الأنظار تتجه إلى خطاب نصرالله والحل في لبنان إلى ما بعد القمة العربية |
اول هذه الإيجابيات يتمثل في اختراق حال الركود السياسي الذي اصاب البلد بعد تنامي الشعور العام بلاجدوى البحث مجدداً في المبادرة العربية، وكانت آخر محاولات البحث برلمانية بامتياز، اي تلك التي قادها رئيس البرلمان العربي الكويتي محمد جاسم الصقر، وخلصت إلى ما خلصت إليه. لكن اللبنانيين يتوجسون من الحراك السياسي ايضاً مثلما يتوجسون من الركود. فالحراك السياسي يحمل معه حملات سياسية وردود على الحملات، اتهامات وردود على الاتهامات، وفي احيان كثيرة احتقان في الشارع ونذر شر مستطير. رغم ذلك لا بد من الحراك، إذ انه ان لم يحصل الحراك في الداخل فسيحصل في الخارج، وبمعزل عن إرادة اللبنانيين جميعاً وقد يحصل رغماً عنهم جميعاً بحيث لا يخرج من الأزمة الراهنة من يستطيع المجاهرة بتحصيل اي مكسب على الإطلاق.
النقطة الثانية التي تسجل في خانة الإيجابيات، هي حدود المنازلة المقبلة التي يتحضر لها البلد بعد انتهاء اعمال القمة العربية. حيث يجمع اللبنانيون والمهتمون بالشأن اللبناني من خارج لبنان، ان الهجوم السوري على قوى الموالاة اللبنانية، الذي شهد فترة ركود سيستأنف بعد القمة اعنف وأكثر قوة. وبمبادرة الرئيس بري يكون قد وضع سقفاً مطلبياً لهذا الهجوم يصنع له خاتمة سياسية موقتة. بمعنى ان الهجوم المستأنف سيحمل عناوين معينة، لكنه لن يتجاوزها إلى ما هو ادهى في الأسابيع المقبلة.
النقطة الثالثة تتصل بحدود التوافق الذي اعلنه الرئيس بري. حيث اعلن ان المبادرة العربية حققت انجازاً كبيراً تمثل في تذليل عقبة نسب المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية. طبعاً هذا ليس نص المبادرة، لكن بري اعلن ان الطرفين اتفقا على العشرات الثلاث في الحكومة المقبلة، وعلى شخصية الرئيس التوافقي، ولم يبق للتوافق عليه غير قانون الانتخاب. مما يعني ان انجاز المبادرة العربية تمثل فعلاً، كما اعلن امين عام الجامعة العربية عمرو موسى اثر اول جولة مشاورات بعد اعلان المبادرة، بتشجيع الحوار بين اللبنانيين المختلفين. فبالحوار المباشر وصل الفريقان إلى الخلاصة التي وصلوا إليها في مسألة توزيع النسب في حكومة الوحدة الوطنية. وعلى هذه الفرضية يبني الرئيس بري اليوم مبادرته الجديدة، حيث يفترض ان اعادة احياء جلسات التشاور في طاولة الحوار سيجعل التوافق على قانون الانتخاب ممكناً، إذا لم يفوت الفريقان الفرصة، مما يفتح الباب امام شروط جديدة وعقبات مستجدة.
لكن هذه الإيجابيات لا تحجب النقطة السلبية الأبرز في ما المح إليه الرئيس بري. حيث اعتبر ان المبادرة الجديدة محكومة بوقت محدود، وانها لا تعود صالحة للإستعمال بعد اسابيع من انطلاقتها. ذلك ان مطلب حكومة الوحدة الوطنية يصبح غير ذي مفعول وموضوع قبل شهور قليلة من موعد الانتخابات النيابية في العام المقبل. مما يعني ان الموالاة محكومة بقبول الشروط الجديدة التي حددها بري لئلا يصبح المطلب هو حكومة انتقالية يرأسها حيادي ويكون من مهامها الرئيسية التحضير للانتخابات. وفي هذا الإعلان ما يؤشر سلفاً إلى الاستهدافات المقبلة، مما يعني ان الأسابيع المقبلة ستضع على بساط الاشتراطات والاشتراطات المضادة هوية وشخصية رئيس الحكومة المقبل. وفي هذا عودة إلى اطروحات الجنرال ميشال عون حول ضرورة الاتفاق سلفاً على شخصية رئيس الحكومة التوافقي.
مع ذلك ثمة سؤال لا يجب ان يمل اللبنانيون من طرحه مراراً. ما الذي يمنع الشروع بتنفيذ ما تم التوافق عليه، انتخاباً لرئيس الجمهورية، وتشكيل حكومة بالعشرات الثلاث قبل الشروع في مناقشة قانون الانتخابات الأفضل؟ وحده الجواب المنطقي يفيد ان التعطيل هدف في حد ذاته، وان المطلوب ان يبقى لبنان بلداً معلقاً. يبقى ان تحديد هوية الطرف المعطل شأن يستطيع ان يختلف عليه اللبنانيون.
التعليقات