نيويورك تايمز تسلط الضوء على إستراتيجية المملكة في المواجهة
السعودية تعيد تجهيز نفسها بهدف القضاء على خطر الإرهاب

أشرف أبوجلالة من القاهرة: أعدت صحيفة النيويورك تايمز الأميركية تقريرا مطولا نشرته بعددها الصادر الأحد للحديث بمنظور تحليلي عن المحاولات التي تقوم بها المملكة العربية السعودية خلال هذه الأثناء من أجل القضاء علي خطر الإرهاب. وفي بداية تقريرها، قالت الصحيفة أن بعض الحواجز الخرسانية القريبة من برج الحراسة الذي يقع خارج مركز تدريب مكافحة الإرهاب الرئيسي في البلاد، ما زالت مصابة بمجموعة من الشظايا النارية، وأشارت الصحيفة إلى أنها ما زالت باقيةحتى الآن كصورة مؤلمة من ذكريات الماضي الإرهابية: عندما قام أحد الانتحاريين في ديسمبر عام 2004 بتفجير سيارته هناك، ضمن سلسلة من الهجمات المميتة التي قام بتنفيذها مجموعة من المسلحين الإسلاميين وأدت لقلب الأمور رأسا ً علي عقب في المملكة. ونقلت الصحيفة عن قائد مركز التدريب الذي وصفته بالضابط طويل القامة الذي يرتدي زيًا مموهًا وقبعة سوداء، بعد أن رفض الإفصاح عن هويته لأسباب أمنية: quot;لقد كان الأمر أشبه بالدعوة للاستيقاظ والاستفاقة. فالموقف كان سيئًاquot;.

هذا وتوجد لوحة داخل مكتب القائد تحمل أسماء 57 ضابطًا سعوديًا لاقوا حتفهم خلال مكافحتهم للارهاب في الفترة ما بين عامي 2003 و 2005. وأكدت الصحيفة من خلال تقريرها على أن تلك الوفيات تسببت في حدوث تحول حاسم هناك. فقد رفض كثير من السعوديين الاعتراف بالسمعة التي التصقت ببلادهم بصورة متزايدة علي أنها حاضنة للإرهاب، حتي بعد موجة الاحتجاج الدولي التي تلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001.

ومنذ ذلك الحين، تغيرت الكثير من الأمور. عندما أطلقت المملكة العربية السعودية آخر قوائمها الخاصة بالمطلوبين من المشتبه في انتمائهم لتنظيمات إرهابية خلال شهر يناير الماضي، وقيل إن جميع من شملتهم تلك القائمة وعددهم 85 فردًا يتواجدون خارج المملكة. وكانت تلك الحقيقة مقياسًا لبرنامج مكافحة الإرهاب الطموح الذي تم تشكيله هنا على مدار السنوات القليلة الماضية. فقد قامت الحكومة بشن حملات قمعية قاسية علي الخلايا الإرهابية ومصادر تمويلها، واستئصال الضباط الذين يوجد لديهم تعاطف مع الإرهابيين وكذلك القيام ببناء شبكة من فرق سوات بحيث تكون أكبر حجمًا وأكثر فاعلية. وأشارت الصحيفة كذلك إلى أن ضباط الشرطة النظاميين يحصلون الآن علىدروس تدريبات خاصة بمكافحة الإرهاب على مدار شهر كامل كل عام.

وقال القائد، وفقًا لبيان تقديري ثمنه مسؤولو أمن غربيون إلي حد كبير :quot; لقد تمكنا من قتل أو اعتقال كافة المقاتلين، ولاذت البقية بالفرار إلي أفغانستان أو اليمن. وكل ما تبقى هنا هو أحد الأجهزة الإيديولوجيةquot;. وأوضحت الصحيفة أن المدى الخاص بهذا الجهاز يبقي غير متضح المعالم. وأكدت الصحيفة أن الحكومة السعودية، التي كانت تبدو غير عازمة على الاعتراف بدور هذه البلاد الحيوي في تشجيع العنف الجهادي في جميع أنحاء العالم، قد أصبحت أكثر انفتاحية على التحديات التي تواجهها.

من جانبه، قال تركي العطيان، مدير اللجنة النفسية ببرنامج إعادة التأهيل :quot; نحن لا نزال في البداية، وأمامنا الكثير كي نتعلمهquot;. وقال عبد الرحمن الحدلاج، مدير الأمن الأيديولوجي بوزارة الداخلية السعودية :quot;إن مهمة تغيير العقول ليست بالعملية السهلة، كما أنها تستغرق وقتًا طويلاً. فعلينا أن نقوم بمراقبة المساجد ومقاهي الإنترنت، لأن الإرهابيين يستخدمون تلك الأماكن لتجنيد عناصرهم. كما أنهم يستغلون في بعض الأحيان النشاطات التي يقوم بها الطلبة بعد الدراسة، وهنا توجد الخلايا النائمةquot;. وعلى الرغم من كل النجاحات التي حققوها على الصعيد العسكري، إلا أن المسؤولين العسكريين بدو أكثر حذرًا في ما يتعلق بإعلانهم تحقيق الإنتصار علي الجهاديين، وبخاصة عندما تخلق أزمات غير متوقعة مثل الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحماس سحب مفاجئ من الغضب الشعبي الذي قد يثير مشاعر غضب المتطرفين.

وأكدت الصحيفة في النهاية أن المملكة تمكنت في الوقت ذاته من تجهيز نظام السجون الخاص بها بصورة تامة، بعد أن كان يتعرض لانتقادات شديدة بسبب ما يتردد عن انه يشهد أجواءً غير إنسانية. وأشارت الصحيفة إلى أن خمسة سجون جديدة قد تم بنائها في غضون بضعة أشهر العام الماضي ndash; كما حدث من جانب الشركة العقارية الخاصة بأسرة بن لادن ndash; التي يحتجز بكل منها ما يتراوح بين 1200 و 1500 سجين. واختتم قائد مركز التدريب الذي يوجد مقره بالعاصمة الرياض، ويوجد به 400 فرد من قوات الكوماندوز المستعدين للتعامل مع أي هجمات طيلة الأربعة وعشرين ساعة: quot;نحن ضحايا للإرهاب. وليس الأمر كما يفكر فيه العالم quot;.