بهية مارديني من دمشق: استنكرت سوريا طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو اوكامبو، إصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر حسن البشير معتبرة ان ذلك quot;سابقة خطيرة في العلاقات الدوليةquot;، مشددة على أن quot;الجنائية الدولية تجاوزت صلاحياتهاquot; ، في حين من المقرر أن يشارك وزير الخارجية السوري وليد المعلم في الاجتماع الطارئ لمجلس وزراء خارجية جامعة الدول العربية المزمع عقده السبت لبحث اتهامات الإبادة الجماعية الموجهة للرئيس السوداني.

من جانبه اعتبر محام ومحلل سياسي سوري في تصريح خاص لايلافquot; انه علينا في هذا الخصوص ان ناخذ بعين الاعتبار مسالتين اساسيتين الاولى ان هناك هجمة ومخطط يستهدف التيار المعادي للمخطط الاميركي وان هذا الطلب ياتي في سياق هذا المخطط quot;، وراى المحامي رجاء الناصر quot; ان اكبر دليل على ذلك هو الاستنساب في محاكمة المسؤولين عن جرائم الحرب او الابادة البشرية ولولا هذا الاستنساب لكان من المفترض ان يكون الرئيس الاميركي جورج بوش وقادة اسرائيل هم اول من يحالوا الى المحكمة الجنائية الدولية واول من يستوجب اصدار مذكرات توقيف بحقهم فهؤلاء ارتكبوا جرائم بشكل علني ومفضوح فمن قتل في العراق على ايدي القوات الاميركية وباوامر من بوش زادوا عن مليون شهيد وهي اكبر ابادة للجنس البشري في التاريخ المعاصر quot;.

وكان ممثل الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية اتهم الاثنين الماضي quot;الرئيس السوداني بتدبير حملة لارتكاب أعمال قتل جماعي في دارفور أدت إلى مقتل 35 ألف شخص واستخدام الاغتصاب كسلاح في الحربquot;, وطلب المدعي إصدار أمر اعتقال بحقه، فيما قال البشير إن quot;المحكمة الجنائية الدولية ليست لها ولاية قضائية في السودان وإن اتهاماتها أكاذيبquot;.

وقال الناصرquot; ان المسالة الثانية تتعلق بحقوق الانسان فمن حيث المبدأ يجب ان ينال من يتعدى على حقوق الانسان جزاءه وان يحال الى قضاء عادل ومستقل وان تكون هناك ضمانات دولية لاجراء تلك المحاكمات في حال عدم التمكن من تحقيقها وفق القوانين المحلية ولكن هذا يقتضي اولا ان يكون هناك قضاء دولي محايد لا ان ياتمر ولا يوجه الادعاء فيه من مجلس الامن الدولي الذي تسير عليه الان واشنطن ويقتضي ثانيا الا تكون العملية استنسابية بحيث يحاكم الجميع وفق معايير واحدة من هذين المعيارين اي المخطط الخارجي وحماية عادلة لحقوق الانسان يمكن لنا ان نقيم هذا الاجراء ونرى انه رغم اتخاذه شكلا انسانيا الا انه في جوهره جزء من مخطط اميركي في عملية ترتيب المنطقة والعالم وهو مايجب ان ينتبه اليه جميع من قد يسارع الى تاييج هذا الاجراء بدعوى حقوق الانسان والا ينخدعوا بمظهره المطروح وان يتعمقوا ببحث الموقف وخلفياته ، ومن هذا المنطلق ايضا يجب التاكيد على ضرورة فضح هذه الخطوة من هذا المعيار وليس من المعيار الذي تتخذه النظم المستبدة والذي يقول بحصانة الرؤساء وكان الرؤساء رغم رمزيتهم للدول فوق شعوبهم وفوق مواطنيهمquot; .

وحول ماذا يمكن العرب ان يقدموا للبشير وما سيسفر عنه الاجتماع الطارىء لمجلس وزراء خارجية جامعة الدول العربية اجاب الناصرquot; سيصدر قرار بادانة هذا الاجراء وستبقى حدود هذه الادانة شكلية لانه ليس هناك ارادة عربية رسمية لتحدي المخطط الاميركي بينما كان من المفروض ان يتم ضغط رسمي على الدول صاحبة القرار في مجلس الامن من اجل منع صدور هذه المذكرة وماقبلها من اجراءات اساسا حيث ان الدول العربية تساهلت امام المخطط الاميركي الذي استهدف السودان وشجعت كثيرا من الاطراف على اللعب في الساحة السودانية نكاية بالنظام السوداني القائم او خوفا من الغرب ، واضاف ان ذلك التدخل ابتداء والتعاطي مع مسالة دارفور من وجهة النظر الاميركية الغربية اي باعتبارها مسالة حقوق انسان بدل من التعاطي معها باعتبارها جزءا من مخطط خارجي لتفتيت السودان وتمزيقه واحكام القبضة على ثرواته النفطية والمائية وبالتالي مزيد من حصار مصر مائيا من اجل منع اي نهوض استقلالي لها ولدورها في المنطقة وهو ماادى بالنتيجة الى تحويل المسالة للمحكمة الدولية وصدور طلب اصدار مذكرة التوقيف تمهيدا للمزيد من التقسيمات والاضطرابات فيه quot;.

اما من الجهة الرسمية السورية فقد أبلغ وزير الخارجية السوري وليد المعلم الأربعاء الماضي سفير السودان بدمشق عبد الرحمن ضرار استنكار سورية لقرار الاتهام الصادر عن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بتوجيه اتهام ضد رئيس جمهورية منتخب من شعبه ويتمتع بالحصانة.

واعتبر المعلم أن هذا الإجراء لا يقع ضمن اختصاص المحكمة وأنها تجاوزت صلاحياتها، مؤكدا على أن quot;هذا الإجراء هو سابقة خطيرة في العلاقات الدولية يجب عدم السماح بتمريرها وخاصة أنها تهدف إلى زعزعة الوضع في السودان وإجهاض محاولات تحقيق السلام في دارفورquot;.

وكان المعلم أجرى اتصالاً هاتفياً مع رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي جان بينغ وبحث معه سبل تضافر الجهود العربية والإفريقية في الوقوف إلى جانب السودان، معبرا عن تقديره إدانة الاتحاد الإفريقي لقرار المدعي العام للمحكمة الدولية في حين أعربت منظمات حقوقية افريقية عن ارتياحها لطلب إصدار مذكرة توقيف بحق البشير، ورأى رئيس الاتحاد الإفريقي لحقوق الإنسان براهيما كوني quot;أنها خطوة شجاعةquot;.

ومن المقرر أن يشارك المعلم في الاجتماع الطارئ لمجلس وزراء خارجية جامعة الدول العربية ،وكان السودان تقدم بطلب لعقد هذا الاجتماع الطارئ بعد الإعلان عن نية المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية قد يطلب القبض على الرئيس السوداني .