طالبان الباكستانية تستغل الوضع على أكمل وجه
قلق أوروبي بريطاني من فتور علاقات واشنطن بإسلام آباد

عادل درويش من لندن: أعربت مصادر دبلوماسية وعسكرية أوروبية عن قلق بالغ في لندن وعواصم أوروبية من سيطرة طالبان على مناطق في شمال غرب باكستان تبعد عن العاصمة إسلام آباد في وقت بردت فيه العلاقات بين باكستان والولايات المتحدة بعد انتقاد وزيرة خارجية الأخيرة هيلاري كلينتون للحكومة الباكستانية أمام الكونغرس.

وابدى مصدر دبلوماسي اوروبي استغرابه من توجيه السيدة كلينتون تحذيرا، اعتبره quot; غير دبلوماسي اللهجة وعلنيا اكثر من اللازم quot; لحكومة إسلام آباد حيث جاء فيه ان الحكومة الباكستانية quot; ليس امامها الا تحدي طالبان باقصى الجهود quot;، بينما لا تقدم الولايات المتحدة المساعدات اللازمة quot;وتعتمد سياسة عسكرية تزيد من شعبية طالبان quot; على مناطق الحدود الباكستانية الافغانية. وقد جاء توجيه كلينتون تحذيرها لاسلام آباد بعد اقل من 24 ساعة من انتقادها الباكستانيين في شهادتها امام الكونغرس واتهمتها quot;بالخضوع لطالبان والتنازل عن سيادتهاquot;.

وفي لقاء مع ايلاف، حذرت مصادر عسكرية ودبلوماسية غربية من ان فتور العلاقات بين الولايات المتحدة وباكستان امر في غاية الخطورة خاصة وان طالبان تسيطر الآن على مناطق تبعد 60 ميلا فقط عن العاصمة إسلام آباد. واضاف مصدر عسكري بان وقوع اجزاء من الترسانة النووية الباكستانية، او مواد اشعاعية ذرية في ايدي طالبان ومتطرفين اسلاميين سيكون كارثة يدفع العالم ثمنا باهظا لها في الارواح والمنشآت.

ورغم نفي المصادر الرسمية الباكستانية فقدانها السيطرة على اقاليم في الغرب والشمال، اكدت المصادر الدبلوماسية الغربية في المنطقة ان طالبان تسيطر على مقاطعة وادي سوات وعاصمتها سوات، ومدينة بونر 60 ميلا شمال غرب إسلام أباد. وقد تلقت وزارات خارجية اوروبية برقيات من دبلوماسييها تفيد بان قوات الشرطة الباكستانية خرجت من المدينة، بينما استولت طالبان على المباني الحكومية وسيارات وادوات ومعدات ومخازن الوكالات الدولية؛ واقامت طالبان الحواجز على الطرقات.

وكان متحدث باسم طالبان في مدينة سوات رحب يوم الاثنين quot; بالأخوة أسامة بن لادن ورفاقه وكل المجاهدينquot;.

وحسب المصادر نفسها فان الاميركيين انتقدوا حكومة اسلام آباد بتخليها عن اهالي المنطقة الذين يزيد عددهم عن 650 الفا، وتركتهم فريسة لقوات تقدر بما بين 550 الى 700 فقط من مقاتلي طالبان. ووصف مصدر اميركي توجيه الحكومة الباكستانية لثماني سرايا من قوات الحرس الحدودي لبونر بأنه quot;جاء متاخراquot;. وقال مصدر عسكري اوروبي إن أهالي مدينة بونر كونوا ميليشيا خاصة تمكنت من صد طالبان لثمانية اشهر، لكنها لم تتلق اي مساعدات من الحكومة وانهارت امام هجوم طالبان منذ ايام.

وكان قرار حكومة اسلام آباد بالسماح لطالبان وحلفائها من مشايخ القبائل بتطبيق الشريعة الاسلامية بدلا من القانون العام في ولاية ملاكاند، مقابل تعهد طالبان عدم توسيع هجماتها شرقا وجنوبا قد اثار استياء الاميركيين الذين اتهموا الحكومة بالخضوع للإرهاب. واثار القرار ايضا استياء وغضب الليبراليين والعلمانيين في باكستان نفسها.

لكن مصادر دبلوماسية هنا في لندن اتهمت الاميركيين بزيادة التوتر باستخدامهم قاذفات quot;البريديتورquot; التي تطير بلا طيار ويتم توجيهها من قاعدة عسكرية في فلوريدا، عندما تستهدف احد زعماء القاعدة فانها تقتل ايضا مدنيين ما يزيد مشاعر العداء للولايات المتحدة ويساعد طالبان على تجنيد المزيد من المقاتلين.

وقد ضم الرئيس الباكستاني السابق الجنرال برويز مشرف صوته الى منتقدي الولايات المتحدة واعلن استعداده الى العودة للسياسة quot;اذا احتاجته باكستانquot; وذلك في اول حديث معه منذ خروجه من الحكم ( وسيبث الليلة على قناة الجزيرة الانكليزية في السابعة بتوقيت غرينيتش) .

وفي محاضرة ألقاها في شيكاغو امس الاول عن خطر التطرف الاسلامي وصف رئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير باكستان بخط المواجهة الاول. وبينما وصف التعليم والثقافة وحوار الاديان بانه ساحة الحرب الفكرية ضد الارهاب على المدى الطويل، فان المعركة العسكرية الان في باكستان هي همّ العالم الاول لحرمان طالبان والقاعدة من انتصار قد قلب موازين القوى لصالح الارهاب والتطرف.