بيروت : حفل تاريخ لبنان السياسي بمؤتمرات حوارية شكلت محطات لالتقاء الفرقاء السياسيين في محاولة منهم للتوصل الى حد ادنى من التفاهم للاستمرار في العيش ضمن الكيان اللبناني .واللافت مجيء مؤتمرات الحوار هذه عقب صدام مسلح ونزاع سياسي حاد لا يخلو من بعض اعمال العنف بين مختلف الطوائف التي تشكل المجتمع اللبناني .يذكر ان جميع محطات الحوار هذه كانت تاتي برعاية عربية أو اجنبية تمهد السبيل امام الاطراف اللبنانية للالتقاء والخروج بصيغ للحل تعيد الاستقرار والامن الى لبنان .

وابرز المؤتمرات التي انعقدت منذ ثمانينيات القرن الماضي ولغاية اليوم مؤتمر الحوار الوطني الذي عقد في جنيف في سويسرا بين 31 اكتوبر و 4 نوفمبر 1983 برعاية سعودية وسورية وضم الى جانب رئيس البلاد انذاك امين الجميل ممثلي التنظيمات السياسية والمسلحة المتخاصمة.

وخرج هذا المؤتمر بتاكيد عروبة لبنان والغاء الاتفاق المعروف ب (17 مايو) الموقع بين لبنان واسرائيل عقب الاجتياح الاسرائيلي للبنان.ومن هذه المؤتمرات مؤتمر (لوزان) في سويسرا المنعقد بين 12 و20 مارس 1984 الذي اتى عقب تطورات عسكرية شهدها لبنان.

وخرج المؤتمر الذي شاركت فيه القوى عينها التي سبق لها المشاركة في جنيف باتفاق على وقف لاطلاق النار وعودة الجيش اللبناني الى ثكناته وتشكيل هيئة لمراجعة الدستور.

ومن أهم هذه المؤتمرات أيضا مؤتمر (الطائف) في السعودية الذي انعقد بين 30 سبتمبر و 24 اكتوبر 1989 وجمع 62 نائبا لبنانيا برعاية لجنة ثلاثية عربية مشكلة من السعودية والمغرب والجزائر.ويعتبر هذا المؤتمر الاهم من نوعه حيث وضع حدا للحرب اللبنانية التي امتدت 16 عاما ونتج عنه (وثيقة الوفاق الوطني) التي ادخلت تعديلات جوهرية على الدستور اللبناني وارست مبدأ المناصفة بين المسيحيين والمسلمين في مجلس النواب والمراكز العامة معيدة تشكيل السلطات السياسية لاول مرة منذ استقلال لبنان عام 1943 .وكان لافتا لجهة اشارته الى تحديد العلاقات بين لبنان وسوريا من حيث اعادة انتشار القوات السورية الموجودة في لبنان منذ عام 1976 ضمن مهلة سنتين من تاريخ اقرار الوثيقة.

ومن المؤتمرات أيضا مؤتمر (الحوار الوطني) الذي عقد في بيروت على مراحل متقطعة بين الثاني مارس و29 يونيو 2006 وجمع الافرقاء السياسيين الحاليين من طرفي الموالاة والمعارضة.وجاء هذا المؤتمر بعد تصاعد النزاع السياسي واحتدامه اثر اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في ال14 فبراير عام 2005 وانقسام الاطراف السياسية بين ما يعرف بفريقي 14 و 8 مارس.واصطدم المتحاورون في ذلك الوقت بموضوع سلاح (حزب الله) ووضع استراتيجية وطنية للدفاع غير ان الحوار توقف بعد العدوان الاسرائيلي على لبنان في يوليو 2006 .
وجاء مؤتمر (لاسيل سان كلو) في فرنسا بين 14 و 15 يوليو 2007 وجمع الاطراف السياسية نفسها التي التقت في حوار بيروت.

وهذه الأطراف نفسها تلتقي اليوم في قطر في مؤتمر (الحوار الوطني) على أمل التوصل الى نتائج تخرج لبنان من أزمته الحالية والاتفاق على كثير من الأمور المختلف حولها ومنها أزمة الرئاسة وتشكيل الحكومة وقانون الانتخابات وسلاح المقاومة.