محمد حميدة من القاهرة: ودع نواب مجلس الشعب المصري الدورة البرلمانية الحالية، والكل يشغلهم سؤال واحد: هل سيعودون إلى المجلس مرة أخرى ؟ أم أن هذه الدورة ستكون الأخيرة ؟ وبالرغم من أن رئيس مجلس الشعب الدكتور فتحي سرور نفى ما يتردد عن حل المجلس quot;إطمنوا مفيش حلquot;، إلا أن القرار لم يثلج صدور النواب، quot;الأيام عودتنا أننا لا نصدق شيئا إلا حينما نرى قرارا رسميا quot;، حسبما قال أمين التنظيم بالحزب الوطني المهندس أحمد عز لدى سؤال بعض النواب له عن حل المجلس، مضيفا أنquot;رئيس الجمهورية هو الذي يملك قرار الحل وحده، ولا يعرف أحد غيره إحتمال صدوره من عدمه.

كلمات المهندس أحمد عز والتي اتفقت مع كلمات أدلى بها أقطاب آخرين بالحزب الوطني، كان لها ابرز الأثر في نمو الهواجس والمخاوف لدى النواب من احتمال حل المجلس اثناء عطلته، وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة قد تمهد لانتخابات رئاسية قبل موعدها عام 2011.

وتبدو تلك الهواجس أكثر عمقا لدى نواب المعارضة وهو ما برز في كلمات النائب علاء عبد المنعم لرئيس مجلس الشعب quot;قانون كوتة المرأة هيعدي هيعدي ولكننا نسجل موقفا للتاريخ ولمضبطة مجلس الشعب الذي لم ندخله مرة أخرى quot;. ولا يبدو مستوى القلق بعيدا عن نواب الوطني، خاصة بعد تسرب أخبار عن تغيير الحزب لثلث نوابه في الانتخابات القادمة.

يقول ضياء رشوان المحلل والباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية ان ما يتردد عن حل المجلس لا يخلو من ظلال كثيرة من الحقيقة، مشيرا الى ان الحجج التي تساق لحل المجلس في المحافل المختلفة ما هي إلا تمهيد اعلامي وسياسي لحل المجلس . ويضيف رشوان الباحث في الجماعات الاسلامية ان التكهنات تستند الى حجج أربعة :اثنتان قانونيتين والأخريين تبدوان واقعيتين. الحجة الأولى هي تخصيص مقاعد للمرأة في مجلس القادم والثانية تعديل في الدوائر الانتخابية.

وقد قرر الحزب الوطني في مؤتمره السابق زيادة عدد مقاعد المرأة لتشمل 56 مقعدا، وقد مرر المجلس القانون المعروف بquot;كوتة المرأةquot; في فترة وجيزة لدرجة ان وصفه رئيس المجلس بان ما حدث quot;تاريخيquot;. وكان هناك حرص من جانب المجلس على تمرير القانون قبل انتهاء الدورة الحالية حتى لو كان على حساب قوانين اخرى مثل قانون زرع الأعضاء الذي لم يقر بعد .

ويرى رشوان ان الحجتين السابقتين تستوجبان تعديلات تشريعية توجب حل مجلس الشعب. بينما الحجة الثالثة فتتعلق بوجود تقارير لدى المجلس من محكمة النقض ببطلان عضوية عدد من الأعضاء بما يلزم حله تجنبا لاي شكوك دستورية في أعماله .أما الحجة الرابعة والأكثر واقعية فهي انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى في مايو عام 2010 بينما انتخابات مجلس الشعب في نوفمبر في نفس العام ،ويشهد عام 2011 انتخابات الرئاسة، الأمر الذي يحمل ازدحاما انتخابيا ليس هناك مفرا من تجنبه الا بجل المجلس .

ويبرر خبراء السبب من وراء حل المجلس هو تكرار ما حدث للإخوان المسلمين في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى 2007 وانتخابات المحليات، في انتخابات الشعب القادمة لكن ربما ذلك يتم بطريقة ديمقراطية صورية بالاتفاق مع احزاب المعارضة الرئيسية والصغيرة ان تدعم التعديلات القانونية مقابل ان تحصل على دعم الحزب الحاكم في الحصول على نسبة من المقاعد التي يشغلها الإخوان حاليا بالمجلس مما يعطي في النهاية انطباعا لدى الرأي العام الخارجي والداخلي بان انتخابات ديمقراطية اجريت بدليل حصول المعارضة على ما يقرب من ربع مقاعد مجلس الشعب. ويشغل الاخوان 88 مقعدا حصلوا عليها في انتخابات مجلس الشعب السابقة 2005.

ويرجح رشوان ان الحل المباشر للمجلس ان يكون مرتبطا بصورة مباشرة برغبة النظام في إقصاء الاخوان المسلمين عن المشهد البرلماني والسياسي المصري بصورة شبه كاملة وبفترة كافية قبل الانتخابات الرئاسية التي يمكن ان تشهد مفاجآت في شخصية مرشح الحزب الحاكم وتؤكد المؤشرات ان طرح جمال مبارك عاد بقوة مما يطرح السؤال حول اذا كان الأمران يمثلان أدوات ضغط والتفاوض مع برلماني الحزب الحاكم وبعض قوى المعارضة وفي مقدمتها الإخوان المسلمين من اجل تمرير ترشيح نجل الرئيس مقابل الحصول على حصص مضمونة في مجلس الشعب سواء تمت الانتخابات في موعدها او مبكرا.

وقد شهدت الدورة الحالية أحداثا ساخنة أبرزها واقعة رفع الحذاء تحت القبة عندما قام النائب الاخواني اشرف بدر الدين بخلع حذائه ورفعه ضد نائب الوطني نشأت القصاص وتسبب ذلك في حرمان بدر الدين من حضور جلسات المجلس.