وزير الدفاع في كركوك لضبط أمنها إثر تهديدات بضمها لكردستان
أزمة قانون الانتخابات تتفاعل وتبادل اتهامات ومطالب بتغيير مستورا

أسامة مهدي من لندن: وصلت الازمة بين القوى السياسية العراقية حول قانون الانتخابات المحلية وخاصة ما يتعلق منه بمحافظة كركوك الشمالية الى طريق مسدود وسط تبادل اتهامات بين كتل متحالفة ودعوات تركمانية عربية لتغيير مبعوث الامم المتحدة في العراق ستافان دي مستورا لاتهامه بالانحياز الى الاكراد .. في حين دفعت مخاوف من انهيار أمني خطر في المحافظة اثر فشل جديد لمجلس النواب اليوم في التوصل لاتفاق بشأنها بوزير الدفاع عبد القادر العبيدي الى زيارة كركوك رفقة ضباط كبار بعد ساعات من تهديد رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني بضم المحافظة الى الاقليم بشكل انفرادي. وقد انهارت المفاوضات حول مادة كركوك في قانون الانتخابات والتي تتوسط بها بعثة الامم المتحدة في العراق اثر تقديمها لمشروع اخير الامر الذي اعلنت معه رئاسة مجلس النواب تأجيل عقد الجلسة الاستثنائية التي كانت مقررة اليوم للتصويت على القانون الى غد الاربعاء.

وقال نائب رئيس مجلس النواب خالد العطية في مؤتمر صحافي في بغداد إن خلافات حول القانون منعت من عقد الجلسة الاستثنائية التي كانت مقررة اليوم الى غد. واشار الى ان الكتلتين العربية والتركمانية رفضتا مشروع الامم المتحدة رغم موافقة الكتل الاخرى عليه . وشدد على ضرورة الموافقة على القانون غدا لتجري الانتخابات خلال العام الحالي .

ويتضمن مشروع الامم المتحدة تأجيل الانتخابات في محافظة كركوك لمدة أقصاها نهاية العام المقبل 2009 والاعتماد على نتائجها في تشكيل الحكومة المحلية فيها واستمرار مجلس المحافظة الحالي بأداء مهامه كاملة لحين تنظيم الانتخابات ومراجعة سجلات النفوس فيها لمعرفة التجاوزات السكانية التي حصلت قبل وبعد عام 2003 على ان تقدم تقريرها بنهاية العام الحالي بالإضافة إلى التأكيد على ضرورة احترام جميع المواد الدستورية المتعلقة بمدينة كركوك ومن ضمنها المادة 140 واستمرار المناقشات في مجلس النواب لصياغة قانون ينظم الانتخابات في كركوك .

وقد وافقت الكتلة الكردستانية على المشروع لانه يتضمن تأكيدا على تنفيذ المادة الدستورية 140 حول تطبيع الاوضاع في كركوك والمناطق المتنازع عليها لكن الكتلتين العربية والتركمانية رفضت ذلك قائلة ان هذه المادة اصبحت ميتة لانها لم تنفذ خلال سقفها الزمني الذي نص عليه الدستور والمحددة بنهاية عام 2007 .

وكان مجلس النواب العراقي أقر في الثاني والعشرين من الشهر الماضي قانون انتخابات مجالس المحافظات الذي يتضمن مادة تتأجل بمقتضاها انتخابات محافظة كركوك إلى أجل غير مسمى وذلك بموافقة 127نائبا من أصل 140 حضروا الجلسة التي قاطعتها كتلة التحالف الكردستاني احتجاجا على التصويت السري على المادة 24 الخاصة بكركوك. وتنص هذه المادة على تقسيم السلطة بين المكونات الرئيسة الثلاثة بنسبة 32% لكل مكون من المكونات التركمانية والكردية والعربية و 4% للمسيحيين ويعهد بالملف الأمني للمحافظة إلى وحدات عسكرية مستقدمة من جنوب ووسط العراق بدلاً من الوحدات العسكرية العاملة حالياً مع التأكيد على خروج القوى الأمنية المرتبطة بالأحزاب السياسية في اشارة الى الحزبين الكرديين . وجرى بعد يوم واحد فقط من اقرار قانون الانتخابات نقض القانون من قبل رئاسة الجمهورية وإعادته إلى مجلس النواب للتصويت عليه من جديد.

واعتبر النواب العرب والتركمان مشروع بعثة الامم المتحدة منحاز الى الاكراد من خلال تأكيده الى المادة 140 وطالبوا بتغيير دي مستورا متهمين اياه بالانحياز الى الاكراد رافضين المشروع الذي تقدم به. بينما قال رئيس مجلس الحوار الوطني خلف العليان ان مجلس النواب سيصوت غدا بنقض النقض الذي تقدمت به الرئاسة العراقية لقانون الانتخابات.

وقد اتهم نواب اكراد الحزب الاسلامي بزعامة نائب الرئيس طارق الهاشمي بالتواطؤ مع القوى المعادية لهم والعمل لاجندات خارجية على حد قولهم . وقد رد على هذا الاتهام القيادي في الحزب وفي جبهة التوافق النائب عبد الكريم السامرائي مؤكدا أن جبهة التوافق كانت ولا تزال من أكثر الكتل حرصا على الوصول إلى حل توافقي بين الكتل السياسية حول قضية كركوك مشيرا إلى أن دور الحزب الإسلامي تحديدا حاضر في جميع اللقاءات والاجتماعات التي جرت وتجري لحسم ملف كركوك.

واشار السامرائي الى أن التحالف الكردستاني الذي هو احد أطراف المشكلة لطالما وضع ويضع العراقيل في طريق المفاوضات الجارية لحلحلة الأزمة وقال إن التحالف قد رفض جزءا أساسيا من المقترح الذي تقدمت به الأمم المتحدة بل قام أيضا بإضافة أشياء أخرى على هذا المقترح مؤكدا على الجميع لم يجدوا أي جدية فعلية quot;من قبل الأخوة في التحالف الكردستاني لحل الأزمة وخصوصا ما يتعلق بموضوع تقاسم السلطة في كركوك حيث لم يقدموا أي تسهيلات من شأنها أن تحل الأزمةquot;.

واوضح السامرائي أن التحالف الكردستاني كان يحاول وبإصرار ضم المادة 140 للقانون وهذا الأمر غير جائز لان قانون الانتخابات هو قانون يهتم بتنظيم الانتخابات لا أن يتطرق إلى قضية المادة 140 أو غيرها من المواد الدستورية بالإضافة إلى أن التحالف هو من عرقل قضية الصلاحيات المعطاة لمجلس محافظة كركوك معربا عن قلقه من وجود نية حقيقية لدى التحالف لضم كركوك إلى إقليم كردستان. ووسط هذه الخلافات التي تدور مخاوف من ان تؤدي الى انهيار الامن في كركوك فقد وصل الى المدينة اليوم وزير الدفاع عبد القادر العبيدي يرافقه عدد من كبار ضباط الوزارة .

وفور وصوله تجول العبيدي في شوارع كركوك واطلع على الوضع الأمني فيها من ثم توجه الى مبنى محافظة كركوك وعقد اجتماعا مع المحافظ عبدالرحمن مصطفى ورئيس مجلس المحافظة رزكار علي. وخلال اجتماعه قال الوزير إن المحافظة لا تحتاج إلى قوات إضافية من وسط وجنوب العراق لان الوضع الأمني في المحافظة أفضل بكثير من المحافظات الأخرى. واضاف quot;وجدنا أن كركوك لن تحتاج إلى أي دعم أو قوات إضافية وإنما الوضع فيها اعتيادي للغاية ونحن جاهزون إذا احتاجت المحافظة إلى أي قوة فنحن على أهبة الاستعداد لدعمها ودعم أمنها بشكل جيد جداquot;.

وجاءت زيارة العبيدي بعد ايام من نشر قوات حفظ أمن إضافية للسيطرة على المدينة التي شهدت اضطرابات دامية بين الاكراد والتركمان من سكنتها الاسبوع الماضي بسبب خلافات الكتل الممثلة لمحافظة كركوك حول قانون انتخابات مجالس المحافظات وخاصة ما يتعلق منه بالمادة 24 المتعلقة بكركوك والتي يرفضها الكرد فيما يؤيدها العرب والتركمان. كما جاءت بعد ساعات قليلة من تهديدات اطلقها بارزاني من اربيل عاصمة كردستان بضم كركوك الى الاقليم بشكل انفرادي مؤيدا بذلك مطالب الأعضاء الاكراد في مجلس محافظة كركوك بتنفيذ هذا الضم . وقال بارزاني quot;ان طلب مجلس محافظة كركوك مشروط بتنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي الدائم ففي حال عدم تنفيذ تلك المادة حينها فقط سيقررون الانضمام الى إقليم كردستان .. وإذا لم تتم تلبية طلبهم فإن من حقهم الدستوري والقانوني الانضمام الى إقليم كردستان وهو ما ندعمهquot;.

وكان رئيس الوزراء نوري المالكي أمر اثر الصدامات التي شهدتها كركوك الاسبوع الماضي بنشر مئات من جنود الفوج الثاني في الجيش العراقي في مواقع عدة في وسط مدينة كركوك في اطار تدابير أمنية عاجلة اتخذتها للحيلولة دون وقوع مزيد من اعمال العنف العرقي بين الاكراد والتركمان بعد الأحداث الدامية التي شهدتها المدينة اثر تفجير انتحاري استهدف تظاهرة كردية ادى الى مقتل واصابة حوالى 200 شخص أعقبه هجوم مسلح على مقر الجبهة التركمانية قتل اثره شخص واصيب 4 اخرون.

لكن رئيس مجلس محافظة كركوك رزكار علي (كردي) طالب حكومة بغداد بسحب هذه القوات وإعادتها إلى قواعدها قائلا ان التفجيرات لم تقع في كركوك فقط بل أيضا بغداد شهدت انفجارات أمس لان الإرهاب لا حدود له . ودعت الحكومة العراقية جميع الأطراف في محافظة كركوك الى إلتزام الهدوء والإحتكام الى القانون والدستور مؤكدة رفضها لأي خطوةٍ إنفرادية لتغيير وضع مدينة كركوك وتَعتبرُها غير قانونية وغير دستورية.