موسكو تفضل وصول ماكين إلى سيادة البيت الأبيض
روسيا تنتظرها علاقة جديدة ومختلفة مع أميركا بعد رحيل بوش

فالح الحمراني من موسكو: مَن هو الرئيس الأميركي الذي تتمنى موسكو دخوله البيت الأبيض؟ وكيف ستكون العلاقات مع واشنطن بعد رحيل الرئيس جورج بوش الذي إرتبط بعلاقات ودية بالرئيس السابق رئيس الوزراء الحالي فلاديمير بوتين؟ أسئلة تتردد في ما وراء كواليس صناعة القرار الروسي وأروقة الإعلام، كل يسعى لصياغة الجواب الشافي، على الرغم منأن فترة طويلة ما زالت أمام الناخب الأميركي للتوجه إلى صناديق الإقتراع ليقول كلمة الحسم التي تؤرق الكرملين. واللافت أن الرئيس دمتري ميدفيديف باشر رئاسته بحملة قاسية على السياسة الأميركية وصب عليها موجة من الإنتقادات والتحذيرات، ولو بلهجة خفيفة. فهل هي موجهة للرئيس الجديد؟ وكان ميدفيديف قد حدد في خطبه في بكين وبرلين وفي المنتدى الاقتصادي الذي اختتم اعماله الاحد الماضي ببطرسبورغ اجندة العلاقات ببواشنطن وموقف موسكو منها.

وتتابع النخبة السياسية الروسية باهتمام الحملة الانتخابية الرئاسية الاميركية، وخاصة بعد دخولها مرحلتها الحاسمة بخروج باراك اوباما مرشحًا وحيدًا للحزب الجمهوري. وتتطلع الدوائر بموسكو الى من سيكون الرئيس الاميركي الجديد الافضل لروسيا اوباما ام الجمهوري جون ماكين. وقالت مصادر مطلعة بموسكو ان ادارة الرئيس الروسي تفضل فوز جون ماكيين بمنصب الرئيس الاميركي. فموسكو ومنذ زمن الاتحاد السوفياتي السابق تفضل التعامل مع رئيس جمهوري، نظرًا لما يتمتع الجمهوريون به من برجماتية بالعلاقات الخارجية ويتجنبون التدخل في الشأن الداخلي الروسي، لاسيما في ما يتعلق بقضايا حقوق الانسان واشاعة الديمقراطية وحرية الصحافة والعقيدة وغيرها من القيم الغربية التي عادة ما تُنتهك بروسيا والتي يهتم بها الجمهوريون. بيد ان مختلف المؤشرات تدلّ على ان ازمة العلاقات بين موسكو وواشنطن ستستمر بغض النظر عمّن سيفوز بمنصب الرئيس الاميركي.

وتعتبر الدوائر التي تفضل وصول ماكيين للبيت الابيض ان خطابه المتشدد الحالي ازاء روسيا لا يعدو غير خطاب لاغراض انتخابية وانه سيتخلى عنه حال دخوله البيت الابيض وبداية التعامل مع الرئيس دمتري ميدفيديف. وكان ماكيين قد قال في بداية حملته الانتخابية انه رأى بعيون الرئيس الروسي السابق ورئيس الوزراء حاليًا فلاديمير بوتين ثلاثة حروف quot; كي جي بي quot; في اشارة الى ان بوتين كان ولا يزال رجل استخبارات.

ووجه ماكيين انتقادات حادة للانتخابات الرئاسية التي جرت في مارس الماضي، واسفرت عن فوز ساحق للرئيس دمتري ميدفيديف.واشار الى وجود نزعة لدى الكرملين باستعادة بناء الامبراطورية الروسية، وان بوتين يسعى للبقاء بالسلطة للابد لذلك فإنه طرح خليفة له شخصية محسوبة عليه سينفذ كافة اوامره فيما سيشغل بوتين نفسه منصب رئاسة الحكومة. وكان ماكيين خلال ترؤسه المعهد الجمهوري الدولي ينتقد روسيا باستمرار بصدد مواقفها من قضية كوسوفو ومعاهدة الحد من الاسلحة التقليدية بأوروبا ورفضها تسليم اندريه لوغوفوي لبريطانيا واغتيال الصحافيين في روسيا.

ولكن هناك بين دوائر النخبة السياسية الروسية ترى ان الديمقراطي باراك اوباما سيكون الشريك المرن للغاية في المباحثات مع روسيا. ويقول رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الدوما والمقرب من وزارة الخارجية قسطنطين كوساتشوف إن اوباما يلوح مرشحًا يعد بتقدم جدي على المسار الروسي، لانه غير مرتبط بعقد الحرب الباردة مثل ماكيين وغير مرتبط بمنطلقات وسياسة فريق سابق.

وعلى كل حال من المستبعد ان تتحسن العلاقات الروسية الاميركية وبغض النظر عمّن سيفوز بمنصب الرئيس. فالمرشحان للرئاسة ينظران بعين الشك وعدم الارتياح للنهج السياسي الداخلي والخارجي لروسيا وكونها تصطدم مع المصالح الاميركية. ومن المنتظر ان تتخلى الادارة الاميركية الجديدة عن سياسة الرئيس بوش الذي يفضل تجنب انتقاد موسكو علنا ولو بفارق حدة الخطاب بين الجمهوريين المتشددين والديمقراطيين المرنين. إضافة إلى ذلك، فإن تنظيم العلاقات مع روسيا لن تتصدر اولويات الرئيس الاميركي المقبل نظرًا لاعتقاد المرشحين ان روسيا لم تعد مصدر خطر بمستوى ما كانت عليه في زمن الحرب الباردة، وان هناك تحديات اكثر خطورة ظهرت بالقرن الواحد والعشرين مثل انتشار اسلحة الدمار الشامل والارهاب بمختلف مظاهره والانحباس الحراري. وان هذه هي المهام التي ينبغي على اميركا وحلفائها اضافة إلى روسيا العمل على حلها. وفي هذا السياق سيواصل الناتو التوسع نحو الشرق وان اميركا ستستمر بنشر اجزاء الدرع الصاروخي في أوروبا والعمل مع الدول الاوروبية على تعددية مسالك انابيب النفط والغاز. وان كل هذه الممارسات لن تنال ارتياح روسيا، ولهذا فسيكون من الصعب التخلص من التازم في العلاقات الروسية ـ الاميركية.

وتقول صحيفة كوميرسانت الصادرة بموسكو ان كلا المرشحين سيتحركان في اطار الماكنة البيروقراطية الاميركية الثقيلة التي لا تتيح للرؤساء ممرًا واسعًا للتحرك. وترى ان ماكين سيتخلى عن شعاراته الانتخابية التي من ضمنها طرد روسيا من مجموعة الدول الكبرى الثماني. وان احدًا لن يسمح لاوباما بسحب القوات الاميركية من العراق او الالتقاء وجها بوجه مع الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد. منوهة بان شخصية الرئيس مهمة على صعيد السياسة الخارجية. واضافت quot; ان ماكين الذي ما زال يفكر بعقلية الحرب الباردة قادر فقط على اشهار القوة والتامل بقسوة.

اما اوباما باعتباره سياسي جديد فسيكون حذر في سياسته الخارجيةquot;. وترى ان المراكز السياسية المؤثرة بواشنطن يمكن ان تسمح فقط لماكين الاقتراب من روسيا لكونه من quot;الصقورquot;، في وقت ان اوباما وحده يستطيع التوصل الى اتفاقات جديدة راديكالية مع موسكو. وخلصت بالقول من ان quot;من المهم فقط ان يكون لدى الرئيس الاميركي المقبل دافع جدي لاعادة النظر بالعلاقات مع موسكو وان هذه الفرصة: وهي بيد موسكو quot;. حسب تعبير الصحيفة.