كامل الشيرازي من الجزائر: دعا الوجه السياسي الجزائري المخضرم عبد الحميد مهري، إلى إعادة صياغة جدية لدستور بلاده، ورأى مهري أنّ quot;صدقية النواياquot; تقتضي إتخاذ ترتيبات دستورية مناسبة تحدد طرق اتخاذ القرار في القضايا التي تؤثر على مستقبل الأمة، بشكل يكرّس توافقا اجتماعيا وسياسيا واسعا ويبتعد بالجزائر عن quot;المآزق العقيمةquot;.
وبدا من خلال رسالة بعث بها مهري إلى الرأي العام المحلي وتلقت quot;إيلافquot; نسخة منها،quot; أنّ الرجل يؤيد تعديلا دستوريا عميقا مغايرا لمنظور السلطات في مراجعة الدستور الحالي بعدما راج أنّ التعديل الدستوري المقبل سيكتفي بترك عدد الولايات الرئاسية مفتوحا، بعدما ظلّت محددة باثنتين في السابق وهو ما كان يعيق خطة بقاء بوتفليقة رئيسا إلى ما بعد2009.
وفيما بات مؤكدا أنّ عملية مراجعة الدستور سيتم طرحها على نواب غرفتي البرلمان لتزكيتها مباشرة، دون فتح نقاش عام أو استشارة الجماهير بواسطة استفتاء شعبي، أبرز مهري حساسية إشراك العدد الأكبر من المواطنين في الاختيارات الإستراتيجية، ورأى في ذلك ضرورة قصوى لتجنب المآزق العقيمة، ودفع الدعوات المشبوهة، وتأكيد التعبير المستقل للجزائريين، مشيرا إلى أنّ الشعب الجزائري المثخن بجراح كفاح طويل في سبيل حريته واستقلاله، لم تفتر إرادته لا في بناء مستقبل يرقى لمستوى تضحياته ولا في الانفتاح المتبصر، ومن حقه أن يكون مطلعا كل الاطلاع على الملفات الهامة التي تؤثر على مستقبله، ويمكن أن تزعزع حتى أسس الدولة الديمقراطية التي ينشدها، على حد ما ورد في الرسالة المذكورة.
وانتقد مهري ما تتسم به الحياة السياسية والمجتمعية الحالية في الجزائر، إذ استهجن غياب النقاش والتشاور وانحسار دور المؤسسات المنتخبة، ولفت إلى أنّ هذه النواقص ستكتسب خطورة خاصة عندما تؤدي لمعالجة سطحية لهذه الملفات، وحشرها في سياق التسيير العادي للسياسات، وأبدى الزعيم السابق لجبهة التحرير الجزائرية (الحزب الحاكم)، استياءه من كون معالجة قضايا خطيرة كملف الانضمام إلى quot;الاتحاد من اجل البحر الأبيض المتوسطquot;، لم تمرّ عبر دراسات دقيقة، ومشاورات، ونقاش متعدد الأطراف، وتدخلات من المؤسسات المنتخبة واستشارات شعبية، وأعطى مهري الانطباع بعدم رضاه عن سياسة الجزائر الخارجية، إذ لم يستسغ معطى أنّ غاية ما حظي به الرأي العام هو خطاب مبني على العموميات والبديهيات وإبراز بعض الالتزامات النظرية.
وإذ أعاب على مسؤولي بلاده معالجتهم ملفات كبرى بأسلوب يغلب عليه التردد والتقريبية ويفتقد للشفافية والنظرة البعيدة، حذر مهري السلطات الجزائرية من عواقب إقامة علاقات مع الحلف الأطلسي والنظام الفرنكوفوني، ورأى مهري في ذلك دفعا بالبلد إلى عدم تطوير سياسته الخارجية المستقلة، وانصياعا مهذبا للصيغة الأمريكية للسلام في الشرق الأوسط، منتقدا أيضا الانضمام الجزائري للاتحاد المتوسطي، حيث سوّغ الأخير بكونه (صيغة لبقة) لتمديد اتفاقيات برشلونة المخيبة للآمال.
التعليقات