اعتبر جدار برلين خطا فاصلا بين quot;الشرقquot; بقيادة الاتحاد السوفيتي وquot;الغربquot; بقيادة الولايات المتحدة خلال الحرب الباردة، ويصادف اليوم الاحتفال بالذكرى الـ20 لإزالته

برلين، باريس: يصادف يوم 9 تشرين الثاني نوفمبر الذكرى الـ20 لإزالة ما كان يسمى بجدار برلين، وهو السور الحقيقي البالغ طوله 169 كيلومترا الذي أنشئ في مدينة برلين الألمانية في بداية ستينات القرن العشرين ليكون خطا فاصلا لا يمكن اجتيازه بين شطر المدينة الشرقي حيث عاصمة ألمانيا الشرقية (جمهورية ألمانيا الديمقراطية) وشطرها الغربي التابع لألمانيا الغربية (جمهورية ألمانيا الاتحادية). وعموما، اعتبر جدار برلين خطا فاصلا بين quot;الشرقquot; بقيادة الاتحاد السوفيتي وquot;الغربquot; بقيادة الولايات المتحدة الأميركية خلال الحرب الباردة.

وأشار الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف الذي يحضر احتفالية تحتضنها برلين بمناسبة سقوط جدار برلين، في مقابلة مع وسائل الإعلام الألمانية إلى أن جدار برلين كان خطا فاصلا يقسم أوروبا وأن إزالته مهدت الطريق لتوحيد شطري أوروبا وهو ما تم في النهاية.

أما بالنسبة لروسيا فإن بعض أهدافها لم تتحقق، إذ لم تندمج روسيا في المجال الأوروبي المشترك بشكل كامل، وبقي حلف شمال الأطلسي (الناتو) هو التكتل العسكري الذي تبقى صواريخه مصوبة نحو روسيا وفقا لما قاله الرئيس ميدفيديف.

والحقيقة أن جدار برلين أنقذ العالم من كارثة نووية لا تبقي ولا تذر كادت تقع في ستينات القرن الماضي وفق إفادة كونستانين ملنيك بوتكين ألذي تولى الإشراف على أجهزة المخابرات الفرنسية في بداية الستينات.

وقال بوتكين في مقابلة مع صحيفة quot;ارغومينتي إي فاكتيquot; الروسية إن برلين كانت وقتذاك موضع نزاع بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، فنظر الزعيم السوفيتي خروشوف إلى هذه المدينة كعاصمة لجمهورية ألمانيا الديمقراطية متجاهلا وجود جمهورية ألمانيا الاتحادية. وبات واضحا بحلول عام 1961 أن القوات السوفيتية تستطيع محاصرة شطر برلين الغربي الذي يعتبرا جزءا من جمهورية ألمانيا الاتحادية. ولم يمكن للغرب أن يقبل بما معناه خسارة الحرب الباردة، فوضعت الولايات المتحدة خطة يقوم الناتو بموجبها بقصف الاتحاد السوفيتي بالقنابل النووية إذا دخلت القوات السوفيتية إلى برلين الغربية أو حاصرتها.

وأحدث احتمال نشوب حرب نووية في أوروبا فزع الرئيس الفرنسي ديغول، فاستدعى السفير السوفيتي ليخطره بما لديه من معلومات. غير أن المخابرات السوفيتية اعتبرت هذه المعلومات مختلقة، إذ لم يكن في تصور قادة الاتحاد السوفيتي أن تقدم الولايات المتحدة على خطوة كهذه.

ولحسن الحظ - والكلام ما زال للمسؤول الأمني الفرنسي السابق - تمكن جورج باك، الملحق الصحفي في مقر قيادة حلف شمال الأطلسي، من نقل نسخة للخطة الأمريكية إلى المخابرات السوفيتية quot;الكي جي بيquot;. وعندما علم الزعيم السوفيتي بوجود هذه الخطة لم يعد يفكر في ضرب الحصار العسكري على برلين الغربية ولكنه أوجد وسيلة لفرض عزلة على شطر برلين الغربي بإنشاء الجدار.

أما جورج باك، وهو مواطن فرنسي، فقد اعتقلته السلطات الفرنسية وأدانته المحكمة بتهمة التجسس. ولم ينكر جورج باك في رسالة بعث بها إلى الرئيس الفرنسي تعامله منع المخابرات السوفيتية ولكنه أشار إلى أنه أراد بذلك أن يتصدى لسعي الأمريكيين إلى الهيمنة على العالم.

ولم تستطع ابنة جورج باك ارتياد المدرسة بسبب مضايقة الكثير من الطلبة لها ، فنقلها الكي جي بي إلى الاتحاد السوفيتي لتواصل تحصيلها هناك وتحصل على شهادة عالية، ثم عادت إلى فرنسا. واختتم المسؤول الأمني الفرنسي السابق حديثه قائلا إن مخابرات الاتحاد السوفيتي لم تكن تتخلى عن الأعوان أبدا. ومن هنا فإنها استحقت احترام العالم.

الصحف الفرنسية: هناك جدرانا اخرى يجب ان تهدم

بدورها تناولت الصحف الفرنسية في افتتاحياتها الاثنين، تاريخ وحصيلة تلك الثورة السلمية، معتبرة انه اذا quot;انهار جدار فان جدرانا اخرى ما زالت قائمةquot;. وكتب فابريس روسلوه في ليبيراسيون (يسار) انه quot;اذا انهار جدار في الشرق فان جدرانا اخرى ما زالت في المكسيك وفلسطين وسواهما، يجب هدمها يوما ما بالفؤوسquot;. وابدى جان كرستوف بلوكان من صحيفة لاكروا (الكاثوليكية) تفاؤلا عندما اعتبر ان quot;ذكرى انهيار الجدار تدفع الى عدم التشاؤم امام انظمة الغطرسة المعاصرةquot;.

وبشأن الحصيلة اعتبر ايتيان موجوت في لوفيغارو (يمين) ان quot;اوروبا ما بعد الشيوعية لم تفرز مجتمعا مثاليا يحذو فيه احترام حقوق الانسان حذو الازدهار الاقتصاديquot;، مضيفا quot;ورغم ان اوروبا بعيدة عن السعادة (...) فهي اختارت الطريق الصحيح، طريق السلام والوحدة واقتصاد السوقquot;.

من جانبه ساوى ميشال غيو من صحيفة لومانيتيه (شيوعية) بين النظامين quot;لعجزهما الفطريquot;، معتبرا ان المعسكر الشيوعي عجز عن quot;اصلاح نفسه بنفسه من الداخل لانه لم يتمكن ابدا من جعل قضية الديموقراطية في قلب التنمية الاجتماعية ونجاعته الاقتصاديةquot;، وان النظام الليبرالي quot;تلك الايديولوجية التي تحولت في ظرف عشرين سنة الى الفكر الاوحد وادت بالكوكب الى ثلاث ازمات، منها الازمة الحاليةquot;.