مستشاروه يأملون بفتح صفحة جديدة مع سوريا تؤدي الى استقرار الوضع في لبنان والعراق!
أوباما ينتظر حكومة اسرائيليّة جديدة تشكّل في شباط فبراير المقبل قبل أن يتدخّل في عملية السلام

الانتخابات الامريكية

زكي شهاب من واشنطن: يواجه باراك أوباما أول رئيس أميركي من أصل أفريقي يُنتخب في تاريخ الولايات المتحدة تحديات على الصعيد الدولي .ووفقاً لأوساط مقربة من الرئيس المنتخب تحدثت لquot;إيلاف quot; فإن أوباما ليس في وارد تخييب امال ناخبيه الذين صوتوا لصالج إنتهاج سياسة خارجية وبشكل يختلف عن السياسات التي انتهجها الرئيس جورج بوش على مدى السنوات الثمانية من حكم الجمهوريين للبيت الأبيض والتي تبنّى سياسة المواجهة والتصرّف على أساس quot;القوّة العظمى الوحيدة في العالمquot;.

ومع أن ستة من كل عشرة ناخبين كان الوضع الاقتصادي هو العامل الأبرز في تقرير لمن يدلوا بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية كانت السياسة الخارجية لدى كل واحد من عشرة ناخبين هي العامل الذي أدلى هؤلاء على أساسه بأصواتهم لأي من المرشحين.

وسيتسلّم الرئيس المنتخب منصبه في العشرين من شهر كانون الثاني يناير المقبل وأمامه حربان تخوضهما بلاده في العراق وأفغانستان الى جانب الحرب على الارهاب. ورغم تصريحات الزعيم الديمقراطي انه يريد انهاء الحرب في العراق واعادة جنوده الى بلادهم ولكن بـ quot;مسؤوليةquot; عبر اعطاء الحكومة العراقية الوقت الكافي لتعزيز قواتها وتأهيلها لتحلّ محل القوات الأميركية قبل أن تبدأ الانسحاب خلال ستة عشرة شهراً بحيث تستكمله مع نهاية أيار مايو من العام 2010.

مثل هذا الموقف لأوباما يعتبر نجاحاً باهراً في حال تحقيقه وان كانت حربه ضد تنظيم القاعدة والقيام بأعمال عسكرية ضدها ستتواصل مما يعني انه من غير المتوقع أن يؤدي موقفه الى انسحاب شامل من أفغانستان. وقد جدّد أوباما موقفه هذا يوم الجمعة الماضي حين أكّد على أن حربه ضد تنظيم القاعدة ستتواصل بلا هوادة وأنه يودّ رؤية أسامة بن لادن معتقلاً ليواجه محكمة أميركية أو مقتولاً حتى لو احتاج الأمر الى الدخول الى باكستان سواء وافقت حكومتها أم لا.

ويعتبر الوضع في افغانستان أكثر تعقيداً لأوباما من العراق بسبب النفوذ المتزايد لحركة طالبان، الأمر الذي سيجبره على التركيز على معالجته، وان كان قد صرّح بأنه ليس في وارد ارسال قوات اضافية الى هناك.

وما ينوي أوباما أن يكون طابعه المميز والمختلف عن سياسة جورج بوش على الصعيد الخارجي هو ربح quot;معركة الأفكارquot; والتركيز على التعامل مع الدول والحركات المعتدلة في العالمين العربي والاسلامي من خلال التركيز على المبادئ التي تسعى الولايات المتحدة الى تحقيقها ومن خلال شراكة حقيقية تنجح في مواجهة تنظيم القاعدة وأفكاره.

ورغم تأكيد الرئيس المنتخب على أنه لن يتردد في اللجوء الى القوة العسكرية للتخلّص من quot;الارهابيينquot; الذين يشكلون خطراً على الولايات المتحدة، وعد بأنه سيغلق معتقل غوانتنامو ويوقف أساليب التعذيب التي تلجأ اليها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.

أما ايران والتي استغل خصمه الجمهوري في انتخابات الرئاسة مواقفه منها، فإن أوباما قد يلجأ الى سياسة العقوبات كرادع لاستمرار طهران في سياستها النووية رغم أنه وعد بفتح قنوات الحوار مع ايران بلا شروط لثنيها عن مواصلة بناء برنامجه النووي رغم أن المراقبين يجمعون على أن طهران ليست في وارد التخلي عن سياستها وان كانت ترحّب بالتعامل بليونة مع رئيس جديد للولايات المتحدة.

وتبقى عملية السلام في الشرق الأوسط واحدة من المعضلات التي قد تستغرق بعض الوقت قبل الدخول في تفاصيلها من قبل الرئيس المنتخب للولايات المتحدة ففشل الرئيس جورج بوش بالتوصّل الى انفاق بين الفلسطينيين والاسرائيليين قبل انتهاء ولايته وفشل الرئي بيل كلينتون أيضاً في تحقيق اختراق يطوي ملف النزاع العربي الاسرائيلي، يدفع باراك أوباما الذي يستعين بأبرز الخبراء الأميركيين في شؤون الشرق الأوسط وفي مقدمتهم دان كيرتزر ودينيس روس اللذين عملا بنشاط في ادارة الرئيس الأسبق بيل كلينتون وقبل ذلك في عهد الرئيس جورج بوش الأب حين كان جايمس بايكر يشغل منصب وزير الخارجية وتكللت جهوده حينذاك بعقد مؤتمر مدريد للسلام في العام 1990 حين جلست اسرائيل مع الدول العربية المحادية لحدودها وجهاً لوجه للمرة الأولى منذ بدائية النزاع العربي الاسرائيلي. ولهذا فإن أمام أوباما متسع من الوقت ليرى ما الذي ستسفر عنه نتائج الانتخابات الاسرائيلية المقرر اجراؤها في العاشر من شهر شباط فبراير المقبل وما هي السياسة التي تتبعها أي حكومة تتشكل في تل أبيب في ما يتعلّق بتوجهاتها على صعيد عملية السلام والتفاوض مع الفلسطينيين.

ويعتبر ريتشارد هولبروك المقرّب من السناتور أوباما أبرز المرشّحين لتولي منصب وزير الخارجية في الادارة المقبلة. ويُعرف عن هولبروك بأنه من المنادين بانتهاج سياسة تتميّز بالليونة مع ما يفضل تسميته بـ quot;الدول الواقعة في محور الأزماتquot;والتي تمتد من باكستان وأفغانستان وحتى لبنان وفلسطين مروراً بسرويا والعراق وايران. وما يتوقع أن يلجأ اليه أوباما في المستقبل هو فتح صفحة جديدة مع سوريا تفضي الى تعاونها مع الولايات المتحدة من أجل استقرار الوضع في العراق ولبنان وبشكل يترك انعكاسات واضحة على الوضع الفلسطيني بمجمله أيضاً.