إسطنبول: في إحدى ضواحي إسطنبول، المئات من الرجال والنساء يصلون جنبا إلى جنب في قاعة مسدسة حفت جوانبها بحواجز خشبية. وأمامهم يذرع خطيب الأرضية الصقيلة ذهابا وإيابا وهو ممسك بميكرفون، أشبه ما يكون بخطيب إنجيلي من إمام مسلم. ويرد عليه المصلون الجالسين القرفصاء وهم يتأرجحون.

وأحيانا خلال أداء الشعائر الأسبوعية يحضر موسيقي ويقرع على آلته وهو ينشد.

إنها صورة أبعد ما تكون عن الصلاة كما يؤديها المسلمون.

إن هذا التجمع هو تجمع للعلويين، وهو طائفة تنتسب إلى الإسلام.

وفي غياب إحصائيات رسمية، تقدر نسبة معتنقيها في تركيا بحوالي الخمس.

لكن في بلد معظم المسلمين فيه من السنة، يشتكي العلويون من أنهم يعاملون بصفتهم مواطنين من الدرجة الثانية.

ويقول رئيس طائفة العلويين بإسطنبول كامل أيكنات Aykanat: quot;نريد إعترافا ومنح أماكننا للعبادة وضعا قانونيا.quot;

ويضيف أيكنات قائلا: quot;إن الدولة تقيم مساجد للسنة في قرى العلويين وتدرس الإسلام السني في مدارسنا. ولقد ضرب أبناؤنا عندما لم يصوموا في الوقت الذي يصوم فيه السنةquot;.

تمييز مستمر
وتعد تركيا بلدا علمانيا لا دين رسمي له. لكن الإحصائيات التي تمكنت البي بي سي من الحصول عليها من قسم الشؤون الدينية تشير إلى أن الدولة تصرف 1,5 مليار دولار من أموال دافعي الضرائب سنويا لتمويل 85 ألف مسجد للسنة ولأداء مرتبات أئمتها.

وعلى العكس من ذلك تسجل أماكن العلويين للعبادة - والتي تدعى جمفي Cemevi- على أنها مراكز ثقافية، تمول عن طريق هبات خاصة.

ويقول أحد أتباع الطائفة العلوية - ويدعى علي كنعان أوغلو-: quot;من الناحية التاريخية، كان السلطة بيد السنة وهم يعتقدون أن العلويين يتبعون نهجا ضالا من الإسلام. إنهم يعتقدون أننا نطفئ الأضواء داخل أماكن عبادتنا لنمارس طقوسا إباحيةquot;.

ويقول أيضا إن التمدن ساهم في نشر فهم أكبر لكن من الصعب استئصال قرون من التمييز والأفكار المسبقة.

وتقول الطائفة إن أهم شيء ينبغي التعامل معه هو التربية.

ففي تركيا يعفى أطفال المسيحيين من حضور الدروس الدينية. وبصفته علويا على علي أن يلجأ إلى القضاء للحصول على حق إعفاء ابنه من حضور هذه الدروس.

ويقول علي وهو يتصفح مقرر التربية الدينية لأبنه: quot;هذه الكتب تلقن كيف يصير المرء سنيا حقيقيا. إنها تبين كيفية الصلاة وكيف تحفظ الأدعية باللغة العربية. لكن العلويين لا يصلون بهذه الطريقة. لا وجود لمقرر لتلقين عقيدتنا.quot;

وبعد أن مارس الاتحاد الأوروبي ضغوطا على السلطات التركية، أدخلت بعض التغييرات على كتب التربية الدينية مؤخرا، غير أنها تظل سنية التوجه بشكل ملحوظ. كما من يشرف على إلقاء هذه الدروس هم من خريجي المدراس الدينية السنية.

كما أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قرارا يعطي الحق لطفل علوي بعدم حضور دروس التربية الدينية.

لكن السلطات التركية لم تلتزم بعد بهذا القرار.

قلق أوروبي
لكن يبدو أن هناك علامات على التغير. ففي وقت سابق من هذه السنة، حضر رئيس الوزراء طيب إردوغان - وهو سني متدين- مأدبة إفطار لأعضاء الطائفة العلوية.

لكن بسبب أجيال من العداء، غاب العديد من العلويين عن هذه المأدبة. بل إن مجموعة من العلويين أصدرت فتوى بإسقاط الانتماء إلى الطائفة إلى كل من حضر إلى هذه المأدبة من العلويين.

وقال رحا كاموروغلوReha Camuroglu النائب البرلماني الذي نظم هذه المأدبة - وهو علوي ينتمي إلى حزب العدالة والتنمية الحاكم-: quot; إن رئيس وزرائنا، قبل بشكل واضح الطائفة العلوية، وهو ما لم تبادر إليه أي حكومة سابقة، وهذا شيء مهممquot;.