فيينا: أكد مصدر مسؤول في الوكالة الدولية للطاقة الذرية (الدائرة الإعلامية)، أن ثمة لقاءً قصيراً تم بالفعل بعد ظهر أمس بين المدير العام للوكالة الدكتور محمد البرادعي وبين رئيس البعثة الدائمة لإيران لدى الأمم المتحدة والوكالة، السفير علي أصغر سلطانية. وأوضح المصدر المسؤول الذي طلب عدم ذكر أسمه أن السفير سلطانية سلم البرادعي نسخة من مقترحات إيرانية قيل أنها تتناول الشؤون الأمنية والنووية، رداً على quot;سلة الحوافز الإضافيةquot; التي قدمها وزراء خارجية الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا بعد اجتماعهم الذي عقدوه مؤخراً في لندن.

ورفض المصدر المسؤول اعطاء أية معلومات عن مضمون quot;المقترحات الإيرانيةquot;، ولكنه لم يستبعد أن تتضمن تأكيدات بالتزام إيران بتعهداتها الواردة في اتفاق الضمانات الذي وقعته مع الوكالة الذرية في أواخر العام 2003 بموجب معاهدة عدم انتشار الاسلحة النووية والنظام الأساسي للوكالة. واكتفى بالإشارة إلى أن المباحثات بين البرادعي وسلطانية تركزت حول المقترحات الإيرانية وأهمية استمرار التعاون بين الوكالة وإيران في مختلف مجالات استخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية.

وكان السفير سلطانية أكد أنه قدم إلى البرادعي سلسلة من المقترحات الأمنية والنووية، والتي وصفها بأنها quot;المؤشر الواضح الذي يؤكد استعداد إيران لمناقشة مجموعة من المسائل مع عدد من ممثلي الدول الأخرى لتعزيز الثقة والشفافية أيضا، وبغض النظر عن تعاون إيران الكامل مع الوكالة الذريةquot;. كما شدّد المندوب الإيراني على القول بأن بلاده ما تزال علىquot;قناعة تامة بأن الوكالة الذرية هي المنظمة الدولية المتخصصة والوحيدة المخوّلة للحكم على أنشطتها النوويةquot; وفق تعبيره.

وفي هذا السياق، عبّر سلطانية عن رفض بلاده لمزاعم تفيد أن إيران تعمل مع الوكالة الذرية تحت وطأة ضغوط من قبل مجلس الأمن. كما كرر قوله quot;إن إيران قامت دائماً بتزويد الوكالة بالأجوبة المناسبة على كافة الأسئلة التقنية التي طرحتهاquot;. وخلص سلطانية إلى القول بأن إيران سبق لها أن قدمت سلة من نفس المقترحات إلى عدة منظمات دولية، من بينها الرئيس الحالي لمجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، والمنسق الأعلى للسياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، وسفراء وممثلي الدول الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن (الولايات المتحدة، بريطانيا، وفرنسا، وروسيا، والصين)، بالإضافة إلى ألمانيا.

ويلاحظ المراقبون أن سلطانية لم يذكر شيئاً عما إذا كانت رزمة المقترحات الإيرانية تتضمن رداً مفصلاً حول مسألة quot;الدراسات المزعومةquot;، والشكوك التي تحوم حول أنشطة نووية مثيرة للجدل قامت بها إيران خلال فترة العشرين عاماً الماضية ولم تعلن عنها في حينه، ومن بينها اختبارات نووية وتجارب حول إطلاق الصواريخ من منصات محمولة وقابلة للارتداد.

من جهة ثانية، أكد مندوب الولايات المتحدة لدى الوكالة الذرية السفير غريغوري شولتي تمسك بلاده بضرورة أن يتضمن التقرير سيوزعه البرادعي على أعضاء مجلس المحافظين، مساء غدٍ الجمعة أو يوم الاثنين المقبل quot;إشارات ملموسة تؤكد احراز تقدّم حقيقي في ملف البرنامج النووي الإيرانيquot;. وأوضح السفير شولتي في تصريح صحافي أدلى به في مقر الوكالة الذرية في فيينا قوله quot;تريد الولايات المتحدة ان ترى ما إذا كانت إيران مستعدة بالفعل لتقديم توضيحات مفصلة حول تقارير اجهزة استخبارية حول توظيف برنامجها النووي لأغراض عسكرية وإطلاق قذائف صاروخية، بالإضافة إلى مدى استعدادها لتجميد كافة أنشطة تخصيب اليورانيوم، والتطبيق الكامل للبروتوكول الإضافي الذي يسمح للوكالة الذرية بالقيام بزيارات ميدانية مباغتة إلى أي من المرافق النووية الإيرانيةquot; حسب قوله.

في غضون ذلك، لم يستبعد مصدر دبلوماسي غربي أن يتضمن تقرير البرادعي حول آخر تطورات البرنامج النووي الإيراني تأكيدات بفشل طهران في تقديم أجوبة وافية حول مسألة quot;الدراسات المزعومةquot; والتي تشير إلى امتلاك إيران لأسلحة نووية، وعرقلة جهود الوكالة ومنعها من القيام بالمهام الموكولة إليها بموجب قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والتعهدات الواردة في اتفاق الضمانات ومعاهدة عدم الانتشار والنظام الأساسي للوكالة، في الوقت الذي تعرب فيه شكلياً عن استعدادها لبدء مفاوضات جدية ومحددة الاهداف مع الدول الغربية حول الطبيعة السلمية لبرنامجها النووي.

وتوقع المصدر نفسه أن يؤكد البرادعي في تقريره الجديد ما سبق أن كرره في تقاريره السابقة وخاصة فيما يتعلق باستمرار إيران بتجاهل التوصيات الواردة في قرارات مجلس الأمن، وخصوصاً التوصية التي تطالب طهران بتجميد كافة أنشطة تخصيب اليورانيوم وتركيب أجهزة الطرد المركزي، بالإضافة إلى التأكيد بأن الوكالة ما تزال في وضع غير قادرة فيه على تحديد كامل طبيعة ومستقبل برنامج إيران النووي، مع ملاحظته بأن الوكالة لم تكتشف وجود أية استخدامات لمواد نووية فيما يتصل بالدراسات المزعومة، وأنها لا تملك معلومات ذات مصداقية في هذا الصدد.

وأشار المصدر إلى وجود قناعة عامة لدى أعضاء غالبية أعضاء مجلس المحافظين والدول الاعضاء في الوكالة الذرية، بأن المعلومات والأدلة التي سبق أن قدمتها واشنطن وغيرها من العواصم الغربية حول أبعاد وخلفيات ممارسة إيران لأنشطة عسكرية نووية محظورة وغير معلنة، هي معلومات صحيحة. واستند المصدر إلى جولات المفاوضات الأخيرة بين عدد من الخبراء والمستشارين في الوكالة برئاسة نائب المدير العام لشؤون الضمانات أولي هاينونين وبين عدد من كبار المسؤولين الإيرانيين في طهران مؤخراً إلى اشرطة فيديو تبين اجراء تجارب حول مجموعة من الصواريخ الإيرانية القادرة على حمل رؤوس نووية، بالإضافة إلى رفض إيران فتح سجلاتها النووية أمام مفتشي الوكالة. وكان سلطانية رفض جميع هذه الأقاويل ووصفها بأنها quot;ملفقةquot;، وأكد أن البرنامج النووي الإيراني مكرس للاغراض السلمية والتنموية.