إعادة تأهيل سجن أبو غريب بمتحف لتوثيق الجرائم ضد المعتقلين
بدء عمليات استعادة منازل 92 ألف عائلة مهجرة في بغداد

أسامة مهدي من لندن: بدأت قيادة عمليات امن بغداد اليوم حملة واسعة لاستعادة منازل 92 الف عائلة هجرت منها بسبب العنف الطائفي بالتزامن مع قرب نقل طائرات عراقية خاصة لعراقيين لاجئين في الاردن الى بغداد مجانا بعد عودة الف عائلة من مصر بالآليات نفسها .. في وقت وافق مجلس الوزراء على إعادة تأهيل سجن ابو غريب في ضواحي بغداد الغربية وتخصيص جناح خاص فيه كمتحف للجرائم التي ارتكبت فيه ضد المعتقلين. وتأتي عمليات اعادة هذه المنازل التي شغلها مهاجرون اخرون من مناطق اخرى او استولى عليها مخالفون للقانون كادت ان تقسم العاصمة العراقية ذات السبعة ملايين نسمة الى كانتونات طائفية خاصة مع تكريس القوات الاميركية لهذا التقسيم من خلال جدرانها العازلة . وتنفيذ عمليات استعادة المنازل يأتي تطبيقا لقرار اصدره رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في الثالث من الشهر الماضي وحمل الرقم 101 والخاص بإخلاء منازل المهجرين في جميع مناطق بغداد بعد انتهاء المهلة الممنوحة للعوائل التي تشغلها في الحادي والثلاثين من الشهر الماضي.

وقال الناطق باسم خطة فرض القانون اللواء قاسم عطا ان قيادة عمليات بغداد باشرت خطة للقيام بالحملة الكبرى لاعادة العوائل المهجرة واخلاء دورها من شاغليها بعد انتهاء المهلة التي حددت لها . واشار الى أن شاغلي تلك المنازل هم أيضا نازحون من بغداد أو من مناطق أخرى من البلاد او من استغلال الدور من قبل البعض كونها فارغة مؤکدا أن مهلة إخلاء هذه المنازل انتهت وصار لزاما على قيادة عمليات بغداد والقوات الامنية الاخرى تنفيذ القرار.

وأضاف أن اللجان الفرعية المشكلة تسلمت طلبات عدد كبير من العوائل الراغبة في العودة الطوعية إلى مناطق سكناها في قاطعي الكرخ والرصافة من بغداد. وقال إن منطقتي حي العدل والجامعة قد شهدتا عودة 275 عائلة تحت إشراف القوات الأمنية دون حادث يذكر وستقوم القوات الأمنية بملاحقة المخالفين والمتجاوزين وفق قانون مكافحة الإرهاب. واشار الى ان 92 الف عائلة قد تم تهجيرها من دورها في بغداد خلال السنوات الثلاث الماضية وقد عاد منها 11 الف لحد الان اضافة الى عودة حوالى الف عائلة من مصر خلال الاسابيع الاربعة الماضية.

واوضح اللواء قاسم عطا أن الامر الديواني الذي أصدره المالكي يهدف إلى حفظ حرمة مساكن العوائل المهجرة وعدم جواز تهجير المواطنين ومعاقبة كل من يقوم بتهجيرهم من مناطق سكناهم وفقا لقانون مكافحة الإرهاب على أن يعامل من سكن عقارا عائدا لمهجر معاملة المشاركين في عملية التهجير ويعتبر مسؤولا عن سلامة العقار ومحتوياته وعليه تخليته وإعادته مع محتوياته كافة إلى أصحابه. وقد اضطر سوء الوضع الأمني في بغداد خاصة بعد تفجير الامامين العسكريين في مدينة سامراء مطلع عام 2006 إلى الاستيلاء على دور تابعة لمواطنين آخرين بعد أن هجرت من مناطقها.

وتجري عمليات استعادة العوائل لمساكنها من خلال مراجعتها لمكاتب وزارة الهجرة والمهجرين التي وزعت على مناطق متفرقة من بغداد والمحافظات الاخرى حيث سيتم تعويض العوائل النازحة التي استولت على منازل لمهجرين أما الأشخاص الذين اغتصبوا المنازل فستتم احالتهم على قيادة عمليات بغداد. وسيتم تعويض العوائل النازحة والمتجاوزة على منازل لمهجرين مبلغ 300 ألف دينار لمدة ستة أشهر بعد اخلائهم للدور التي كانوا متجاوزين عليها.

وعلى الصعيد نفسه تخطط الحكومة العراقية إلى توفير طائرات خاصة لنقل لاجئين عراقيين من الاردن الى بلدهم بعد تحسن الأوضاع الامنية. ومن المتوقع ان تغادر الوجبة الاولى خلال النصف الثاني من شهر رمضان الحالي بعد اكمال جميع الاستعدادات الخاصة بسفرها. وقد بحث وزير المهجرين العراقي عبد الصمد عبد الرحمن الذي زار الاردن خلال الايام الماضية مع مسؤولين من منظمة الهجرة العالمية والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين تسيير طائرات او سيارات نقل لتسهيل عودة اللاجئين على نفقة الحكومة العراقية.

وقدرت منظمة نروجية مستقلة ان الاردن يستضيف حوالى نصف مليون لاجئ عراقي معظمهم هرب من اعمال العنف التي بدأت مع دخول القوات الاميركية الى العراق في عام 2003. وقالت منظمة فافو النروجية للدراسات التي مقرها اوسلو ان دراسة استمرت لستة اشهر كلفتها بها الحكومة الاردنية اظهرت ان معظم اللاجئين العراقيين في المملكة هم من المسلمين السنة الذين هربوا من العاصمة بغداد. وكان الاردن قد قام في شباط (فبراير) الماضي بإعفاء العراقيين الراغبين في مغادرة المملكة من غرامات الاقامة المتراكمة عليهم واعطى الراغبين في البقاء شهرين لتصحيح اوضاعهم.

إعادة تأهيل سجن أبو غريب وجناح خاص متحف لعمليات التعذيب

وافق مجلس الوزراء العراقي اليوم على اعادة تأهيل سجن ابو غريب الشهير في ضواحي بغداد الغربية وتخصيص جناح منه كمتحف للجرائم التي ارتكبها النظام السابق فيه من دون الاشارة الى التعذيب الذي مارسه الجيش الاميركي ضد المعتقلين ايضا. وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية علي الدباغ في بيان صحافي الى quot;ايلافquot; ان المجلس وافق في جلسته اليوم على إقتراح وزارة الدفاع بتشكيل لجنة من وزارات الدفاع والداخلية والعدل لمتابعة عملية التعاقد لإعادة تأهيل سجن أبو غريب وتأمين المستلزمات الخاصة بالنزلاء ووحدة حماية السجن الخارجية والداخلية مع الحفاظ على قسم منه كمتحف لجرائم النظام السابق.

وكانت القوات الاميركية التي اشرفت على السجن منذ دخولها الى العراق عام 2003 قد اغلقت هذا السجن سيئ الصيت عام 2005 الذي ارتبط اسمه بفضائح التعذيب والاعدام التي مارسها النظام السابق فيه وكذلك التعذيب والاذلال الجنسي الذي مارسه جنود القوات الاميركية ضد المعتقلين فيه . وقد قام الجيش الأميركي بنقل المعتقلين في السجن لدى اغلاقه الى منشأة جديدة حيث كان يؤوي حوالى 4500 معتقل . وتحتجز القوات الأميركية السجناء العراقيين في معتقلين كبيرين حاليا بعد اغلاقها سجن ابو غريب هما بوكا جنوب العراق ومعسكر كروبر القريب من مطار بغداد في ضواحي العاصمة الغربية.

ويقع سجن أبو غريب على بعد 32 كيلومتراً غرب بغداد وهو الذي اشتهر إبان عهد صدام بممارسات التعذيب والتصفية بحق السجناء السياسيين. كما تفجرت في السجن فضيحة مدوية لانتهاكات واسعة النطاق بحق المعتقلين تمارسها القوات الاميركية إثر نشر تقرير قدمه الصليب الأحمر الدولي للإدارة الأميركية ويحوي وصفا دقيقا لأحوال المعتقلين، وذكر فيه أن معاملة السجناء موازية لدرجة التعذيب. ونشر بعدها تقرير أعده اللواء الأميركي، أنطونيو تاغوبا، الذي تناول quot;عدة حوادث من الممارسات السادية والوقحة وجرائم الاستغلال الفاسقةquot; لعراقيين معتقلين في أبو غريب، وquot;خروقات خطرة للقانون الدوليquot; بحسب ما جاء في التقرير.

ونُشرت التحقيقات للمرة الأولى في مجلة نيويوركر حيث أشار تقرير quot;تاغوباquot; إلى انتهاكات حدثت في سجن أبو غريب في الفترة ما بين منتصف 2003 وبداية 2004. وشملت الانتهاكات بحق المعتقلين من العراقيين، الممارسات الجنسية والضرب والتهديد، وسكب الماء البارد على أجسامهم العارية، وربط أطرافهم، وإجبارهم على المثول في أوضاع غير لائقة، وغيرها من الانتهاكات التي وثقتها صور التقطها أفراد الجيش الأميركي للسجناء، وتكشفت تباعا.

وقد صنف quot;تاغوباquot; ممارسات التعذيب المستخدمة إلى عدة أصناف، مثل تسجيل وتصوير السجناء عراة، سواء أكانوا نساء أم رجالا، وإرغام المعتقلين من الرجال على ارتداء ملابس داخلية نسائية، والاعتراف بأن أحد مسؤولي الحراس اغتصب معتقلة، إضافة إلى وصف الضرب والصفع والقفز في بعض الأحيان على أقدام المعتقلين الحافية. وأعلن الجيش الأميركي عن عدة إصلاحات في سجن أبو غريب بعد كشف فضيحة الانتهاكات ومنها حظر تغطية رؤوس المعتقلين وحرمانهم من النوم أو بقائهم في أوضاع غير مريحة، إضافة إلى منع التماس الجسدي معهم، وتحديد مدة الاستجواب بما لا يزيد عن ست ساعات، وتقليل عدد المسجونين.

وأجرى الجيش الأميركي عددا من المحاكمات العسكرية لعناصره المتورطة في الفضيحة انتهى بعضها إلى عقوبات جنائية وتأديبية. وقرر الجيش الأميركي تسريح 17 عسكريا أميركيا من الخدمة في شباط (فبرياير) عام 2004 . وفي وقت لاحق، صدرت أحكام قضائية بالسجن ثماني سنوات ضد السيرجنت إيفان فريدريك، وبالسجن عشر سنوات للجندي الأميركي تشارلز غرانز وبالسجن عاما للجندي جيريمي سيفتس. كما وجه الجيش الأميركي تأنيبا لستة من جنوده وخطاب لوم إلى زميل آخر إضافة إلى مواصلة محاكمة عناصر أخرى. وفي نيسان (ابريل) عام 2005 برّأ الجيش الأميركي ساحة أربعة من كبار قادته من بينهم الفريق quot;ريكاردو سانشيزquot; من ارتكاب أخطاء في فضيحة انتهاكات سجن أبو غريب. وقال مسؤول اميركي إن التحقيق خلص إلى quot; ثبوت صحة اتهامات الإهمال في أداء الواجبquot;، بقضية العميد quot;غنيس كاربنسكيquot; التي كانت تقود اللواء 800 في الشرطة العسكرية حيث ارتبط اسمها بفضيحة أبو غريب. وأضاف أن كاربنسكي لن تواجه اتهامات جنائية ولكنها تلقت خطاب تأنيب رسميا من جنرال كبير في الجيش وأعفيت من مهامها القيادية ولكن بعد الفضيحة.