12 بالمئة فقط من الفلسطينيين يدعمون الرئيس محمود عباس بحسب استطلاعين للرأي أجراهما مركز القدس للإعلام والاتصال والمركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسيحية.

واشنطن:مع تزايد الانقسام بين حركتي quot;فتحquot; وquot;حماسquot; حول كثير من القضايا، كان آخرها إعلان الرئيس الفلسطيني quot;محمود عباسquot; إجراء الانتخابات في يناير المقبل، أجرى مجلس العلاقات الخارجية حوارا مع الخبير في الشؤون الفلسطينية quot;رشيد خالديquot;، خلص فيه إلى ضرورة توافر رؤية مشتركة بين الحركتين لتعزيز الموقف الفلسطيني التفاوضي. ويرى أن هذا التوافق ممكن لاسيما وأنه حدث ثلاث مرات في الماضي بين الحركتين.

وعلى الرغم من عدم إحراز إدارة quot;أوباماquot; تقدمًا في الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي رغم اهتمامها به منذ أول يوم لها في البيت الأبيض، لم يفقد quot;خالديquot; الأمل في إحراز الإدارة تقدمًا، لأن أمامها ثلاث سنوات أخرى، ناهيك عن إمكانية فوزها بإدارة أخرى. ولكن التقدم الأميركي مرهون بإحداث تغيير في السياسة الأميركية. وتحدث quot;خالديquot; عن إمكانية تحقيق حل الدولتين على الرغم من إشارته إلى صعوبة تحقيق هذا الحل في ظل رغبة الطرفين في عدم العيش بجوار الآخر، ولكنه يرى أن ذلك يحتاج إلى وقت طويل.

تلعب مصر دورًا في التوصل إلى مصالحة بين quot;حماسquot; وquot;فتحquot; والتوفيق بينهما بشأن الانتخابات، ولكن تلك الجهود لم تُكلل بالنجاح إلى يومنا هذا، كما أن الرئيس الفلسطيني quot;محمود عباسquot; دعا إلى انتخابات في يناير المقبل. وردًّا على هذا الإعلان أعلنت حركة quot;حماسquot; عدم مشاركتها. يعني غياب التوافق بين الفصيلين الفلسطينيين إجراء الانتخابات في الضفة الغربية فقط، وليس في قطاع غزة. في رأيك ما سبب إخفاق الجهود من أجل وحدة وطنية فلسطينية؟

يرجع إخفاق محاولات الوحدة الوطنية بين الفصيلين الفلسطينيين إلى كثير من العوامل الداخلية. فكلاهما يرتاح ـ إلى حد ما ـ بسيطرته على جزء صغير من الأراضي الفلسطينية. فحماس تُسيطر على قطاع غزة الذي ما يزال قابعًا تحت الحصار والعزلة الدولية. وتحكم حركة حماس قبضتها على القطاع بصورة قوية. وفي المقابل تسيطر السلطة الفلسطينية بقيادة quot;محمود عباسquot; على أجزاء من الضفة الغربية بمساعدة من الإسرائيليين، وسمح تعزيز قوات أمنها من السيطرة على المدن وفرض الأمن، وعادة ما تُساعد القوات الإسرائيليين في مطاردة حماس. إن حركتي quot;حماسquot; وquot;فتحquot; تشعر بنوع من الراحة مع الوضع الراهن.

هل يستطيع أي منهما فرض سيطرته على الآخر؟

جزء من المشكلة أن كليهما ضعيف جدًّا لفعل أي شيء. فلا يملك quot;عباسquot; قوة تمكنه من التفاوض مع الإسرائيليين الذين يحقرونه ويقولون عنه إنه ضعيف وفاقد للدعم الفلسطيني، وإنه يُسيطر على جزء من الأراضي المحتلة بمساعدة إسرائيل. أما حركة حماس فهي ضعيفة للاضطلاع باستراتيجية quot;المقاومةquot; التي اختارتها. فقد توقفت عن إطلاق صواريخها على المدن الإسرائيلية منذ الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة ـ الذي تسيطر عليه الحركة ـ منذ تسعة أشهر تقريبًا. وهو وضع غير مرضي على الإطلاق. ويجب أن نركز على إخفاق الأطراف الخارجية على تحقيق تقدم وتغيير في هذا الوضع.

يقول البعض إن الرئيس quot;أوباماquot; اقترف خطأ كبيرًَا بانتهاك نهج جورج دبليو بوش في عدم الاعتراف بحماس، ونتيجة لذلك ليس من حوار مع حركة حماس. هل تعتقد أن أوباما أخطأ؟

التساؤل الرئيس هو: هل من الممكن أن يكون هناك نوع من الحركة والتغيير في الوضع الراهن للفلسطينيين من دون توافق في الآراء بشأن كيفية المضي قدمًا، وكيف أن يتحقق ذلك بدون إحداث توافق بين حركتي quot;فتحquot; وحماسquot;؟. هناك تقارير موثوق فيها تفيد أن الولايات المتحدة أبلغت عباس عدم الاتفاق مع حركة حماس عندما كان المصريون يضغطون عليه للموافقة على الصفقة. لا أعرف ما إذا كانت تلك التقارير صحيحة لكنها متسقة مع النمط السائد خلال الأشهر العشرة الماضية للإدارة الحالية وخلال سنوات حكم بوش الابن التي فعلت كل شيء ممكن لتقسيم الفلسطينيين. في الواقع يكرس تقسيم فلسطين الوضع الراهن، ويجعل من المستحيل تغيير الوضع حيث تجعل إسرائيل المفاوضات مستحيلة من خلال توسيع المستوطنات.

لابد أن يكون هناك موقف موحد للفلسطينيين، هذا ليس شيئًا مستحيلاً. فقد اتفقتا حركتا quot;فتحquot; وquot;حماسquot; ثلاث مرات في الماضي، إلا أن تلك الاتفاقات انهارت جزئيًا تحت وطأة الضغوط الداخلية وضغوط دول مثل سوريا وإيران في بعض الحالات. تريد الولايات المتحدة وإسرائيل ألا تتفق الحركتان في تحركاتهما. وهذا يساعد إسرائيل في الحفاظ على سيطرتها ـ إلى أجل غير مسمى ـ على الأراضي المحتلة وتوسيع المستوطنات.

ولكني لا أعرف كيف يساعد هذا إدارة أوباما في تحقيق أهدافها المعلنة المتمثلة في إحراز تقدم في المفاوضات ووقف نمو المستوطنات.

ما مقدار شعبية عباس وحركة حماس في الشارع الفلسطيني؟

أشار استطلاعان حديثان لمركز القدس للإعلام والاتصال والمركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسيحية إلى أن 12% من الفلسطينيين يدعمون عباس. وهي أقل نسبة يمكن الحصول عليها. وعن حماس لا تضاهي شعبيتها شعبية حركة فتح. ونتائج الاستطلاع تختلف من مؤسسة إلى آخرى.

ما الحد الأدنى من توافق الآراء بالنسبة للفلسطينيين؟

تتمثل شروط الحد الأدنى من التوافق في العودة إلى حدود ما قبل عام 1967، وإزالة جميع المستوطنات الإسرائيلية، ووضع القدس الشرقية باعتبارها عاصمة للدولة الفلسطينية، وعودة السيطرة على موارد المياه الفلسطينية، وإزالة السيطرة الإسرائيلية على وادي نهر الأردن. ويجب أن يكون هناك توافق حول قضية لاجئي حرب الاستقلال عام 1948 حيث فر آلاف الفلسطينيين
إبان الحرب. من شأنها أن تظهر بعض القبول من جانب إسرائيل للمسؤولية الإسرائيلية، وينبغي أن تشمل تعويضات سخية للغاية، وعودة بعض الفلسطينيين إلى إسرائيل ، فضلاً عن عودة جميع الذين يرغبون في العودة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة.

هل تعتقد أنه يمكن التوصل إلى اتفاق حيث يمكن أن تبقى المستوطنات الإسرائيلية الكبرى في الضفة الغربية، وانتقال ما يكافئها من أراضٍ إسرائيلية إلى الضفة الغربية؟

ثمة شيء ما يتم التفاوض بشأنه. والنقطة المهمة هنا، هي أن المستوطنات تم تصميمها خصيصًا لجعل التوصل إلى حل تفاوضي لهذا النزاع أمرًا مستحيلاً. فهي ليست مجرد نمو طبيعي كفطر على قمة التل، بل إنها مخططة بشكل علمي لفصل القدس عن محيطها، ولتقسيم الضفة الغربية إلى أجزاء، ولمنع الحركة من النقطة ألف إلى النقطة باء. وتحقق تلك الأهداف يبدد أن يكون هناك دولة في الضفة الغربية. فليس هناك سيادة على أراضي الإقليم، وليس هناك تواصل جغرافي، وليس هناك تنمية اقتصادية. ولذا يجب إزالة هذه المستوطنات الضخمة أو تقليصها بشكل كبير، أو التعرض لبعض الترتيبات الأخرى حيث الأهداف التي أنشئت من أجلها ضعيفة ولن تتحقق. أنا متأكد أن هذا صعب على الحكومة الإسرائيلية، ولكن عدم حدوث ذلك يصعب من التوصل إلى اتفاق، أو ستكون هناك صفقة تنهار في أقرب وقت. واسمح لي أن أقول، إذا لم نتعامل مع جذور القضايا التي تسببها المستوطنات لن يكون هناك صفقة قابلة للحياة والاستمرار.

العالم العربي مجرد متفرج الآن لما يحدث، أليس كذلك؟ باستثناء مصر، لا توجد دولة تحاول أن تفعل أي شيء.

لم يلعب العالم العربي دوره على قدر كبير من المسؤولية. في الواقع يؤيد المصريون الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي يعد انتهاكًا صارخا للقانون الدولي. فإسرائيل بدعم من الولايات المتحدة وأوروبا ومصر تعاقب السكان المدنيين على اختياراتهم السياسية، وهذا أمر غير معقول. فيعيش ما يقرب من مليون ونصف إنسان في أحوال غير إنسانية، ناهيك عن تعثر إعادة بناء القطاع بعد الحرب، وعدم القدرة على الاستيراد والتصدير والتحرك لأنهم يعاقبون. إنه عقاب جماعي يُشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي. بصراحةٍ أعتقد أن هذه الإدارة ـ إدارة أوباما ـ مسؤولة مثل سابقتها. لذا فلابد من إعادة النظر في السياسة الأميركية إذا كنا راغبين في تحقيق تقدم. وإني أعرف الصعوبات السياسة لإحداث هذا.

إذا طلب منك المبعوث الأميركي لمنطقة الشرق الأوسط quot;جورج ميتشيلquot; أن تصاحبه في زيارته القادمة إلى المنطقة وأن تقدم له نصائح، فماذا ستقول له؟

سأقول له إن المشكلة في واشنطن وليس في المنطقة. أنا واثق بدرجة كبيرة أنه قادر على التعامل مع الفلسطينيين والإسرائيليين. ولكن مشكلته في التوجهات التي يحصل عليها من واشنطن وكثير من الموانع السياسية للتعامل مع بعض جوانب الصراع. وأود أن أقول له، يجب أن تحدد ماذا تريد الإدارة والتأكد من أنها شيء له كينونة وقابل للتحقيق قبل أن تذهب إلى المنطقة.

دعنا نعود إلى جهود الوساطة المصرية.

مشكلة حماس معها، كما قرأت، أنها لم تقبل قرار عباس بإرجاء التصويت على تقرير غولدستون.

كان تقرير غولدستون بمثابة كارثة سياسية لمحمود عباس والسلطة الفلسطينية من خلال الانضمام إلى الضغوط الأميركية.

إذن، ما الذي حدث؟

ما حدث هو أن السلطة الفلسطينية ساعدت على نسف التقرير في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بقولها: quot;إننا لا نعتقد أنه يجب التعامل معه الآن. دعنا نؤجله لمدة ستة أشهر.quot;

هل كان هذا بطلب من الولايات المتحدة؟

هذا ما تُشير إليه معظم التقارير. فاستجابة للضغوط الإسرائيلية ضغطت الولايات المتحدة بصورة جليه على عباس لتأجيل التصويت على التقرير والتي انصاع لها محمود عباس. كانت ردود الفعل داخل فلسطين وبين الفلسطينيين والناس في العالم العربي لم يسبق لها مثيل. في الواقع لم أر شيئًا مثل هذا منذ سنتين. إن ضخامة ما قامت به حماس وعباس من سياسات وتحركات على مدار السنوات الماضية محدثة أضرارًا بالمصلحة الوطنية الفلسطينية كافية لجعل الفلسطينيين غاضبين. وما زاد من غضب الفلسطينيين أن السلطة المفترض أن تمثل الفلسطينيين تمنع التحقيق في جرائم الحرب المزعومة التي ترتكبها إسرائيل، فضلاً عن جرائم الحرب المزعومة التي ترتكبها حماس.

هل غير عباس رأيه بشأن التقرير؟

نعم، إنه عكس مساره تحت هذا الضغط الهائل، وبصورة أساسية من داخل حركة فتح. فاللجنة المركزية الجديدة لحركة فتح أثبتت أنها على درجة معينة من الاستقلال. وحقيقة إن عديدًا من مؤيديه، ورئيس الوزراء نفسه، وضغوط اللجنة المركزية لحركة فتح دفعت الرئيس عباس إلى التغيير في مواقفه واتجاهاته.

وماذا عن الإسرائيليين؟

اعتقد أن الإسرائيليين سيسمحون بإجراء تحقيق. فتشير آخر الأخبار من إسرائيل أنهم ماضون في هذا. فمن الغباء عدم إجراء تحقيق. فليس لديهم شيء يخسرونه. يمكنهم مواصلة التحقيق حتى تعود الأمور إلى حالها وبالتالي يخففون من الضغوط على أنفسهم.

هل جهود السلام في منطقة الشرق الأوسط تبددت وانتهت بحيث يمكن أن نطلق عليها أنها quot;ماتتquot;؟

لا أعتقد أنها انتهت أو ماتت، يبدو أن الجميع يريد نتائج فورية من إدارة أوباما، ولكن من السذاجة والحماقة توقع نتائج فورية بشأن تلك القضايا المعقدة. لا أعتقد أنه فات الأوان من أجل التوصل إلى حل الدولتين. ولكني لا أعرف كيف يتم الفصل بين الشعبين، ولا كيف يعيشان جنبًا إلى جنب في ظل أن كليهما لا يريد العيش مع الآخر. ولكني أعتقد أن هذا يستحق هذا الجهد. ولا أعتقد أن الوقت قد انتهى لإجراء محاولات أخرى. فالرئيس الأميركي ما زال أمامه ثلاث سنوات أخرى وقد يفوز بولاية ثانية، وهذا الصراع معقد ومستمر لفترة طويلة من الزمن.

تقرير واشنطن