مؤيد الكنانيمنبغداد: لا تزال الاتفاقية الأمنية المزمع توقيعها بين العراق والولايات المتحدة تثير الكثير من ردود الأفعال بين الأوساط الرسمية والشعبية في العراق.. وقد تباينت آراء رجال الدين والسياسة حول الاتفاقية لكنها أجمعت على أن تحترم الاتفاقية سيادة العراق.
الاتفاقية حرام شرعا
يقول رجل الدين جواد الخالصي إن quot;الاتفاقية الأمنية مرفوضة من الناحية القانونية والشرعيةquot; مطالبا quot;جميع مراجع الدين بالضغط على الحكومة من اجل عدم توقيعهاquot;.
الصورة من موقع الشيخ جواد الخالصي ويضيف الخالصي في حديث لـquot;نيوزماتيكquot; أن quot;موقفنا من هذه الاتفاقية هو الرفض من الناحية الشرعية والقانونيةquot; مشيرا إلى أن quot;القانون الدولي يمنع عقد اتفاقيات بين الدول حينما لا يكون هناك تكافؤ بين الجهتينquot;.
ويتابع الخالصي quot;نحن نعلم أن الولايات المتحدة دولة عظمى محتلة للعراقquot;، ويتساءل quot;كيف توقع مثل هذه الاتفاقية مع دولة ضعيفة محتلةquot;.
ويضيف أن quot;عقد الاتفاقية محرم من الناحية الشرعية لأنها تعطي الولاية لغير المسلمين على المسلمين، للمستعمرين على المسلمين وعلى الشعب، وهذا حرام من الناحية الشرعيةquot;.
ويعتقد الخالصي أن quot;البديل عن الاتفاقية هو العودة إلى المربع الأول من خلال طلب العراق من الأمم المتحدة التدخل في العراق من أجل جدولة واقعية لانسحاب القوات المحتلة، وبعد ذلك يتم تشكيل حكومة مؤقتة تهيئ لانتخابات جديدةquot;.
وتحدد الاتفاقية الأمنية المقترحة بين واشنطن وبغداد، وضع القوات الأمريكية في البلاد بعد انتهاء تفويض الأمم المتحدة لأمريكا في نهاية العام الحالي، ولا يزال بعض السياسيين العراقيين يرون أنها تنتقص من سيادة العراق، فيما قال الجانب الأمريكي أن الإدارة الأمريكية قدمت تنازلات كبيرة للتوصل إلى مسودة اتفاقية ترضي الطرفين.
من اختصاص الحكومة والنواب
أما الشيخ علي النجفي، نجل المرجع الديني الشيخ بشير حسين النجفي فيقول إن quot;الاتفاقية الأمنية بين العراق وأمريكا من اختصاص الحكومة ومجلس النوابquot; مشددا على quot;ضرورة أن لا يمس هذا القرار بالسيادة العراقية والثوابت الوطنيةquot;.
ويضيف الشيخ النجفي في حديث لـquot;نيوزماتيكquot; أن quot;العراق اليوم بلد دستوري، وله نظام وبرلمان منتخب من قبل الشعب، لذا نرى أن مسؤولية هذا الأمر يجب أن تقع على عاتق الحكومة والبرلمانquot;.
ويتابع النجفي أن quot;المرجعية الدينية أوصت منذ اليوم الأول لطرح موضوع الاتفاقية بان تضع الحكومة نصب أعينها السيادة العراقية، وضرورة إشراك جميع المكونات العراقية في البرلمان في اتخاذ القرارquot;، موضحا أن quot;إشراك البرلمان يعني إشراك الشعب في اتخاذ القرارات المصيريةquot;.
ويؤكد الشيخ النجفي أن quot;المرجعية تصدت منذ البداية إلى وضع الصورة العامة لمسيرة العراق، وأرادت أن يقاد العراق بيد أبنائه ضمن نظام ثابت ودستور دائمquot;، لافتا إلى أن quot;العملية السياسية سارت بشكل صحيح لذا فإن الجهات الرسمية المتمثلة بالحكومة والبرلمان هي التي تمثل العراق وهي التي يجب أن تقررquot;.
ويشدد النجفي على أن quot;المرجعية الدينية هي صمام الأمان، وهي تمارس دورها في الخطوط العامةquot;، مشيرا إلى أن quot;موقف مراجع الدين في النجف واحد إزاء الاتفاقيةquot;.
من جانبه يقول مصدر مقرب من مكتب المرجع الديني محمد تقي المدرسي في كربلاء إن quot;المدرسي لا يعترض على إبرام اتفاقيات مع الدول الأخرىquot;، ويوضح أن المدرسي quot;يعترض على أي اتفاقية تنتقص من سيادة العراق واستقلاله وتعرض مصالحه للخطرquot;.
فيما يرفض شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي التعليق على الاتفاقية، ويقول في حديث لـquot;نيوزماتيكquot; إن quot;للعراق حكومة تعمل لمصلحتهquot;.
الإفادة من اتفاقيات مشابهة
أما الشيخ قاسم الطائي فيرى أنه quot;لا يوجد تكافؤ بين العراق والولايات المتحدةquot;، داعيا السياسيين العراقيين إلى quot;الاستفادة من تجارب الحكومات السابقة التي وقعت اتفاقيات مشابهةquot;.
ويوضح الطائي في حديث لـquot;نيوزماتيكquot; أن quot;على السياسيين أن يستفيدوا من التجارب الماضية إبان الاحتلال البريطاني، وأن لا يتورطوا في هذا الأمرquot;.
ويتابع الشيخ الطائي أن quot;تسمية الاتفاقية غير صحيح لأن الاتفاقية تعقد مع أطراف قريبة التساوي بالصلاحيات والنفوذ أما عقد اتفاقية بين إرادة قاهرة وإرادة مقهورة فهو غير صحيحquot;، مطالبا كافة مراجع الدين quot;بتوحيد آرائهم وإبداء آرائهم بشكل واضح وصريحquot;.
القراءة قبل الفتاوى
أما السياسيين فقد طالبوا رجال الدين بمراجعة مواقفهم قبل إصدار الفتاوى التي تحرم توقيعها.
ودعا عضو جبهة التوافق طه اللهيبي رجال الدين إلى quot;قراءة الاتفاقية قبل إصدار الفتاوىquot;.
وأضاف اللهيبي في حديث لـquot;نيوزماتيكquot; أن quot;ما دعا رجال الدين سواء أكانوا سنة أو شيعة إلى رفض الاتفاقية هو عدم قراءتهم للاتفاقية، أو قراءتهم للنسخة الأولى من الاتفاقية أو بسبب التهويل الإعلامي الذي يسمعونه من الرافضين للاتفاقيةquot;.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي واثق الجلبي أن quot;بعض مراجع الدين في العراق ومنهم المرجع الأعلى علي السيستاني يعتقدون بنظرية فصل السياسة عن الدينquot;.
ويضيف في حديث لـquot;نيوزماتيكquot; أن quot;اكبر دليل على هذا الأمر هو تصريح السيستاني بترك هذا الأمر للسياسيين، وعدم إعطائه رأيا صريحا بتحريم الاتفاقية كما فعل بعض علماء الدين الشيعة خارج العراقquot;.
وكان رئيس الوزراء نوري المالكي قد قال في مؤتمر صحفي عقده في النجف بعد زيارته السيستاني في العاشر من أكتوبر الماضي أن السيستاني يوكل المسألة دائما للعراقيين وللقوى السياسية، وما يتفقون عليه ويعتمدونه.
ويعتقد الجلبي أن quot;عقد الاتفاقية ضروري في الوقت الراهن، خاصة بعد فوز الديمقراطيين في الرئاسة الأمريكية الذين يعتبرون أكثر تشددا في مواقفهم تجاه الحرب على العراقquot;.
وكان المرشح الديمقراطي باراك اوباما قد فاز برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية بعد تقدمه على منافسه الجمهوري جون ماكين، في انتخابات أعلنت نتائجها في الخامس من تشرين الثاني الحالي، وكان اوباما قد وعد أثناء حملته الانتخابية بسحب قوات بلاده من العراق خلال ستة عشر شهرا.
التعليقات