طلال سلامة من روما: انتهت الأزمات التاريخية للأحزاب الغربية الكبرى، في معظم الأوقات، بولادة جيل قيادي داخلها تتراوح أعمارهم بين 30 و50 عاماً. هذا ما حصل مثلاً مع حزب العمال البريطاني والاشتراكيين الأسبان على غرار ما مر به خصومهم السياسيين. ثم سقط الخيار على الديموقراطيين الأميركيين(هاهو باراك حسين أوباما رئيساً لأميركا).

كما أن تغيير الجلد الحزبي أضحى هدفاً رئيسياً للاشتراكيين الديموقراطيين بألمانيا والسويد. في الحقيقة، فان تغيير بنى الأحزاب الأوروبية تعود موضته الى أكثر من مائة عاماً. على صعيد ائتلاف الوسط اليساري الإيطالي فانه يقوم، بعد كل هزيمة سياسية أم انتخابية تعودنا عليها منذ العام تقريباً، بتغيير رموزه السياسية(والتجارية؟) من دون تغيير لهجته وتطلعاته التي أضحت خزانتها خالية من أي فكرة مربحة. من جانبه، يتبنى الحزب الديموقراطي اليساري دور الضحية إنما من هو الظالم والمفترس؟ هل يتجرأ زعماء هذا الحزب على إلقاء اللوم على برلسكوني مثلاً؟

في النهاية، فان تقاذف الكرة في ملعب هذا الحزب، بين زعيم وآخر، أضحى حالة شاذة لغاية السخرية لم تعد تطاق بالنسبة للجمهور اليساري هنا الذي لم يعد يراهن على قدماء الحزب إنما على زعماء شباب تقودهم جرأتهم الى حد الشراسة في التعبير وهذا ما يحتاجه الجميع هنا للاستيقاظ من نومهم. فالماء الباردة على رؤوس الزعماء، الذين يقودون مصالحهم داخل ما كان في الماضي على شكل أربعة أحزاب يسارية رئيسية، لم تعد كافية للقول ان نوم quot;الدب القطبيquot; ليس الحل لمواجهة صرخة الشعب والعمال!

لو تجولنا في كافة المدن الرئيسية هنا، بشمال ايطاليا ووسطها وجنوبها، لوجدنا جيشاً من الشباب الذين يتعاطفون مع التيارات اليسارية والذين تتراوح أعمارهم بين 20 و40 عاماً يتمتعون بروح سياسية طبيعية وأفكار تطيح حتى بأفكار البروفيسور رومانو برودي، رئيس الوزراء السابق، من حيث مغزاها. إذن، علينا ألا نستغرب أن يخضع الحزب الديموقراطي اليساري لعمليات تصفية حسابات مركزة، من نوع جديد، بين زعمائه، من جهة، وناخبيه، من جهة أخرى. ان اليسار اليوم يحتاج الى الثقافة واللغة السياسية الأنيقة وهذا ما لم يستطع لا فالتر فلتروني المستقيل ولا ماسيمو داليما(الذي يبحث بدوره عن وظيفة مؤسساتية جديدة) ولا الوزراء السابقين في حكومة برودي ضمانه لمن احترمهم وقدرهم، صوتاً وفعلاً.

ان الشباب اليساري لم يعد مؤمناً بأساطير الماضي. فكل شيء تغير اليوم الى الأسوأ، على جميع الأصعدة، وان كان اليمين القوي خصمهم السياسي فلا بد من الأجيال اليسارية الناشئة البحث عن يسار قوي قادر على المحاربة وجهاً لوجه بعيداً عن التكنولوجيا ووسائل الإعلام.