كامل الشيرازي من الجزائر: صعّدت قوى الموالاة كما المعارضة في الجزائر، من حدة لهجتها إزاء فرنسا على خلفية جرائم المحتل القديم ( 1830- 1962 ) وطالبت أحزاب الأكثرية سلطات بلادها بـquot; حراك جدي quot; لإرغام فرنسا الرسمية على الاعتراف بجرائم فرنسا الكولونيالية والاعتذار للشعب الجزائري تمهيدا للتعويض عما ألحقه الاحتلال الفرنسي على مدار 132 سنة من استشهاد الملايين وإعطاب الآلاف وإبادات لقرى كاملة اختزلت ممارسات القهر والظلم والاستيلاب التي كادت تعصف بالأمة الجزائرية قبل نصف قرن.

وشجعّت quot;السابقةquot; الإيطالية تجاه ليبيا وقبول حكومة برلسكوني دفع خمسة مليارات دولار على مدى السنوات الـ25 المقبلة كتعويضات، الطبقة السياسية في الجزائر لاستئناف حملة الضغط على باريس بعدما ظلّ مسؤولو الأخيرة يصمون آذانهم في الفترة السابقة، وقال quot;السعيد بوحجةquot; المتحدث باسم جبهة التحرير (الحزب صاحب الأغلبية)، أنّ تشكيلته تجدد مطالبتها باتخاذ تجسيد الاعتذار كشرط أساسي لتطبيع كامل للعلاقات بين الجزائر وفرنسا، وأيدّه quot;ميلود شرفيquot; الناطق باسم الحزب الحليف quot;التجمع الديمقراطيquot;، بالقول أنّ الجزائر لا يمكن تجاوز ما فعلته فرنسا، لذا فإنّ اعتذار باريس حتمية لتطوير العلاقات الثنائية، كما رأى quot;عبد الرزاق مقريquot; القيادي في حركة quot;السلمquot;، أنّ الحكومة الجزائرية مدعوة للتحرك الفوري وعلى أعلى مستوى لانتزاع اعتراف فرنسا بما ارتكبته، وافتكاك تعويضات جراء التدمير الذي مارسته وما ترتب عن المجازر النووية التي نفذتها في الصحراء الجزائرية.

من جانبه، اقترح quot;فاتح ربيعيquot; الأمين العام لحركة النهضة، ممارسة ضغوط اقتصادية وسياسية على باريس من أجل إجبارها على الاستجابة، في حين صرّح quot;موسى تواتيquot; رئيس حزب quot;الجبهة الوطنية الجزائريةquot; أنّه يمكن للجزائر بإجراء واحد الضغط على فرنسا، من خلال إيقافها توريد غازها إلى فرنسا، وبذلك سيسارع ساركوزي الزمن لطلب الصفح وتناسي quot;برودهquot; حيال الاعتذار وتوابعه.

ولم يتخلف مخضرمو الأسرة الثورية عن الحملة المتجددة، إذ دعوا إلى تشديد اللهجة مع الفرنسيين، من منطلق :quot;الاعتذار أولا وأخيراquot;، ورأى quot;السعيد عبادوquot; رئيس quot;المنظمة الجزائرية للمجاهدين القدامىquot; باستحالة ''نسج صداقة دون تقديم اعتذارquot;، تبعا لكون المحتل القديم نفذ محارق مهولة أبادت 8 آلاف قرية كاملة، وأودع مليوني جزائري في السجون، كما زرع 11 مليون لغم تسبّبت بمقتل 7328 جزائريا، دون إغفال انتهاكات بالجملة كانت أفدحها سقوط 45 ألف شهيد في محرقة الثامن مايو 1945، فضلا عن 42 ألف جزائري قضوا في تجارب نووية فرنسية قبل نصف قرن، ناهيك عن سبعة آلاف بريء فتكت الألغام بأرواحهم، في وقت لا تزال باريس متكتمة بشأن أماكن دفن النفايات السامة، لذا يجزم الرائد quot;الأخضر بورقعةquot; أنّ quot;إصرار فرنسا على اللا اعتذار، وقبول الجزائر ذلك معناه القفز على آلام الشعب الجزائري، وتضحيات مليون ونصف المليون من الشهداء.

وشهدت الفترة ما بين 2005 و2007، تصعيدا كلاميا لافتا من الجانب الجزائري بغرض حمل الطرف الفرنسي على quot;احترام واجب الذاكرةquot;، لكن الإليزيه لم يأبه بما كان، ووصل الحد بالرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى حد إسقاط أي اعتذار، جازما بـquot;استحالة مطالبة الأبناء بالاعتذار عما اقترفه الآباءquot;، وتذرع في تصريحات موسومة بـquot;الاستفزازيةquot; وquot;المتجنيةquot; على الذاكرة الجمعية الجزائرية، بكونه quot;لا يقبل أن يتسبب في جرح مشاعر الفرنسيين''، زاعما أنّ الندامة مفهوم ديني ولا مكان لها في علاقات دولة مع أخرى (..).