موسكو:
أدى إنهيار التحالف الحاكم في أوكرانيا إلى فتح الأبواب على مصراعيها أمام كافة الإحتمالات بما في ذلك حل البرلمان وإجراء إنتخابات برلمانية مبكرة. وكرس الاعلان عن انهيار التحالف الحاكم حالة طلاق نهائي بين حزب اوكرانيا الذي يتزعمه الرئيس فيكتور يوشينكو وتحالف يوليا تيموشينكو التي تشغل حاليا منصب رئيسة الحكومة.

ويعتقد المراقبون السياسيون ان الازمة السياسية العاصفة التي تمر بها اوكرانيا من الممكن ان تدفع الرئيس يوشينكو الذي بات حزبه ضمن الاقلية البرلمانية الى الاعلان عن حل البرلمان والدعوة لاجراء انتخابات برلمانية مبكرة. ويلفت هؤلاء المراقبون النظر الى ان مصير هذا التحالف كان مهددا على الدوام بسبب الخلافات الكبيرة القائمة بين الرئيس يوشينكو ورئيسة حكومته تيموشينكو .

واذا كان الجانبان قادران في الماضي على تجاوز الخلافات او الالتفاف عليها فان ازمة القوقاز وما نجم عنها من نزاع مسلح بين روسيا وجورجيا قلبت المعادلات السياسية في اوكرانيا رأسا على عقب وباتت تتطلب بلورة سياسة وطنية تحمي البلاد من تقلبات الزمان السياسي اقليميا ودوليا.

وبخلاف الرئيس يوشينكو الذي رأى التدخل الروسي في نزاع القوقاز تهديدا لامن بلاده وبات على قناعة بان الانضمام لحلف الناتو هو الحل الامثل لضمان امن اوكرانيا اخذت رئيسة الحكومة تيموشينكو موقفا مغايرا عبر الامتناع عن توجيه النقد لروسيا او ادانتها ارتباطا بتطورات النزاع في القوقاز.

ورفضت رئيسة الحكومة تيموشينكو كذلك تنفيذ مرسوم الرئيس الاوكراني بفرض قيودا على تحركات اسطول البحر الاسود الروسي المرابط في الموانيء الاوكرانية واعلنت على الملا ان هذا الاسطول سيبقى في اوكرانيا حتى عام 2017 وفقا للاتفاقيات المعمول بها بين البلدين.

وحقيقة فان مصالح اوكرانيا الاستراتيجية فرضت على تيموشينكو اتخاذ هذا الموقف لانها انطلقت اولا من واقع اعتماد اوكرانيا على موارد الطاقة الروسية وثانيا وجود شبكة معقدة من المصالح الانتاجية والتجارية والاقتصادية لا يمكن التفريط بها بين البلدين. وبلغ حجم التبادل التجاري بين روسيا واوكرانيا العام الماضي حوالي 20 مليار دولار وثالثا ان حوالي ثلث سكان اوكرانيا من الروس الذين لا يريدون حدوث قطيعة بين الشعبين.

وتعرضت تيموشينكو بسبب هذه المواقف الى حملة اعلامية نكراء وصلت الامور الى حد اتهامها بالعمالة لموسكو وتم استدعائها الى النيابة العامة اكثر من مرة للتحقيق فيما يعرف قضية (تسميم يوشينكو). ويجمع المراقبون السياسيون على ان يوشينكو يسعى الى تشويه سمعة الوزيرة الاولى لانها تعتبر المنافسة الابرز له في الانتخابات الرئاسية المقرر اجراءها العام المقبل لا سيما وانها تتمتع بتأييد شعبي بعد نجاح حكومتها في معالجة الكثير من المشاكل خاصة مشكلة الطاقة.

وفي المقابل وجدت تيموشينكو نفسها في حل من الالتزام بالاستقالة من منصب رئيسة الحكومة بعد انهيار التحالف الحاكم وباتت تبحث عن حلول من شأنها ضمان استمرار عمل الحكومة وتشكيل اغلبية برلمانية قادرة على اقرار سلسلة من القوانين. وهذه القوانين التي من شأنها الحد من صلاحيات مؤسسة الرئاسة وتحويل اوكرانيا الى جمهورية برلمانية تدريجيا ومن هنا فتحت الابواب امام احتمال تشكيل تحالف برلماني يضم حزب تيموشينكو وحزب الاقاليم المعارض وهما القوتان اللتان حصلتا على اكثر من 60 بالمئة من اصوات الناخبين في انتخابات عام 2007 .

واذا ما قرر تحالف فلاديمير ليتفين والحزب الشيوعي الاوكراني الانضمام لهذا التحالف فان تيموشينكو ستحصل على اكثر من ثلثي اصوات النواب مما يجعلها قادرة ليس فقط على تجاوز (فيتو) الرئيس على قرارات الحكومة بل وحشر الرئيس نفسه في الزاوية. وبالطبع فان مثل هذا الاحتمال يتطلب من الحزبين الاكبرين في البرلمان وهما حزب الاقاليم بقيادة فيكتور يانوكوفيتش وحزب تيموشينكو زعيمة الثورة البرتقالية ان يتفقا على برنامج سياسي لتجاوز المرحلة الراهنة رغم الخلافات القائمة بينهما.

وفي جميع الاحوال يعتقد المراقبون السياسيون انه يتوجب على الرئيس يوشينكو ان يفكر مليا قبل اتخاذ أي قرار بحل البرلمان لان ميزان القوى في البلاد والمزاج الشعبي لا يسمح لحزبه بان يحقق نتائج حاسمة في الانتخابات المبكرة اذا ما تقرر اجراؤها.