منوشهر متكي ونواباً في البرلمان الإيراني ورئيس مجلس الشورى علي لاريجاني، في حين يتابع دبلوماسيون عرب وأجانب وسياسيون في بيروت مدى انعكاس سياسة عون على شعبيته المنحسرة في شكل لافت في بيئته المسيحية.

ولاحظ هؤلاء أن عون حدد موعد الزيارة لإيران بعدما استثناه مساعد وزير الخارجية الأميركية من اللقاءات التي أجراها مع القادة السياسيين خلال زيارته الأخيرة لبيروت التي استمرت أياماً.

وعلى غرار حلفائه في تحالف قوى 8 آذار/ لم يتلق الجنرال عون دعوة لزيارة المملكة العربية السعودية، وإذا كان رئيس حركة quot;أملquot; ومجلس النواب نبيه بري يتعامل مع هذه المسألة بتفهم ويكتفي بعلاقة ودية مع السفير السعودي عبد العزيز خوجة، فإن الأمر يختلف مع عون الأشد انفعالاً.

وقال دبلوماسي عربي لـquot;إيلافquot; السبت: quot; تابعت خطاب quot;الجنرالquot; مع أنصاره ولحظت فيه تركيزاً على موضوع المال، فالرجل يدأب على مهاجمة الحكومة ورئيسها والقوى التي تؤيدهما من زاوية إتهامهم جميعاً وباستمرار بارتكابات مالية، ولم يوفر الرئيس الراحل رفيق الحريري والمشاريع الإنمائية التي نهض بها في لبنان، والذي عاكسته ظروف سياسية فرضها النظام السوري السابق وquot;حزب اللهquot; وبقية حلفاء عون حالياً. إنما السؤال: هل لا يزال اللبنانيون ولا سيما المسيحيون منهم يحكمون على الأمور بحساسية غير عقلانية عندما يحدثهم أحد عن المال؟ وهل يجارون عون في اعتقاده أن المال الإيراني نظيف وطاهر أما غير الإيراني والذي يقدم للدولة اللبنانية هو نقيض النظافة والطهارة؟quot;.
وأبدى الدبلوماسي اعتقاده أن quot;خيار عون التحالف مع إيران هو خيار استراتيجي، يبنيه على أساس اقتناع بأن الأقليات يجب أن تتحالف في دول المنطقة لمواجهة الغالبية السنية فيهاquot;.

وكان عون استقبل الابطال عند عودته من منفاه في باريس إثر انسحاب الجيش السوري من لبنان في نيسان/ أبريل 2005 ، لكنه انقلب لاحقاً على مبادئه وانضم شريكاً غير متوقع إلى محور حلفاء سورية وإيران في لبنان، لكن كثيرين من أنصاره يقولون إنه لم يغير في سياسته.