كامل الشيرازي من الجزائر: شهدت الـ 48 ساعة الماضية اشتعال حرب البيانات بين الحكومة الجزائرية والنقابات المستقلة، ففيما سعت السلطات جاهدة للنيل من الحركة الاحتجاجية المستمرة لليوم الثالث على التوالي، شدّدت عموم النقابات على نجاحها في شلّ المدارس والمستشفيات، وهو ما لاحظه مراقبون بشكل جلي أحرج إلى حد ما الجهاز التنفيذي الذي سعى لتحجيم الإضراب العام وتصنيفه في خانة quot;اللاحدثquot;.
بلسان النقابات الحرة، وتحديدا المتحدث باسمها quot;مزيان مريانquot;، فإنّ مجموع المؤسسات الاستشفائية جرى شلّها بنسبة 90 بالمئة، بينما بلغت نسبة امتناع موظفي قطاع التربية والتعليم عن العمل، حدود 60 إلى 70 بالمئة، بالمقابل، وعلى طرف نقيض أصرّت وزارتا الصحة والتعليم على أنّ نسبة الإضراب عن العمل في كلا القطاعين لم تتعدّ 4 بالمئة.
وتريد دوائر القرار في الجزائر، ترسيخ انطباع عام مفاده quot;انحسار رقعة النقابات المستقلةquot; وعدم ارتقائها إلى مستوى التمثيل العمالي الذي يؤهلها لمفاوضة السلطات، وهو اتجاه تنفيه تلك النقابات وتقول أنّ حجم ما تستوعبه من موظفي القطاع العام (1.6 مليون عامل) يؤهلها لكسر احتكار التنظيم الحكومي quot;اتحاد العمالquot; واتخاذ الأخير كشريك واحد وحيد من طرف السلطات.
وأمام تمسك السلطات بعدم فتح قنوات الحوار مع النقابيين المستقلين، تتجه الأمور إلى تصعيد من نوع أكبر مع الاعتصام الكبير الذي شنّه الأطباء، اليوم الثلاثاء على مستوى المستشفيات الكبرى في البلاد، بينما لا يزال خيار الذهاب نحو إضراب مفتوح مطروح بحدة، وهو ما سيهدد بتعكير صفو السلطات بالتزامن مع تأهبها لتنظيم رابع انتخابات رئاسية تعددية في الجزائر خلال الربع الأول من العام القادم.
وترافع النقابات لصالح مراجعة قانون الوظيف العمومي، وكذا ما يطبع قانون عمال التربية من شوائب ونقاط ظلّ، كما قانون موظفي قطاع الصحة الذي جرى إرجاؤه مجددًا دون إيضاحات من طرف الوصاية، ويستهجن النقابيون الأحرار بقاء القوانين الأساسية لموظفي القطاع العام في خبر كان، تماما مثل نظام التعويضات، رغم تواجد المعنيين في quot;ظروف اجتماعية حرجةquot; تبعاً لتدهور الأوضاع المعيشية وفرض الحكومة لائحة جديدة من الضرائب والرسوم التي زادت من إنهاك جيوب الموظفين محدودي الدخل.
وتشدّد النقابات الغاضبة على حتمية مراجعة الحكومة لشبكة الأجور الجديدة quot;المليئة بالتناقضاتquot; مثلما تقول، وتقدّر هذه النقابات بوجود quot;إجحافquot; يلفّ النقطة الاستدلالية المعتمدة في شبكة الرواتب، حيث تشدّد على أنّها لا تستجيب لتطلعات جمهور الموظفين الجزائريين، تبعاً لعدم ممايزتها بين خصوصيات بعض الوظائف، وإدماجها المنح بشكل مراوغ في الرواتب، على حد تعبير منسقها العام quot;مزيان مريانquot;، هذا الأخير يطالب برفع النقطة الاستدلالية من 0,45 إلى 0,70 يورو، فلا يعقل، بحسبه، أن تكون رواتب موظفين في الجزائر أقل بثلاث مرات عن رواتب نظرائهم في تونس والمغرب.
التعليقات