نجاد يسعي لاستغلاله داخليا .. وإسرائيل لا تعتبره تهديدا استخباراتيا
قمر quot;أوميدquot; الإيراني يثير ردود فعل واسعة ومثيرة حول العالم
أشرف أبوجلالة من القاهرة: جاء الخبر الذي بثه اليوم تلفزيون إيران الرسمي عن نجاح البلاد في إطلاق أول أقمارها الصناعية، محلية الصنع، الذي يحمل اسم quot;أوميدquot; أو quot;الأملquot; ليقع كالصاعقة على كثير من حكومات الدول الغربية، والدليل على ذلك أنه تحول بسرعة البرق لمحور اهتمام وحديث مختلف الأوساط السياسية والدبلوماسية حول العالم على مدار الساعات القليلة الماضية، وبخاصة في العاصمتين واشنطن وتل أبيب، اللتين تترقبان بدورهما كل صغيرة وكبيرة تحدث في طهران، وتسيطر عليهما الآن حالة من الشغف والترقب لما سيؤول إليه هذا التطور التقني الرهيب الذي نجحت الجمهورية الإسلامية في التوصل إليه، بينما تتعرض فيه البلاد لضغوط دولية بسبب برنامجها النووي.
من جانبها ، قالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية في عددها الصادر اليوم أن إطلاق هذا القمر الاصطناعي الذي جاء متزامنا مع احتفالات إيران هذا الشهر بالذكرى الثلاثين لثورتها الإسلامية عام 1979 ، سوف يزيد على الأرجح من مشاعر الخوف والقلق لدى الولايات المتحدة وغيرها من البلدان الغربية فيما يتعلق بطموحات البلاد النووية وقيامها بنشر صواريخ باليستية طويلة المدى لأغراض عسكرية كامنة. وقالت الصحيفة أيضا أن إطلاق هذا القمر جاء في أعقاب بدء الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما لانتهاج لهجة تصالحية تجاه إيران، وعرض فرص الدخول في حوار مشروط بعد سنوات من التوترات بين البلدين.
أما صحيفة الغارديان البريطانية فقد تناولت عبر تقرير تحليلي مطول لها تداعيات تلك الخطوة الإيرانية المثيرة للجدل، وقالت في البداية أن الإطلاق الناجح لهذا القمر يبدو مختلفا تماما من المنظور الأميركي عن المنظور الإيراني. فبالنسبة للحكومة الإيرانية، تعد تلك الخطوة أحد المعالم الهامة على طول الطريق المؤدي إلى استعادة مطالبة بلاد فارس القديمة بوضعية القوى الرئيسية، التي تشعر بأن الغرب تراوده الغيرة لإنكار هذا الأمر عليها. كما أن هذه الخطوة تمثل خطوة بالغة الأهمية في عالم السياسة الإيرانية الداخلية. وأكدت الصحيفة في الوقت ذاته على أن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد وعد عند انتخابه بفوائد اقتصادية سوف تعود على المواطن العادي وكذلك ستصب في صالح عملية التحديث.
لكنه حقق ndash; بحسب الصحيفة - فوضي كاملة في الجزء الأول من تلك المهمة، أما إنجاز الجزء الثاني فهو أمر غاية في الأهمية بالنسبة للجوانب الخاصة بإعادة انتخابه في يونيو القادم، من منظور الناخب العادي وكذلك على نحو أكثر أهمية، نظرا للطبيعة التي تسيطر على الديمقراطية الإيرانية، للقائد الأعلى للثورة الإسلامية، آية الله علي خامنئي. وقال جوليان بورغر ، المحرر الدبلوماسي بالصحيفة ان واشنطن وبعض من العواصم الغربية ترى عملية الإطلاق من منظور المشروع النووي الإيراني، على أساس أنها قد تكون خطوة لتعزيز الإطار الباليستي للبلاد.
فالقدرة على وضع هدف في الفضاء بالتزامن مع الخوف الكامن على تطوير جهاز نووي، أمر من شأنه أن يثير ، ولو على نطاق ضيق، في نهاية المطاف مخاوف من تهديد الصواريخ الباليستية العابرة للقارات التي يمكنها الوصول إلى الولايات المتحدة. وأضاف أنه ولهذا السبب، كان لعملية إطلاق القمة الاصطناعي تأثيرا مباشرا وفوريا على النقاش الدائر بخصوص نظام الدرع الصاروخي الأميركي. ففي الوقت الذي أكدت فيه إدارة بوش على أن هذا النظام يمثل درعا مضادا لإيران، إلا ان روسيا تراه خطرا كامنا يهدد أمنها القومي.
ونقلت الصحيفة عن كريستوفر بانغ، محلل استراتيجي بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة ، أن هناك العديد من التداعيات شديدة الخطورة التي يتم تحريكها بواسطة التصورات أكثر من الحقائق. وأوضح بانغ :quot; أظهر الإيرانيون قدرات بدائية للغاية في احدى سبل التكنولوجيا التي تتطلب قدرا اكبر من التطور quot;. وبحسب أحدث التقديرات الاستخباراتية الأميركية، فإن إيران قد تخلت عن محاولاتها الرامية لإدراج قدر من اليورانيوم المخصب بداخل احدى الرؤوس الحربية الصغيرة التي يمكن تثبيتها في مقدمة أحد الصواريخ، عام 2003.
وأكدت الصحيفة في الوقت ذاته على أن اسرائيل لم تكترث بهذا التقدير، ومع هذا، فإن إطلاق هذا القمر لن يؤثر بشكل مباشر على اسرائيل، فقد سبق لإيران أن أظهرت بالفعل أن بإمكانها الوصول لتل أبيب من خلال صواريخ شهاب 3 التي أخضعتها للتجربة العام الماضي. لكن عملية الإطلاق هذه سوف تضخ المزيد من مشاعر القلق والاستعجال في النقاش الدولي حول إيران، في الوقت الذي تحاول فيه الإدارة الأميركية الجديدة خلق مساحة لتنفس الصعداء مصحوبة بإيماءات ودية مع طهران.
ومن جانبها قالت صحيفة يديعوت أحرونوت في تقرير لها حول نفس الموضوع بعددها الصادر اليوم نقلا ً عن quot;إسحاق بين-اسرائيل quot; - الرئيس السابق لوكالة الفضاء الإسرائيلية - أن القمر الإيراني quot;أوميدquot; أو quot; الأملquot; لا يمثل تهديدا استخباراتيا، لكن استخدام صواريخ باليستية من أجل إرسالها إلى الفضاء يعزز من الفرضيات التي ترجح أن تقوم طهران بتحويل هذا المشروع الفضائي إلى وسيلة تهدف إلى إخفاء الهدف الحقيقي من تلك الخطوة وهو تسليح الصواريخ برؤوس نووية. كما شدد إسحاق على ضرورة التريث لبعض الوقت من أجل التأكد من صحة ما قيل عن أن الإيرانيين نجحوا في تجربة الإطلاق هذه، مشيرا إلى أنهم سبقوا وأن أعلنوا هذا النجاح من قبل، واتضح بعدها أن شيئا لم يكن.
التعليقات