بيروت: بعد ساعات من مقتل القيادي في حزب الله عماد مغنية في دمشق في 12 شباط/فبراير، كانت صور ضخمة لمغنية في اللباس العسكري جاهزة لتوزيعها على اللوحات الاعلانية في كل انحاء لبنان.
ولوهلة يبدو ان الاحزاب اللبنانية استبدلت الحرب بالسلاح والمقاتلين التي عاشها لبنان بين 1975 و1990، بحرب الحملات الاعلانية.واذا كانت صور مغنية تستقبل القادمين الى لبنان على طول طريق المطار الدولي، فان صور رئيس الحكومة اللبناني الراحل رفيق الحريري الذي اغتيل في شباط/فبراير 2005، ونجله النائب سعد الحريري، ابرز اقطاب الاكثرية، تنتشر في شوارع بيروت باحجام مختلفة بعضها عملاق.

وعلى الطريق الى بلدة بشري في الشمال، تنتشر صور رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في تلك المنطقة التي يوجد فيها انصاره بكثافة. بينما تشاهد صور الامين العام لحزب الله حسن نصرالله في مناطق نفوذ حزبه، وصور الزعيم المسيحي ميشال عون في جزء من المناطق المسيحية.

صور الزعماء السياسيين في كل مكان في لبنان، بعض هؤلاء الشخصيات احياء وبعضهم باتوا في ذمة الله وقد قضى معظمهم قتلا. ويتم لصقها على الجسور وعلى اعمدة الكهرباء وعلى السيارات، بشكل يعكس الانقسامات العميقة التي تشل البلاد منذ اكثر من سنة.

وقال محمد الامين، مدير شركة quot;ايمبالسquot; التي استأجر منها حزب الله اللوحات الاعلانية لحملة مغنية quot;الازمة السياسية تسمح بهذا النوع من الاعلانات (...) وهناك رسائل عدة يمكن نشرها عبر اللوحات الاعلانية بسرعة اكبر من الخطابات السياسيةquot;.

وبين الشركات التي تعنى بمثل هذه الحملات شركة quot;رسالاتquot; التابعة لحزب الله والتي تنظم الحملات الاعلانية والاحتفالات الثقافية للحزب.وانصرف المدير الفني في شركة quot;رسالاتquot; محمد نور الدين وفريقه فور مقتل مغنية في سيارة مفخخة في دمشق الى العمل على حملة مبتكرة.وقال نور الدين quot;اردنا صنع صورة له تبقى في اذهان الناس كما هي الحال بالنسبة الى تشي غيفاراquot; الثائر الارجنتيني، مضيفا ان هذا الرجل quot;ضحى بحياته ومن حقه ان يصبح معروفا وان يرى الناس صورتهquot;.

واوضح الامين ان حزب الله استأجر من اجل حملة مغنية كل شبكة اللوحات الاعلانية التابعة للشركة على طريق المطار وضمن الضاحية الجنوبية حيث معقل حزب الله بكلفة بلغت مئة الف دولار على الاقل.

في المقلب الآخر من بيروت، تتولى شركة quot;الايد ادفرتايزينغquot; الاهتمام بالحملات الدعائية لقوى 14 آذار التي تمثلها الاكثرية. ويتحول فريق مدير الشركة كريم دياب الى خلية ازمة في كل مرة يتم احياء ذكرى جريمة اغتيال او حدث سياسي.وقال دياب quot;للاسف، لدينا عمل كلما قتل احدهمquot;، مضيفا quot;في كل مرة يتم اغتيال احد، نبدأ تلقائيا العمل على حملة لنقول ان دماءه لن تذهب هدراquot;.واضاف quot;نريد ان يبقى هذا الشخص في اذهان الناسquot;.

ويعمل الفريق من دون هوادة منذ شباط/فبراير 2005، اي منذ اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري ثم سلسلة الاغتيالات والتفجيرات الاخرى التي هزت لبنان، بالاضافة الى الاحداث السياسية وآخرها شغور منصب الرئاسة منذ تشرين الثاني/نوفمبر.الا ان حرب الاعلانات هذه لا تجد صدى ايجابيا لدى جميع الناس. فالبعض يرى فيها تشويها لصورة البلد وتذكيرا متواصلا بالوضع السياسي الضاغط والمتأزم.وقال وزير السياحة جو سركيس ان quot;اول شيء يراه زائر اي بلد هو المطار والطريق المؤدية اليه اللذان يشكلان واجهة البلدquot;.واضاف quot;للاسف خلال السنوات الاخيرة، ازداد نفوذ حزب الله سياسيا وبما ان الطريق المؤدية الى المطار تقع في منطقة نفوذه، بدأنا نرى عليها اعلانات تمجد المقاومة وصورا لقادة حزب الله وشهدائهquot;.

واقر بحق الحزب في التعبير عن رأيه، الا ان quot;طريق المطار ليست المكان المناسب لذلكquot;.وتابع ان quot;مثل هذه الدعاية لا تتناسب مع ما يريد السائح ان يراه لدى وصوله الى بيروتquot;.
الا انه اشار الى ان الحكومة تفضل غض النظر حاليا عن هذه الملصقات على طريق المطار، في انتظار تحسن الوضع السياسي.

ويعبر عدد من اللبنانيين عن تعبهم من هذا القصف الدعائي السياسي من كل مكان. ويقول طبيب يسكن في بيروت quot;كل هذه الملصقات والصور تشوه البيئةquot;، مضيفا quot;انها دليل على اننا من دول العالم الثالث وان شعبنا خاضع لمجموعة من السياسيينquot;.