بعد مقتل 140 عراقياً خلال يومين وإلقاء القبض على البغدادي
خلافات وراء الكواليس تفجر العنف في العراق

عبد الرحمن الماجدي- إيلاف: تراجع مستوى الأمان الذي تمتعت به المدن العراقية طوال الأشهر الماضية بشكل لافت حيث قتل خلال يومين متتالين نحو 140 شخصاً معظمهم من المدنيين يومي الخميس والجمعة الماضيين، في هجمات انتحارية مستبقة موعد انسحاب القوات الاميركية من المدن العراقية هذا الصيف. وقد سجل شهر نيسان الجاري الأكثر دموية في العراق خلال عام 2009 لوصول عدد القتلى فيه الى 250 ومئات الجرحى. كما أن هذه الهجمات تاتي مع استلام مجالس المحافظات الجديدة مهامها بعد تغيير معظم شاغلي المجالس السابقين عن طريق الانتخابات المحلية التي جرت في شهر كانون الثاني الماضي.

وقد ربط بعض المتابعين العراقيين بين ما أعلن عنه قبل يومين من إلقاء القبض على زعيم تنظيم القاعدة في العراق أبو عمر البغدادي وبين هذه الهجمات كفعل انتقامي، فيما ربط آخرون بين تهميش قوى كانت متنفذة في مجالس المحافظات والعنف الأخير.

السياسي العراقي إبراهيم الصميدعي عضو المكتب السياسي للحزب الدستوري ربط بين عودة العنف للمدن العراقية وبين السعي للبننة المجتمع العراقي الذي يحاول رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي تخطيها بالمصالحة. وألقى الصميدعي خلال حديثه عبر الهاتف مع إيلاف باللائمة على كيانات سياسية كانت مهيمنة على الشارعين الشيعي والسني وهي كيانات طائفية وجدت نفسها مهمشة عقب الانتخابات المحلية التي جرب مطلع العام الحالي، حيث كانت تسعى إلى ترسيخ مبدأ امراء الطوائف في مناطق نفوذها التي هيمنت عليها طوال خمس سنوات في وسط وجنوب وغرب العراق، فوجدت نفسها خارج اللعبة السياسية وفقا للصميدعي، وهو مازاد من غضبها خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية في العراق، بالتورط في الهجمات الأخيرة في العراق. كما ألقى الصميدعي باللائمة على جهات اقليمية لدعم القوى ما أسماها بالقوى الطائفية المهمشة من أجل إعادة ترميمها ودفعها للامساك بمراكز القوى في العملية السياسية في العراق، والضغط على رئيس الوزراء العراقي لاجل الائتلاف معها قبيل الانتخابات البرلمانية المقبلة.

لكنّ مصدرا مقرّبا من وزارة الداخلية العراقية تحدث لإيلاف طالباً عدم الكشف عن اسمه ألقى بتصاعد العنف على خلافات تجري خلف الكواليس بين الحكومة العراقية والقوات الأميركية التي كانت وما زالت تضغط على الحكومة العراقية لاجراء مصالحة شاملة حتى للبعثيين قبيل انسحاب هذه القوات من المدن العراقية بعد نحو شهرين ونصف. وربط المصدر العراقي بين تراجع العنف الواضح بعيد تصريحات رئيس الوزراء العراقية نوري المالكي الشهر الماضي حول عودة البعثيين للعملية السياسية، موضحا أن القوات الأميركية هي التي تمسك بالملف الأمني حتى الآن خاصة من الناحية الاستخبارية وتريد، من خلال رسائل عملية، إفهام الحكومة العراقية أن رفع يدها عن هذا الملف يفتح الباب أمام عودة الارهابيين لتنفيذ عملياتهم بشكل كبير. وهو ماحصل سابقاً.

وربط المصدر كذلك بين رفض القوات الأميركية تأكيد خبر إلقاء القبض على زعيم القاعدة ورئيس مايسمى بدولة العراق الإسلامية أبو عمر البغدادي قبل يومين في بغداد وبين تأكيد القوات العراقية لذلك. وبين أن إصرار الجانب العراقي على أن الشخص الذي ألقي القبض عليه هو البغدادي يأتي لايصال رسالة للجانب الأميركي بأن اداء القوات العراقية حقق تقدما واضحاً خاصة في الجانب الاستخباري حيث تم زرع متعاونين مع الاستخبارات العراقية داخل تنظيم القاعدة خلال الاشهر الماضية وفق ما ادلى به الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ يوم أمس الأول للإعلام حيث أكد أن من تم زرعهم داخل صفوف القاعدة أدلوا بمعلومات عن أماكن تواجد البغدادي وأرقام الهواتف التي يستخدمها ما سهل محاصرته وإلقاء القبض عليه داخل سيارته يوم الخميس 23 نيسان قرب جامع النداء بين منطقتي الصليخ والأعظمية في رصافة بغداد.

غير أن الناطق باسم الحكومة العراقية أوضح أن الشخص الذي ألقي القبض عليه ويجري التحقق من شخصيته اسمه حسن المجمعي، ويعتقد أنه هو أبو عمر البغدادي.

وهو ما يعيد للاذهان ماتردد العام 2007 من مقتل زعيم القاعدة في العراق أبو عمر البغدادي محارب عبد الله الجبوري في منطقة الغزالية في كرخ بغداد في الثاني من شهر مايو 2007. وتم عرض صوره وقتها من قبل القوات العراقية مع تأكيد القوات الأميركية على أنه الناطق باسم دولة العراق الاسلامية وليس زعيمها. وهو مافتح الباب ومازال أمام تفسيرات شتى أهمها أن اسم أبو عمر البغدادي هو لقب لعدة أسماء بعد مقتل محارب الجبوري دأب تنظيم القاعدة على استخدامها.