فيينا: أعرب رئيس البعثة الإيرانية الدائمة لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، السفير على أصغر سلطانية عن اعتقاده أن quot;كفة الإيجابيات طغت على كفة السلبياتquot; في مضمون التقرير الذي وزعه المدير العام للوكالة الذرية الدكتور محمد البرادعي على مجلس المحافظين، ورفع نسخةً منه إلى مجلس الأمن في وقت واحد الليلة الماضية. ورأى السفير سلطانية أنه من بين quot;الإيجابيات، اعتراف البرادعي أن مفتشي الوكالة قاموا خلال الشهرين الماضيين بعشرين زيارة ميدانية سرية لمواقع ومرافق نووية إيرانية مختلفة، وتأكيده أن كافة المواد والأنشطة النووية الإيرانية بما فيها عملية تخصيب اليورانيوم وتركيب أجهزة الطرد المركزي، تتم باشراف الوكالة وتحت مراقبة المفتشين والكاميرات الإليكترونية بشكل متواصل وعلى مدار الاربع والعشرين ساعة. وما ينبغي على الرأي العام العالمي أن يعلمه هو أن البرنامج النووي الإيراني مكرّس بالفعل للأغراض السلمية والتنموية والطبية والصناعية والزراعيةquot;.

وأشار السفير سلطانية في حديث أدلى به إلى وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء، رداً على سؤال حول تقييمه لتقرير البرادعي بشأن آخر تطورات البرنامج النووي الإيراني، إلى أن quot;مفتشي الوكالة الذرية لم يعثروا كذلك على أي تحريف أو تحوير في المواد أو الأنشطة النووية المعلنة والتي تتم بإشراف الوكالة. ورأى في مثل هذا الانجاز quot;أهمية بالغةquot; تعني أن عمليات التفتيش والتحقق التي تقوم بها الوكالة في كافة المرافق والمنشآت النووية الإيرانية قد دخلت مرحلة الرقابة الروتينية، وخصوصاً بعدما استوفت إيران كافة الشروط وتسوية كافة المسائل العالقة، على حد وصفه. وأشار إلى أهمية تضمين تقرير البرادعي فقرة تؤكد أن إيران انتجت 630 كيلو غراماً من اليورانيوم الخفيف التخصيب في مفاعل ناتانز بإشراف مفتشي الوكالة.

كما اعتبر السفير سلطانية quot;تكرار البرادعي أن الوكالة ما تزال قادرة على مواصلة عمليات التحقق في إيرانquot;، من أبرز إيجابيات تقرير الوكالة الذرية وقال quot;هذا يعني أن إيران لم توقف أبداً عمليات التفتيش والزيارات الميدانية للمفتشين إلى أي موقع من المواقع النووية الإيرانية، وأن السلطات الإيرانية المعنية تتعاون معهم، وتقدم لها التسهيلات اللازمة لانجاز المهام الموكولة إليهمquot;. وأشار مندوب إيران إلى أن quot;من يقرأ تقرير البرادعي بعمق، يستنتج أنه يتضمن كذلك سابقة مهمةquot;. ورأى أن قيام مفتشي الوكالة بعشرين زيارة ميدانية سرية إلى عدد من المرافق النووية الإيرانية لم يكشف النقاب عنها، وبمعدل ساعتين لكل زيارة، هو بحد ذاته إنجاز كبير، وخطوة غير مسبوقة في تاريخ الوكالة الذرية مقارنةّ بأن الوكالة لم تقم بزيارة سرية واحدة إلى أي من المرافق النووية في العالم، وهو ما يؤكد مدى تعاون إيران مع الوكالة، على حد قوله. وأضاف قوله quot;كذلك تضمن تقرير البرادعي رسالة مهمة أكد فيها أن كل شيء يسير بشكل طبيعي في المرافق النووية الإيرانية التي تخضع لإشراف الوكالة ورقابة مفتشيهاquot;. وأعرب عن اعتقاده أن quot;هذا يؤكد ان عمليات التفتيش والتحقق التي تقوم بها الوكالة في إيران قد دخلت بالفعل مرحلة العمل الروتينيquot;.

جدير بالذكر ان الوكالة ترى عكس ذلك، فقد اتهم البرادعي إيران بمواصلة تحدي قرارات مجلس الأمن ذات الصلة والتي تطالبها بتجميد كافة أنشطة التخصيب وأجهزة الطرد المركزي، والتعاون بمنتهى الشفافية لتسوية مسألة أساسية ما تزال عالقة وهي مسألة الدراسات العسكرية، وهي المسألة التي تعتبرها إيران بأنها منتهية لأنها quot;مفبركة وملفقة وأنها قامت بالرد عليها في وثيقة مؤلفة من 170 ورقةquot;. وبعدما أكد السفير سلطانية أن البرادعي ما زال يكرر الحديث عن مسائل تقنية معينة في طبيعة البرنامج النووي الإيراني منذ ست سنوات، أشار إلى ناحية اعتبرها إيجابية وردت في تقرير الوكالة الذرية وهي quot;تأكيد قدرتها على مواصلة أعمال التحقق من عدم تحريف أو تحوير أي من المواد والأنشطة النووية المعلنة في إيران، وهي مسألة مهمة تنفي وجود أي أنشطة نووية إيرانية محظورةquot;.

أما فيما يتعلق بالرد الذي اعتبره مندوب إيران بأنه quot;سلبيةquot; في تقرير البرادعي، فقد عبّر سلطانية عن دهشته لاستمرار المدير العام للوكالة في تكرار طرح quot;مسالة الدراسات المزعومةquot; منذ ثلاث سنوات. وفي هذا السياق، استغرب قول البرادعي quot;بأن تلك المسألة ما تزال تثير الشواغل، نظراً لقيام بعض الدول بربطها بأنشطة عسكرية غير حقيقية ولا أساس لها من الصحة، على حد وصفه. ولكن سلطانية أشار إلى أن البرادعي بادر إلى تصحيح ما وصفه بـ quot;التفسير الخاطئquot;، وطلب من إيران إبداء المزيد من الشفافية، والمصادقة على البروتوكول الإضافي. ورأى أن طلب البرادعي هذا ليس إجبارياً، لأنه لا يندرج في إطار الالتزامات والتعهدات القانونية الواردة في معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية أو النظام الأساسي للوكالة الذريةquot;.

وشدّد المندوب الإيراني على القول أن بلاده لا تستطيع إجبار البرلمان الإيراني على المصادقة على البروتوكول الإضافي، بعدما تبنى قانوناً يرفض استمرار إيران في تطبيق البروتوكول بشكل طوعي، لأن مجلس الأمن تورط في الملف النووي الإيراني وأصدر أربع قرارات غير قانونية تناولت مسائل تقنية هي من صلب المهام الموكولة إلى الوكالة الذرية،علماً أن إيران التزمت بتطبيق البروتوكول الإضافي بشكل طوعي لمدة ثلاث سنوات quot;. وفي هذا السياق، طالب سلطانية المدير العام للوكالة الذرية أن يركز في تقاريره على توجيه النقد اللازم إلى الولايات المتحدة وليس إلى إيران، على حد قوله.

وحول رؤيته لمستقبل البرنامج النووي الإيراني قال سلطانية quot;المستقبل واضح، وإيران ستواصل التعاون والتنسيق مع الوكالة وفق المبادئ والأحكام الواردة في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية والنظام الأساسي بدون أية مشاكلquot;. وأكد قوله quot;ولكن في حال استمرار الضغوط السياسة والاقتصادية وإصرار بعض الدول على استخدام الوكالة لأغراض سياسية، فإن المستقبل واضح كذلك، وهناك خياران لا ثالث لهما أمام إيران هما: إما تجميد كافة أنشطة تخصيب اليورانيوم، أو تجميد تعاونها مع الوكالة الذريةquot;.

ورفض سلطانية الاعراب عن تفاؤله حيال سياسة الولايات المتحدة برئاسة باراك أوباما، ولكنه قال quot;المهم أن تقترن الأقوال بالأعمال، وينبغي علينا الانتظار لنر، لكننا لا نتوقع مفاجآت سريعة، مع ضرورة الأخذ في الاعتبار أهمية التغيير الذي أحدثه الناخبون الأميركيون الذين عانوا إلى جانب الكثير من العالم من سياسة الرئيس بوش، وفوز أوباما هو بحد ذاته رسالة تاريخية إلى الشعب الأميركي والعالمquot;. وأكد سلطانية أنه لا يتوقع أية نتائج من الاجتماع العادي لمجلس المحافظين المقرر يومي 27 و28 الجاري، والمدرج في جدول أعمال بند خاص بتطبيق الضمانات في إيران وسورية وكوريا الشمالية، وعزا ذلك لأن quot;تقرير المدير العام لم يتضمن أي جديد بالنسبة للبرنامج النووي الإيرانيquot;.

كما رفض سلطانية التعليق على تقرير البرادعي حول سورية وإدراج ملف موقع quot;الكبرquot; السوري الذي دمرته إسرائيل في 6 أيلول/سبتمبر 2007، لأول مرة في جدول أعمال مجلس المحافظين، وقال quot;لم أقرأ التقرير بعد، وبغض النظر عن مضمونة، ينبغي أن نأخذ في الاعتبار أن إيران وسورية ودولاً أخرى مستهدفة من المنظور الأميركي الذي يستهدف استخدام الوكالة الذرية للأغراض السياسية، وتغيير الوكالة إلى مجرد quot;Watch dog to the United Nationsquot;، وهذه أجندة عمل خاطئةquot;.