إستأثر بيان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وإعلانه عدم رغبته في الترشح إلى الرئاسة في الانتخابات القادمة المقرر عقدها مطلع شهر يناير/كانون الثاني باهتمام الصحف الإسرائيلية اليوم الجمعة.

تل أبيب: تراوحت ردود الفعل والتغطية في الصحف الإسرائيلي الإسرائيلية لإعلان محمود عباس عزوفه عن الترشح للإنتخابات بين الحديث عن مناورة فلسطينية جديدة للضغط على الإدارة الأميركية وإسرائيل، وبين القول بأن عباس وصل فعلا إلى قناعة بأن لا أمل يرجى من المسيرة السلمية. واستعرضت يديعوت أحرونوت باقتضاب سيرة خمسة من قيادات فتح ترشحهم لخلافة عباس في المنصب وهم مروان البرغوثي ومحمد دحلان وأبو ماهر وناصر القدوة وجبريل الرجوب ونبيل شعث.

إلى ذلك تابعت مواقع الانترنت العبرية مداولات الجمعية العمومية للأمم المتحدة وتبنيها لتقرير غولدستون، فيما تابعت الصحف ملف سفينة الأسلحة التي اعترضت قوات كوماندو بحرية إسرائيلية طريقها وقادتها للسواحل الإسرائيلية، حيث أشارت هآرتس في هذا السياق إلى أن وزارة الخارجية الإسرائيلية تدعو إلى استغلال هذه القضية لزيادة الضغوط على إيران. وكشفت يديعوت أحرونوت النقاب عن أن جهاز الشابك ( المخابرات العامة) كان عرض على الإرهابي اليهودي يعقوف تايتل أن يعمل لصالح المخبرات الإسرائيلية.

يديعوت أحرونوت: بدأ الطوفان

إلى جانب استعراضها للتطورات المتتالية والضغوط التي تعرض لها الرئيس الفلسطيني، محمود عباس من قبل رفاقه في قيادة فتح ومن قبل الولايات المتحدة، اعتبرت يديعوت أحرونوت، على لسان محللها للشؤون الفلسطينية، روني شاقيد أن عباس جاد في إعلانه وأن الأمر ليس مناورة سياسية، خلافا لتقديرات ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.

وكتب روني شاقيد يقول تحت عنوان quot;بدأ الطوفانquot; يقول عندما quot;أجريت وزميلي ناحوم برنيع مقابلة مع عباس قبل عام ونصف تقريبا، قال لنا، إنه لن يرشح نفسه لولاية ثانية وردًا على سؤالنا وماذا سيكون بعدك، اختار عباس أن يرد علينا بالتعبير الفرنسي، quot;الطوفان من بعديquot;. وبالأمس وبعد إعلان عباس، بدأت عمليًا انجرافات الطوفان الفلسطيني.

quot;الفلسطينيون ليسوا مستعدين للانتخابات بسبب الانقسام العميق بين غزة والضفة ndash;بين التيار الوطني وبين التيار الإسلامي. كما أنه لا يوجد اليوم في صفوفهم قائد فلسطيني قادر على أن يحل محل عباس. وعليه لم يكن من باب الصدفة أن وصف كبار المسؤولين الفلسطينيين في رام الله، في الجلسات التي عقدت مؤخرًا في رام الوضع الفلسطيني بأنه quot;نكبةquot;.

وبعد ان استعرض روني شاقيد الأحداث والتطورات التي أفضت بعباس إلى إعلان قراره هذا اعتبر أن أحد المسائل الأكثر حساسية وخطورة الآن هي من الذي سيخلف عباس. وقال شاقيد إن الواقع الفلسطيني يشير إلى عدم بروز قائد فلسطيني يمكن له أن يحل محل عباس، فجيل المؤسسين في فتح من قادة تونس، مسنين أيضا من حيث نشاطهم وجيلهم، وجيل الثاني( جيل الانتفاضة الأولى) قد تأكلوا، أما الجيل الجديد فلم ينضج بعد.

حماس المنتصر الرئيسي

وفيما اعتبر شاقيد أن الأميركيين لم يقولوا كلمتهم بعد وأنهم سيضغطون على عباس ليعدل عن قراره، فقد قال إن حركة حماس هي المنتصر الرئيسي من هذه الخطوة. وبإمكان إسماعيل هنية ومحمود الزهار أن يخرجوا وهم يصهلون، ويقولون لسكان الضفة الغربية: quot;لقد قلنا لكم إن سياسة المفاوضات والسلام والتي اتبعها أبو مازن من شأنها فقط ان تضر بالشعب الفلسطيني ونضاله من أجل تحرير الوطن. وستحظى حماس بتأييد كبير في الضفة الغربية ايضا وتقرض من قوة الحركة الوطنية الفلسطينية، وإذا ما تم إتمام صفقة شاليط قريبا وقبل موعد الانتخابات الفلسطينية فإن التأييد الذي سيحظى به هنية والأصوليين الفلسطينيين سيصل عنان السماء، وعندها ستقع حقا نكبة الشعب الفلسطيني.

في المقابل فإن إسرائيل تقف جانبا، ولكن كطرف فاعل، ويجب أن نقول إن الكرة الآن ليست في الملعب الفلسطيني، وإنما أيضا في الملعب الإسرائيلي. لقد نعص نتنياهو حياة عباس، وقد سبق وأن وقعت أمور كهذه في السابق، وإذا ضغط الأميركيون وغيروا سياستهم وأوقفوا الضغوط التي يمارسونها على الفلسطيني، وقويت الضغوط الفلسطينية الداخلية على عباس، وإذا توفر وضع جديد من التوافق القادر على فتح المفاوضات وفق شروط يمكن لعباس تحملها والقبول بفإن هناك أمل بأن يتراجع عباس عن قراره؟

وخلص شاقيد إلى القول: quot;إن الفلسطينيين هكذا يقولون في رام الله ونابلس والخليل يبحثون عن حل جديد يقودهم إلى حرب للتحرر الوطني. وهذه الأقوال حاليا، هي فقط بمثابة أفكار. وعباس المعتزل يقودهم حاليا إلى مزيد من اليأس والإحباط والانكسار الداخلي- إلى نكبة جديدة.

معاريف: باراك يدعو لمواصلة المفاوضات رغم إعلان ابو مازن

قالت معاريف إن وزير الأمن الإسرائيلي، إيهود باراك قال ردًا على إعلان الرئيس الفلسطيني محمد عباس، بأنه يرى أهمية كبرى بأن يتوصل الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي إلى اتفاق تسوية، معربا عن أمله بأنه على الرغم من إعلان عباس، فإن الاتصالات للبدء بمفاوضات بين الطرفين لن تتضرر، مشيرا إلى أن التوصل لاتفاقية سلام هو أمر ضروري لأمن إسرائيل ودول المنطقة. وأكد باراك أنه يؤيد استنفاذ كل جهد ممكن للتوصل إلى اتفاق على أساس دولتين للشعبين، عبر حماية المصالح الأمنية لدولة إسرائيل

نتنياهو لم يفاجأ من إعلان عباس

في المقابل أشارت يديعوت أحرونوت إن ديوان نتنياهو لم يفاجأ من إعلان عباس. وقالت الصحيفة إن ديوان نتنياهو امتنع عن إصدار أي تعقيب رسمي، انطلاقا من أن إعلان عباس هو خطوة تكتيكية تدخل في السياسة الداخلية الفلسطينية، وهي موجهة أساس للآذان الأميركية من جهة ولخدمة مصالح فلسطينية داخلية من جهة أخرى. وقالت مصادر سياسية إسرائيلية أمس إن إسرائيل تمكنت من التوصل إلى تفاهمات مع الولايات المتحدة، ولذلك عليها الآن أن تلتزم جانب الصمت، لأن كل تعقيب أو رد إسرائيل من شأنه أن يعيد الأنظار غليها، وهو بالضبط ما يسعى غليه عباس، أن يوجه المجتمع الدولي أصابع الاتهام والمسئولية عن الوضع الراهن إلى إسرائيل.

وقال مصدر رفيع في ديوان نتنياهو للصحيفة: quot;إنه على الرغم من كل ذلك فإن نتنياهو لا يرغب بذهاب عباس، وهو يحاذر من عناقه عناق الدب ا لروسي، لكنه يعتبر أن عباس هو الأقل سوءًا وضررًا من بين باقي القيادات الفلسطينية، فبعد عباس سيأتي قادة أكثر تطرفا منه. إن عباس مخطئ في تقييمه لموقف نتنياهو، إنه لا يدرك أن نتنياهو على استعداد للذهاب بعيدا في التجاوب مع المطالب الفلسطينية، ولكن دون أن ينقاد كالأعمى، ولكنه بالتأكيد سيحمل معه عروضًا ستفاجئ اليمين الإسرائيلي.