فالح الحمراني من موسكو: أخذت المواجهة الإيرانية الإسرائيلية أشكالا متعددة في الفترة الاخيرة، وتنوعت ما بين التهديدات بتصفية الواحد للاخر، إلى الحرب الكلامية والنفسية، التي يمكن ان تترك تداعيات سلبية على أمن واستقرار دول مجلس التعاون الخليجي وتلحق به اضرارا اقتصادية بغض النظر عن دخول تلك التهديدات حيز التنفيذ ام لا. كل ذلك سيدفع دول الخليج دون إرادتها إلى الرد بجملة من الاجراءات الوقائية لمختلف السيناريوهات المحتملة.
ان المواجهة الايرانية الاسرائيلية ستستمر حتما لفترة طويلة اخرى. فايران ستجد في التهديدات الاسرائيلية والاميركية حجة وحافزا للمضي في تطوير برنامجها النووي وتقريبه جدا من التحول في اللحظة الحرجة الى برنامج عسكري. بينما سترصد تل ابيب بطهران منافسها الاكثر خطورة بالمنطقة.وتدرك اسرائيل ان ايران كقوة اقليمية تسعى لمد نفوذها على دول المنطقة والتاثير على قراراتها السياسية والاقتصادية بما يتلائم ومصالحها. ولايخفى ان اساس الصراع بين اسرائيل وايران يعود بجوهره الى تنافس قوى اقليمية على النفوذ. ولكن هذا الصراع يكتسب او يغلف بالشعارات الدينية ذات المنحى الطائفي مرة وبالشعارات القومية والسعي للبقاء على وجه الحياة.

ان بلدان الخليج العربية ستكون المتضرر الاول في هذه المواجهة الشرس. فان حدة الخطاب الايراني ـ الاسرائيلي والتلويح باستخدام احدث الاسلحة بما في ذلك الغواصات والاقمار الاصطناعية والكومانداس والسفن الحربية والصواريخ المجنحة وغيرها، لابد ان يثير قلق دول الخليج العربية التي تقوم عقيدتها السياسية والعسكرية على حسن الجوار والحوار وتجنب المواجهات. وموضوعيا فان هذه الدول وعلى خلفية الحرب الكلامية والنفسية ستفكر بزيادة النفقات العسكرية والبحث عن انواع جديدة من الاسلحة الدفاعية، بدل من توظيف تلك النفقات للتطوير الاجتماعي والاقتصادي والانساني العام التي تضعه في اولوياتها. .وهناك من يعتقد بان ثمة خطط لاستنزاف عوائد الذهب الاسود الذي تكدس في المنطقة بسبب طفرة الاسعارة ولو بفعالية حربية سريع، ومنع تجويلة لاداة تطوير وتقدم واستقرار.

وظهرت في الفترة مؤشرات على احتدام الصراع على سوق السلاح الخليجي بين الدول المصدرة، وتجلى هذا في ان المنطقة اصبحت مزار رؤساء الدول. وبين الفينة والاخرى نسمع تسريبات عن عقود او اتفاقات على عقود بالاسلحة خيالية التكلفة. ان اللهاث وراء الصفقات الكبرى حول المنطقة لساحة منافسة وصراعات دوليه خفية ومعلنة، وهذا بكل الاحوال فان هذا التنافس لايمكن ان يضيف للمنطقة الاستقرار بل على العكس. واتضح ذلك ذلك اكثر بتكثيف التواجد الاجنبي في الخليج وما حوله.
ان نشوب حرب بين ايران واسرائيل ستقطع حتما منافذ الخليج والطرق الجوية للخليج. ان هذا التطور سينعكس حتما على اقتصاديات المنطقة التي لها ارتباطات حيوية بالاقتصاد العالمي. ومن دون شك سيزيد من اسعار النفط الذي لن تنتفع منه دول الخليج العربية ولا اعتقد انها تريد الانتفاع به بهذه الطريقة. وسيحرم الكثير من سكان المنطقة ممارسة حقوقهم بالتنقل الحر. ان المنطقة في هذه الحالة ستوضع ومن دون ارادة منها على فوهة بركان قابل للانفجار.وان الحرب ستكون عاملا مهددا للبيئة الطبيعية للمنطقة وازدهارها.

ان بلدان الخليج بقدر ما تعارض السياسات الاسرائيلية وسعيها لاجهاض عملية التسوية والاستخفاف بحق الشعب الفلسطيني فانها تعرب عن القلق من المشروع النووي لايراني وتداعيته. وكانت قد دعت مرارا الى جعل المنطقة خالية من الاسلحة النووية والدمار الشامل بما في ذلك تصفية الاسلحة الاسرائيلية. ان المراقب الموضوعي لابد ان يتفهم القلق المشروع لدول الخليج العربية من موجة المواجهة الجديدة بين اسرائيل وايران، ولابد من التدخل الدولي للبحث عن ضمان اكيدة لامن واستقرار وسيادة دول الخليج العربية قبل ان تشتعل الشرارة التي ستحرق السهب باجمعه. وان على ايران كدولة من دول منطقة الخليج ان تأخذ عند رسم سياستها الخارجية بنظر الاعتبار مصالح امن الدول دول المنطقة الاخرى، وتزيد اجراءات الثقة معها.
ومن جهة اخرى فان على القوى الدولية الخارجية ايضا ان لاتستخدم البرنامج النووي الايراني كذريعة من اجل التصعيد واشعال فتيل الحرب في المنطقة التي سينتقل شعاع لهيبها حتما على دول المنطقة.