في تقرير له تحت عنوان quot;ساركوزي يتفوق على أوباما ويتوج ملكاً للوساطة في الشرق الأوسطquot;، يعد اليوم موقع ذا ميديا لاين الأميركي المهتم بالشؤون الشرق أوسطية تقريراً تحليلياً يبرز فيه آراء خبراء ومحللين سياسيين إقليميين حول الدور البارز الذي بدأ يكتسبه الرئيس الفرنسي نيكولاس ساركوزي على حساب نظيره الأميركي باراك أوباما في المنطقة. فبعد سنوات وسنوات من لعب واشنطن دور الزعامة في المنطقة سواء من حيث الوساطة بعدد من الملفات أو حتى الحروب التي خاضتها بالعراق وأفغانستان، يرى الموقع أن ساركوزي تمكن منذ توليه مقاليد الحكم في آخر عامين من الدفع ببلاده لسحب البساط من تحت أقدام واشنطن في المجريات الشرق أوسطية.

القاهرة: يشير موقع ذا ميديا لاين الأميركي المهتم بالشؤون الشرق أوسطية في تقرير له إلى إن الناس بدؤوا يتجاذبون أطراف الحديث الآن حول ظهور لاعب دولي غير مألوف تماماً على ساحة الأحداث في المنطقة، هو الرئيس الفرنسي نيكولاس ساركوزي. ففي غضون عامين من quot;النشاط الدبلوماسيquot;، أطلق ساركوزي قمة الاتحاد من أجل المتوسط، ودفع بفرنسا إلى واجهة الوساطة الدولية في سوريا، والتزم بأكثر مواقف الدول الأوروبية عداءاً بشأن الملف النووي الإيراني، وأقدم على تكوين صداقات مع إسرائيل، وانضم رسمياً إلى الاتحاد الأوروبي في أفغانستان، وذهب أخيراً إلى المملكة العربية السعودية لإقناع أفراد العائلة المالكة بدعم اقتراحه الخاص بعقد مؤتمر للسلام حول الشرق الأوسط في باريس.

ويرى خبراء إقليميون، حاورهم الموقع، أن مشي ساركوزي الهوينى بالدبلوماسية الشرق أوسطية جاء في تناقض صارخ مع النهج الذي يتبعه الرئيس الأميركي، الذي لم يقم بعد عام من توليه السلطة إلا بزيارة موجزة للرياض وخطاب متكلف ألقاه بالقاهرة. وينقل الموقع هنا عن شلومو ارونسون، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية في القدس، قوله :quot; هذا كله عبارة عن نوع من أنواع النشاط الدبلوماسي الفرنسي الذي يعتقد ساركوزي أنه سيمنحه نفوذا ً دوليا ًquot;. ويردف ارونسون بالقول إنه وفي إطار ما يبذله ساركوزي من جهود للقيام بدور رجل الدولة الصانع للسلام، فإنه يضغط بقوة لإحداث تغييرات بعلاقات فرنسا الخارجية مع العالم العربي، وخصوصا ً سوريا.

ويضيف ارونسون بقوله: quot;لا يأتي تحرك فرنسا باتجاه المنطقة من منطلق رغبتها في الحصول على النفط العربي مثلما تفعل الدول الأوروبية الأخرى كالدول الاسكندنافية، واسبانيا، واليونان. لذا قد يكون ساركوزي مفيدا ً في محاولة إظهاره لسوريا أن ثمة أمورا ً إيجابية قد تتحقق بشأن ملف هضبة الغولان، وأن نيتنياهو يفكر في الأمر بصورة جادة. كما تلعب فرنسا دوراً مثيراً في الشأن الإيراني. فها هم المسؤولون الفرنسيون يؤكدون مراراً وتكراراً على أنه في حالة فشل المجتمع الدولي في كبح جماح طموحات إيران النووية، فستلجأ إسرائيل إلى الخيار العسكري. وهو ما يعطي مصداقية للتهديدات الإسرائيلية، التي مازالت موضعا ً للنقاش. وبمعنى آخر، يعبر الفرنسيون عن التهديد العسكري الإسرائيلي بشكل أكثر قوة من باقي الدول الأوروبية، مثل ألمانيا، التي تمتلك قدر أكبر من المصالح الاقتصادية في إيرانquot;.

أما حسين بستاني، الذي يعمل من باريس محرراًَ بمجلة quot;روزquot; الإيرانية الرائدة، فقال إن تغيير المسار الأكثر دراماتيكية منذ تولي ساركوزي رئاسة بلاده تجلى بوضوح في علاقات فرنسا بإيران. وتابع حديثه بالقول :quot; لقد تغيرت طريقة الحكومة الفرنسية تجاه إيران بصورة تامة بعد أن أصبح ساركوزي رئيسا ً للبلاد. في حين يُنظر إلى ساركوزي في إيران على أنه من الداعمين لإسرائيل، وأكثر انتقادا ً من سابقه جاك شيراك لطهران. كما كان الموقف الفرنسي تجاه ما حدث في البلاد عقب الانتخابات الرئاسية الأخيرة موقفا ً غاية في الصرامة. لذا لم يكن هناك وفاقا ً بين السلطات الإيرانية وفرنسا على الإطلاق. وقد جاء الرد الإيراني على ما أُطلِق عليه quot;الساركوزيةquot; كمحاولة لتهميش دور فرنسا في الحوار السياسي بالبلادquot;.

بينما يرى أليكس جاكسون، المحلل السياسي والخبير في الشأن الأفغاني بالمجلس الدولي للأمن والتنمية في باريس، أنه في الوقت الذي لا تحظى فيه فرنسا بقدر كبير من التأثير على أرض الواقع، قام ساركوزي أيضا ً بتغيير الدور الرمزي للبلاد بشكل كبير في الائتلافات العسكرية الدولية. ويردف قائلاً: quot;بدأنا نلمس دورا ً أكثر بروزا ً ومشاركة من جانب فرنسا في أفغانستان بالإضافة لرغبتها في الذهاب لما هو أبعد من حرب العراق. ويعكس جزء كبير من ذلك شخصية ساركوزي وقناعاته السياسية. كما أنه تمكن في نواح كثيرة من كسر النموذج القديم، ويعتقد أن مستقبل فرنسا لا يكمن فقط في علاقات بلاده بداخل القارة الأوروبية، بل في أن تصبح لاعبا ً هاما ً على الساحة العالمية. لذا، نجده يحاول في الأساس تكوين علاقات مع الجميعquot;.