عزفت الكثير من الجزائريات عن الذهاب للحمامات الجماعية بسبب تسجيل حالات التقاط صور لفتيات وهن شبه عاريات.

الجزائر:
تعتبر حمامات النساء في الجزائر في أوقات مضت من أكثر الأماكن خصوصية، ومن بين أحد أهم الأماكن التي تواظب المرأة الجزائرية على ارتيادها منذ زمن بعيد كونها لا تقتصر على إراحة الجسد فقط بل إنها تريح العقل أيضا؛ وذلك لأن الحمام يعد المكان الذي يمد المرأة بصفاء البال والراحة، و توصف في السابق الحمامات بالمكان المغلق الذي يمنح للنسوة حالة فريدة من الهدوء والطمأنينة، كما أنها بمثابة الملجأ الأخير لهن من الضوضاء التي يعشن فيها؛ خاصة في ظل التكنولوجيا الحديثة والمتطورة التي جعلت العالم مفتوحا، ويمكن لأي شخص اقتحام خصوصيات الآخرين في أي مكان و أي زمان.

كان مشهد دخول المرأة الجزائرية للحمامات الخاصة بها مألوفا إلى حد بعيد، حتى نهاية القرن الماضي، حيث اتخذت النسوة من هذا الفضاء مكانا للاستحمام والتمتع بالماء الساخن والاعتناء بكامل الجسد والتداوي وملتقى للتعارف وسرد القصص والتباهي، ناهيك عن جلب الطعام والحلويات، وكذا عرض المجوهرات والحلي للبيع، بالإضافة إلى الدور الذي لعبته الحمامات النسوية في زواج العديد من الشابات، إلى غاية ظهور التكنولوجيا الحديثة من أجهزة الهواتف النقالة والكاميرات الرقمية وتطورها وصغر حجمها، وقلة الوعي الديني والأخلاقي للبعض حيث أصبح من السهل التقاط صور وفيديوهات لفتيات وهن شبه عاريات.

وهي القضايا التي سبق وأن دخلت أروقة العدالة الجزائرية من بابها الكبير، وهو ما أدى إلى عزوف الجزائريات عن الذهاب للحمامات واضطررن إلى الاستحمام في منازلهن بسبب تحذيرات أفراد العائلة بعد انتشار صور لمشاهد فيديو التقطت داخل الحمامات لفتيات كن يستحممن بغية بيعها ومساومة الضحايا ونشرها في الانترنيت.

وقد عالجت السلطات القضائيةعدة حالاتمن هذا النوع بعد تلقيها شكاوي من الضحايا، آخرها كانت السنة الماضية بعد أن فتحت مصالح الأمن تحقيقا حول وجود quot;كاميراquot; داخل حمام نسائي بالعاصمة الجزائرية، التقطت صوراً لإحدى مرتادات الحمام، قبل أن تنشر هذه الصور في أحد مواقع الانترنيت الإباحية وانكشفت الفضيحة، بعد علم أحد أقربائها بوجود صور لقريبته على الإنترنت، ما كاد يتسبب في تفكك هذه الأسرة لولا اكتشاف أن التسجيل تم خلسة دون علم الضحية في حمام نسائي قد يكون مجهزًا بكاميرًا تسجيل فيديو مخفية، وكاد الأمر أن يتسبب في فرارها من البيت أو أن تلقى مصيراً آخر يمكن لأي فتاة جزائرية أن تلقاه من طرف أهلها في حالات كهذه.

إلى جانب قضية أخرى تناقلتها وسائل الإعلام الجزائرية مؤخرًا تتمثل في تداول قرص إباحي لدى بعض الشباب بالعاصمة، يظهر فيه عدد كبير من مقاطع فيديو صورت عن طريق الهاتف النقال لمشاهد فتيات عاريات بإحدى الحمامات التقليدية، والتي قرر بعدها أصحاب الحمامات بتفتيش كل النساء بصرامة شديدة خشية تكرار مثل هذه الحادثة في محلاتهم.

الجزائريات يخشين على أنفسهن بسبب quot;كاميرات الحماماتquot;

واقتربت quot;إيلافquot; من بعض المواطنات الجزائرياتبهدف معرفة مدى إقبالهن على الحمامات، حيث تقول فاطمة الزهراء quot;لقد كنت في السابق إحدى زبونات الحمامات التقليدية، لكن وبعد أن سمعت قصص فتيات أخذت لهن صور و تم مساومتهن...انقطعت عن الحمام وفضلت عدم المخاطرة والاستحمام في المنزلquot;.

و هو ما تؤكده سميرة حيث تقول quot;لقد منعني زوجي من الذهاب إلى الحمام مباشرة بعد ما حدث لإحدى صديقات العائلة حيث تم نشر فيديو لها وهي داخل الحمام على موقع اليوتوبquot;.

وتوافقها بدورها أم السعد في الرأي وهي من الغرب الجزائري، وتقول: ''لقد نشأت في أسرة كبيرة ومن عاداتنا القديمة الذهاب إلى الحمام أسبوعيا مهما كانت أحوال الطقس، إلا انه وبعد انتشار ظاهرة تصوير الفتيات داخل الحمامات، قررنا عدم الاستحمام مرة أخرى خارج المنزل مخافة منا في السقوط في فخ المساومة والابتزازquot;.

حمامات مختلطة للنساء والرجال

وعلى صعيد آخر، وفي سابقة في تاريخ الجزائر، انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة اختلاط النساء بالرجال في بعض الحمامات الواقعة في العاصمة، إذ لم تعد النساء يجدن مشكلة في أخذ حمام مع الرجال والعكس صحيح.

وحسب ما نقلته صحيفة النهار (خاصة) عن شاب رفض الإفصاح عن هويته، وهو يهم بالخروج من الحمام، معبرًا عن موقفه من اختلاط النساء والرجال في الحمام الذي يقصده، quot;بأن الأمر عادي وخاصة أنه لا توجد أية مشاكل بين الطرفين، والأمور إلى الآن عادية، على الرغم من أن الفاصل بين الطرفين هو جدار واحد لا غير، وقد تخطئ المرأة وتدخل غرفة حمام الرجال والعكس صحيح بالنسبة إلى النساءquot;.

وعلى الرغم من صدور عدة فتاوي من فقهاء إسلاميين، تحرم الذهاب إلى الحمامات على اعتبارها فضاء هاتكًا للأسرارومفسدا للأخلاق وكاشفًا للعورات خاصة مع إمكانية التقاط صور ومشاهد فيديوهات، وكذا الاختلاط، تبقى العديد من العائلات الجزائرية تقصد هذه الأماكن باعتبارها فضاء لا غنى عنه في حياتها اليومية، وأنها من العادات الجميلة التي تميز المرأة الجزائرية بصفة عامة والتي لن تقتلها العصرنة مهما تقدم الزمن وتطورت التكنولوجيا.