تركيا الغارقة في ازمتها السياسية تحصى قتلى وجرحى تفجيرات الأمس:
حزب العدالة والتنمية الحاكم أمام المحكمة الدستورية: الحظر أم البقاء؟
أنقرة: يجتمع قضاة المحكمة الدستورية التركية اليوم الاثنينللبت في احتمال حظر الحزب الحاكم بتهمة ممارسة نشاطات مناهضة للعلمانية الامر الذي قد يغرق البلاد في ازمة سياسية ويؤدي الى انتخابات مبكرة. وينعقد الاجتماع الحاسم وسط اجواء من التوتر الشديد ازدادت حدته غداة انفجار قنبلتين مساء الاحد في اسطنبول واسفر حسب اخر حصيلة عن سقوط 17 قتيلا على الاقل وعشرات الجرحى. وبدا القضاة اجتماعهم في الساعة 6:35 ت غ وسيواصلون مداولاتهم يوميا حتى التوصل الى قرار. ويرى الخبراء ان القرار الذي يقتضي اغلبية سبعة اصوات، ليس متوقعا من اليوم الاول لكنه قد لا يتاخر كثيرا. ووصف الرئيس التركي عبد الله جول الانفجارين بأنهما عمل ارهابي، ولكن لم يرد إعلان فوري بالمسؤولية.
وينتظر السياسيون في تركيا والاتحاد الأوروبي والمستثمرون الأجانب حكم المحكمة في قضية إغلاق الحزب والتي جذبت تركيا صوب فترة من الغموض السياسي وأضرت بأسواق المال وأبطأت من عملية الإصلاح في تركيا. وسيؤدي إغلاق الحزب بشكل مؤكد تقريبا لانتخابات مبكرة في نوفمبر تشرين الثاني على الأرجح كما سيوجه ضربة أخرى لآمال تركيا الانضمام للاتحاد الاوروبي.
وتسببت القضية أيضًا في زيادة الانقسامات بين الحكومة ذات الجذور الإسلامية والمؤسسة العلمانية التي تشمل جنرالات الجيش وكبار القضاة والأكاديميين. وقال قدري جورسيل كاتب عمود في صحيفة ميليت الليبرالية اليومية quot;يمكن أن ننظر أيضًا الى قضية إغلاق الحزب... على أنها الإجراء القانوني الأخير الذي يمكن أن يتخذه الكيان ضد النشطاء الاسلاميين السياسيين المناهضين للعلمانيةquot;.
ويرى الخبراء ان القرار الذي يقتضي اغلبية سبعة اصوات، ليس متوقعا من اليوم الاول لكنه قد لا يتاخر كثيرا. واتهم مدعي محكمة الاستئناف وهو مصدر الدعوى حزب العدالة والتنمية المنبثق عن التيار الاسلامي بممارسة quot;نشاطات مناقضة للعلمانيةquot; ودعا الى حظره. وبامكان المحكمة ان توافق او ترفض الدعوى او ان تختار حلا ثالثا مثل حرمان الحزب من التمويل العمومي. لكن حل الحزب الاسلامي المحافظ هو الاكثر توقعا. وكانت المحكمة الدستورية حظرت في 1998 و2001 حزبي الرفاه والفضيلة الاسلاميين اللذين انبثق عنهما حزب التنمية والعدالة، ايضا بمبرر انهما كانا يمارسان quot;نشاطات مناهضة للعلمانيةquot;.
ووافقت المحكمة في مارس/اذار على النظر في القضية سعيًا لإغلاق الحزب ومنع انضمام رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان والرئيس عبد الله جول و69 من كبار مسؤولي حزب العدالة والتنمية لأي حزب آخر لمدة خمس سنوات. ويرفض الحزب الاتهامات الموجهة له. وما زال معظم المحللين الذين يتوقعون صدور حكم ببداية أغسطس آب يعتقدون أن اغلاق الحزب هو السيناريو الأكثر ترجيحًا على الرغم من تزايد التكهنات بأن الحزب قد ينجو.
ويمكن للمحكمة أن ترفض القضية أو أن تفرض غرامة أو تحظر الحزب وبعض قادته. ولكي يجرى إغلاق الحزب يجب أن يصوت سبعة من 11 قاضيا لصالح مثل هذه الخطوة. وفي الجزء الثاني من مقابلة مع صحيفة حريت نُشرت يوم الاحد رفض أردوغان الايحاءات بأنه سيتخذ أسلوبا أكثر استبدادا اذا لم يغلق الحزب.
وقال quot;ان شاء الله سيصدر حكم لصالح بلادنا. ما يمكنني قوله هو انه يستحيل بالنسبة لي أن أتصرف بكراهية أو عداء تجاه شعبي.quot; واعترف لأول مرة في المقابلة بأن الحزب ارتكب أخطاء ساهمت في الأزمة الحالية. وتزايدت الانقسامات في يناير كانون الثاني عندما تحركت الحكومة لرفع حظر ارتداء الطالبات للحجاب في الجامعات. وألغت المحكمة الدستورية هذا الاصلاح في يونيو حزيران.
واذا حظرت المحكمة الحزب سيجرى حل الحكومة وسيصبح بقية أعضاء حزب العدالة والتنمية أعضاء مستقلين في البرلمان وسيسمح لهم بتشكيل حزب جديد أو الانضمام الى حزب قائم. ويقول معلقون ان السيناريو الأكثر ترجيحا آنذاك سيكون انتخابات برلمانية مبكرة على الأرجح بحلول نوفمبر على أسرع تقدير.
وإغلاق مثل هذا الحزب الذي يتمتع بشعبية وفاز بنحو نصف الأصوات في الانتخابات البرلمانية التي جرت قبل عام سيكون أمرا صعبا سياسيا وسيضر بمساعي تركيا للانضام الى الاتحاد الأوروبي. ومن المُرَجح أن يسعى أردوغان لاستعادة منصبه كرئيس للوزراء كمرشح مستقل في الانتخابات وهو ما سيكون مصدرا مُحتملا لتوترات جديدة بين المعسكرين.
العمال الكردستاني ينفي ضلوعه ويندد بتفجيرات إسطنبول
هذا نفى قيادي بارز في حزب العمال الكردستاني ظهر الاثنين أية مسؤولية للحزب في التفجيرات التي شهدتها مدينة إسطنبول ليلة أمس. وقال مسؤول مكتب العلاقات الخارجية للحزب أحمد دنيز في تصريح عبر الهاتف لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء إن quot;الحزب يندد بالتفجير الذي إستهدف أمس عددا من المدنيين في مدينة إسطنبول، وإن الكردستاني لا يستهدقف المدنيين في عملياته العسكرية، بل أن بنادقه موجهة الى الجيش التركي الذي يرفض سلوك الطرق السلمية لحل القضية الكردية العادلةquot;، على حد وصفه.
وأشار دنيز في إتصال من جبل قنديل إلى أن quot;العمال الكردستاني يحترم القوانين والأعراف الدولية المتعلقة بحماية المدنيين، وأنه لم يلجأ في عملياته العسكرية الى إستهداف المدنيين، ولكن الدولة التركية تستغل كل عملية تحدث في هذا المجال لإلصاق التهمة الى الحزب بهدف الإساءة الى سمعته من خلال كيل الإتهامات الباطلة إليه في مثل هذه المناسباتquot;. وتابع quot;لكننا نؤكد أن حزبنا لا يستهدف المدنيين وأن مشروعية نضاله القومي تستمد قوتها من إحترام الحزب للمباديء والقوانين الدولية التي تحمي حقوق الإنسان وعدم إستهداف المدنيين أثناء الحروب، عليه فنحن في الحزب نستنكر هذه العملية بشدة، ونؤكد بأنه ليست لنا أية علاقة بها، والدولة التركية تعرف ذلك قبل غيرهاquot;، على حد تعبيره.
وحول الجهة التي يعتقد أنها تقف وراء العملية، أشار دنيز إلى أن quot;هناك العديد من الأطراف المتصارعة داخل الدولة التركيةquot; ولم يستبعد ضلوع ما سماه quot;الأجنحة المتصارعة داخل الجيشquot; التركي. وكانت الشرطة التركية قد أعلنت اليوم الاثنين عن إرتفاع عدد قتلى الإنفجارين الذين هزا إسطنبول ليلة أمس إلى 17 شخصاً فيما أصيب 154 بجروح بعضهم في حالة خطيرة.
وتصنف واشنطن وبروكسل، إضافة إلى أنقرة، حزب العمال الكردستاني الانفصالي كتنظيم إرهابي وتتهمه السلطات التركية بالضلوع في مقتل عشرات الآلاف من مواطنيها منذ بدء الصراع المسلح بين عناصر الحزب وتركيا في منتصف ثمانينات القرن الماضي.
احداث الاحد الدامي في الصحف التركية
من جهتها قالت وكالة الأناضول للأنباء إن عدد القتلى في انفجار قنبلتين في منطقة تجارية مزدحمة في اسطنبول ارتفع يوم الاثنين الى 16 قتيلاً بالإضافة الى 150 مصابًا بعد ان كانت وكالات الانباء قد تناقلت حصيلة الـ 15 قتيلاً والـ140 جريحًا. وقالت صحيفة صباح في عنوان فوق صور أشلاء الجثث الملقاة في منطقة مشاة تجارية مزدحمة حيث انفجرت القنبلتان وسط الجماهير quot;نحن نعرف القتلةquot;. وذكرت الصحف التركية ان السلطات احتجزت ثلاثة اشخاص في ما يتعلق بالهجوم. وقالت عدة صحف ان الشرطة تركز تحقيقاتها على حزب العمال الكردستاني قائلة انه استخدم متفجرات مماثلة من قبل.
وصرح مسؤولون بأن الانفجارين وقعا في موقعين مختلفين من منطقة جونجورين بأكبر مدينة في تركيا وانه سمع في بادئ الامر انفجار مدو مما دفع الناس للخروج الى الشارع ثم انفجرت بعد عشر دقائق قنبلة أقوى مخبأة في صندوق للقمامة على بعد 50 مترًا بالقرب من المطار الرئيس حيث تخرج العائلات للتريض وتناول العشاء.ونقلت وكالة الاناضول عن وزير الصحة رجب اكداج قوله quot;لدينا الآن 16 مواطنًا توفواquot;. ويبحث خبراء الطب الشرعي عن أدلة في موقع الهجوم كما تدرس الشرطة اللقطات التي سجلتها كاميرات الامن في المنطقة.ونفذت عدة جماعات منها انفصاليون أكراد ويساريون واسلاميون تفجيرات في اسطنبول في الماضي.
التعليقات