بعد أن فرضت نسبة الـ 25 في المئة وجود النساء في مجلس النواب
برلمانيات العراق المحجبات يترقبن المستقبل لإنصافهن من سطوة الأحزاب
صباح الخفاجي من بغداد: من المشاهد التي تتصدر لوحة البرلمان العراقي وجود عدد من النساء البرلمانيات اللواتي فرضت وجودهن ما نسبته 25 في المئة كأقل تقدير ضمن العدد الكلي لاعضاء البرلمان المكون من 275 عضوًا. لكن تبعية معظم البرلمانيات لأحزابهن خاصة الدينية التي سيطرت على المشهد السياسي العراقي منذ ست سنوات أطرت المشهد النسوي البرلماني بإطار التبعية للرجل القائد، حيث زاد من ذلك ارتداء معظمهن الحجاب الاسلامي وعدم بروز امرأة تتصدى لهذه الظاهرة أو تلك إلا نادرًا. ويبدو أن النساء البرلمانيات انتبهن لهذا الخلل وتلك النظرة فانتفض بعضهن تاركات أحزابهن دون رجعة ليصبحن اكثر حرية في طرح الاراء كنائبات مستقلات. أومغردات بعيدًا عن أسراب الاحزاب وإن كنّ داخلها.
إيلاف سألت عددًا من البرلمانيات المحجبات عن مشاريعهن للمستقبل لخوض الانتخابات النيابية القادمة؟
فكانت الاجابات بين التفاؤل والمسالمة والتمرد:
جنان العبيدي... سيكون للمرأة حضورًا وبرنامجًا سياسيًا
ترى النائبة جنان العبيدي إن دور المرأة المحجبة لا يختلف عن دور غير المحجبة. وانه سيكون للمرأة المحجبة في الانتخابات البرلمانية القادمة برنامجًا سياسيًا وحملة دعائية وسيكون لها ممارسات ومحاولات لإثبات نفسها في الشارع العراقي واثبات حضورها الجماهيري...
وتفسر العبيدي النائبة عن المجلس الأعلى للثورة الإسلامية أنّ الانتخابات بالعراق مرت بمرحلتين مرحلة الجمعية الوطنية وانتخابات المجلس الوطني واعتمدت الانتخابات في كلا المرحلتين نظام (الكوتا) والقوائم المغلقة.
لكن انتخابات مجالس المحافظات اعتمدت علىالقوائم المفتوحة ولم يكن الناخب مضطرًا إلى انتخاب المرأة. ومع ذلك رشحت المراة نفسها في انتخابات مجالس المحافظات و بإعداد كبيرة وفازت بعض النساء بنسبة 25% كالنجف وفي بغداد ايضًا. وتجاوز عدد النساء اللواتي فزن في انتخابات مجالس المحافظات 25% وهذا يعتبر انجاز للمراة العراقية...
وردت النائبة المجلسية عن سؤال لإيلاف فيما اذا كانت المرأة ستدخل الانتخابات النيابية العامة بقوائم مستقلة بعيدا عن نظام الكوتا قائلة: لم تتمكن المرأة العراقية من تشكيل أحزاب او كيانات سياسية.
واعترفت العبيدي: ان المرأة العراقية بحاجة إلى بلورة رؤى موحدة في قوائم للانتخابات المقبلة لكنها تمتلك قناعة ان الكثير من النساء ستشكل قوائم وستدخل الانتخابات القادمة بقوائم خاصة بها.
وعن التغيير الذي أفرزته انتخابات مجالس المحافظات والتي أسقطت الطائفية قالت النائبة عن المجلس الاعلى للثورة الإسلامية الشيعي انه لا يوجد فروقات بالخطابات التي رفعتها الكتل السياسية قبل 4 سنوات والانتخابات القادمة..لكن الناخب العراقي تغير وتغيرت قناعاته فقبل 4 أعوام كان الناخب يطالب بالحصول على حقوقه..وكانت الكتل السياسية تطالب بحصول المكونات الاجتماعية العراقية على حقوقها لشعورها بالمظلومية-
لكن المواطن أصبح يطالب بالخدمات اعتمادًا على حاجاته..لهذا تغير خطاب الكتل السياسية
ورغم عدم تبلور مشروع سياسي بقيادة المرأة خلال السبع سنوات الماضية لكن النائبة المجلسية العبيدي لا ترى قصورا في المرأة لان وبعد مرور 7 سنوات فان تجربة المرأة السياسية تجربة حديثة في العراق وانه سيكون لها في الانتخابات النيابية القادمة تجمعا ومشروعًا خاصًا. وقالتquot; أنا متفائلة انه سيتبلور خلال المرحلة المقبلة مشروع انتخابي نسائي مستقل ويثبت وجوده..
أسماء الدليمي-النائبة المحجبة ضرورة لمجلس النواب
النائبة عن التوافق أسماء الدليمي قالت ان وجود المرأة المحجبة في مجلس النواب يعتبر ضرورة كبيرة. وأكدت أن عمل المحجبة لا يختلف عن عمل المرأة غير المحجبة سوى ان المرأة المحجبة تبدي تأييدا للتشريعات والقضايا الدينية وهو جزء من رسالتها.
وترى الدليمي ان مجلس النواب يجب ان يضم كل شرائح المجتمع العراقي ويجب ان تتواجد نساء محجبات و غير محجبات في مجلس النواب..لكن وجود محجبات في مجلس النواب ضروري لان الدستور العراقي يقول ان العراق بلد إسلامي ومن هنا يجب ان يكون وجود النساء المحجبات كبير لدعم التشريعات التي تتوافق مع الشرع الإسلامي..
وأكدت الدليمي :ان المرأة لديها برنامج سياسي وان المرأة العراقية مديرة في مدرستها ومديرة في بيتها.واعتمد مجلس النواب كثيرا إلى النائبات في عمل اللجان.
لكن النائبة السنية أهابت بمسؤولي الكتل السياسية ان يستقدموا ويستعينوا بنساء قياديات فاعلات وان يتم الاعتماد على نوعية النساء دون الكم لان نوعية النساء او الرجال ان كانت واعية مثقفة ومدركة وقادرة على القيادة فانها ستغني عن ازدياد الكم وضياع فرص البناء.
اما عن مشروع المرأة المحجبة في الانتخابات النيابية العامة فانه من خلال الخبرة التي تمتلكها المرأة فأنها جديرة بالقيادة. ولا تعتقد الدليمي ان المرأة ستدخل في الانتخابات النيابية العامة القادمة بقوائم مستقلة خاصة وقالت :ليس عندنا حزب سياسي خاص بالنساء وإنما النساء عاملات ضمن أحزاب يقودها الرجال.وهو امر موجود في العالم كله..
وتؤمن أسماء الدليمي النائبة التوافقية ان المرأة المحجبة تستطيع ان تفعل القانون وانه سيكون لها دورا فاعلا في الانتخابات النيابية القادمة، لكنها لم تفصح عن شكل وطبيعة ذلك الدور!!
لكن الإعلامية فيحاء الخفاجي نائبة رئيسة تحرير مجلة ندى الصباح والناشطة بحقوق الإنسان والمرأة قالت أن المرأة البرلمانية المحجبة لم تقدم شيئا للعملية السياسية وإنها كانت صدى لرئيس الكتلة او لزملائها الرجال..وترى ان المرأة البرلمانية المحجبة او تلك غير المحجبة لم تتقدم ولم تقدم شيئًا يذكر ولم تبرز أي واحدة منهن على الصعيد الشعبي..وتستبعد ان تحتل أي واحدة من البرلمانيات المحجبات او غيرهن مكانة في نفوس الناخب العراقي..لأنهن غير حقيقيات ولم يتقدمن في العملية السياسية اعتمادا على كفاءتهن او مهارتهن أو أحقيتهن وإنما تم اختيارهن حسب المحسوبية وصلة القرابة أما برئيس الكتلة السياسية او الأعضاء الآخرين..
وعن نظام الكوتا الذي اقره قانون الأحزاب بأمر من الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر فترى ان فرض نسبة 25% من النساء في الأحزاب كان خطوة لتحقيق او كسب أرضية تستند عليها المرأة في مجال العمل السياسي لكن الناشطة بحقوق الإنسان الإعلامية فيحاء تقول ان المرأة للأسف لم تستفد من الكوتا في تحقيق انجاز شخصي لصالح الشعب او تحقيق آمال الشعب ولم تتمكن هؤلاء النسوة من بناء او مد جسور او جذور في الشارع العراقي لها فان الناس نبذوا الأحزاب الإسلامية المتشددة كما حصل في انتخابات مجالس المحافظات ونبذوا أعضاء تلك الأحزاب ومن ضمنهم البرلمانيات المحجبات ليس لأنهن محجبات بل لانهن كما يفترض ان يمثلن ويطبقن الشريعة الإسلامية ومساعدة المحتاجين وتوفير الخدمات للشعب الامر الذي لم تعره البرلمانية اهتماما او تبذل جهدًا لاحقاقه
شذى الموسوي-الائتلاف تحول من مشروع دولة الى مشروع سلطة
النائبة المستقلة شذى الموسوي تؤكد ان وجود البرلماني المستقل يعتبر امرا صعبا جدا في مجلس النواب وتزداد صعوبة الأمر ان كانت امرأة..
وأقرت في حديث خاص بإيلاف quot; منذ دخولي في الائتلاف الشيعي كنت مستقلة لكني ومنذ 2006 بدأت اشعر ان الائتلاف تحول من مشروع دولة الى مشروع سلطة. كنت أظن ان الائتلاف يسعى لتشكيل دولة جديدة بمفاهيم جديدة ndash;مفاهيم دولة مدنية تحترم وتبقى على الدولة والعقيدة الا سلامية..
وأضافتquot; اكتشفت بعد دخولي الائتلاف الشيعي انه غير ما توقعت تماما..التزمت الصمت و وبقيت صامتة لوقت طويل مع محاولاتي لفعل شيء من الداخل لكن محاولاتي لم تجد شيئا.. واكتشفت أني ان كنت أريد ان أكون صادقة وصريحة فانه ليس بمقدوري الانسجام مع توجه الائتلاف او الدولة بأي شكل من الأشكال..
وواصلت الموسويquot; للأسف الشديد التجمعات السياسية الموجودة إما مبنية على أساس عرقي أو طائفي..
وفي سؤال لإيلاف عن وجود تيار يقارب توجهاتها، نفت الموسوي انسجامها او تقاربها مع أي تكتل قالت الموسويquot; للأسف الشديد لا يوجد تجمع ينسجم مع أفكاري ومبادئي أما التيارات الليبرالية الموجودة فهي بلا هويةquot;.
واكدت الموسوي: العمل كمستقل يكون صعب جدا داخل البرلمان يصاحبه معوقات كثيرة لأنه يجب ان يبذل جهد أضعاف الجهد الذي يبذله العضو المنتمي لحزب ما.وأضافت: المستقلون في مجلس النواب او في الأحزاب عامة لا يوجد أمامهم سوى خيارين إما التحول إلى حزب سياسي أو التفرق وضياع أصواتهم في نهاية الأمر.
وعن إمكانية انتخاب العراقيين لامرأة على رأس قائمة انتخابية قالت الموسوي quot; التجربة علمتنا ان الشعب العراقي لن يصوت للمرأة ان دخلت بشكل مستقل..وحتى لو احترمها الشعب واثني عليها وعلى جهودها لكن الناخب العراقي لن ينتخب المرأة..والأمر يحتاج الى وقت أطول لينتخب الشعب ويثق بالمرأة..
وبخصوص تشكيل كيان او تأسيس تيار قالت شذى الموسوي: تشكيل تيار سياسي يحتاج إلى الأموال الكبيرة جدا إضافة إلى ضرورة إيجاد جهات داعمة.
وواصلت : فكرةعمل مجلس النواب وطريقته وحتى مجالس المحافظات هي طريقة عمل جماعية ففي مجلس النواب عندما تطرح فكرة فلا بد من التصويت عليها وهذا يحتاج ويتطلب إقناع الكتل السياسية الأخرى..
اتمنى ان يكون هناك حزب وطني قائم على فكرة الوطنية وقيم وأفكار ديمقراطية تنسجم مع الإسلام
وقد يكون هناك مستقلون كثيرون مثلي لكنهم لم يجتمعوا ولم ينظموا أنفسهم بحزب او تكتل..لكن مشكلتنا في العراق هي عدم القدرة على العمل الجماعي والفكر الجماعي والحوار والنقاش..انتقالنا من نظام دكتاتوري إلى ديموقراطي ومازلنا نواجه مشكلة في العمل الجماعي حتى على مستوى العمل في منظمات المجتمع المدني فمثلا هناك أفكار ونوايا حسنة لكن الوضع سرعان ما يسوء ولا يتفق الجميع-مشكلتنا في العمل الجماعي
وأبدت شذى الموسوي استياءً من الخلط بين الأفكار وبين الاتجاه الديني فكون النائبة محجبة فهو أمر لا علاقة له بالعمل السياسي فالحجاب ظاهرة إسلامية..
وعن قدرة المراة العراقية على القيادة في العمل السياسي قالت الموسوي: نمتلك اليوم نساء مؤهلات للعمل السياسي،كما.ويوجد نساء قياديات بارزات وكفوءات من خارج مجلس النواب وداخله-والمرأة تستطيع ايضا ان تقود لأنها مؤهلة أيضا للقيادة لكن هذا يتطلب منها إثباتًا للآخرين حيث يجب ان تثبت لهم قدرتها على القيادة وهو ما لا يطلبونه من الرجل..
ولا تبدي النائبة المستقلة شذى الموسوي تفاؤلاً بخصوص الانتخابات النيابية العامة القادمه واكتفت بالقولquot; أنها تفضل عدم المشاركة بالانتخابات النيابية العامة المقبلة وانها تفكر في إكمال دراستها لنيل شهادة الماجستير في اللغة الانكليزية حيث ادى دخولها في مجلس النواب للأربع سنوات الماضية الى توقفها عن الدراسة وهو الأمر الذي تريد إكماله الان..
وأضافتquot; احتاج لوقت لإعادة بناء علاقاتي الاجتماعية والعائلية وحتى الشخصية. كما واحتاج لوقت لإعادة الحسابات..
وترى الموسوي انها قادرة على العطاء في أي مكان تشغله لكنها اعترفت بالوقت نفسه من ان العراق يعاني من أزمة قيادة حقيقية في البلد..وان على الجميع إدراك أن العراق بحاجة إلى قيادات وطنية فعلية..واعتبرت النائبة المستقلة:quot;ان فكرة تشكيل ائتلاف جديد هو خطا تاريخي هائل لأنه يقطع الطريق على اتجاهات سياسية جديدة ظهرت في العراق إضافة الى توجيه ضربة كبيرة للعملية السياسية.
وتعرف الكوتا النسائية بأنها تخصيص عدد من المقاعد في الهيئات التشريعية والتنفيذية بهدف تحقيق نقلة نوعية في عدد النساء المشاركات، والقفز على المعوقات التي تمنع المرأة من الحصول على حقوقها السياسية
وتصبح الكوتا آلية لتوفير فرصة للفئات الأقل حظا في المجتمع ومنها النساء في الوصول الى الفرص
وعلى الرغم من أن المرآة أحرزت تقدمًا ملموسًا على المستوى الإداري في وزارات الدولة وفي التعليم وحصلت أعداد كبيرة من العراقيات على شهادات عليا وكفاءات متنوعة من جامعات عالمية ومحلية وازداد عدد المعيلات من النساء منذ بداية ثمانينات القرن الماضي، وتميزت الكفاءة النسوية في سوق العمل والتجارة والمقاولات إلا أن عدد النساء المشاركات في المجلس الوطني في التسعينات لم يتجاوز عدد الأصابع
الكوتا التي منحت للمرأة لم تأتِ كمكرمة من لدن الطبقة السياسية المتنفذة، بل هي واقع حال فرض عليها فتبنته على مضض، وان كان الهدف منها منح المرأة فرصة المشاركة السياسية، الا ان هذه الكوتا حولت المرأة في مجلس النواب الى رقم يدعم سلطة احزاب الاغلبية او أجندات رئيس الكتلة او الحزب، اذ جلبت المرأة الى مجلس النواب على أساس حصة الطائفة وليس على أساس الكفاءة، فهذه النسبة ليست حقيقية لأنها لم تتمخض عن مخرجات ثقافة ديمقراطية، بل عملية قفز على الواقع وترقيع له وتغاضي او غض الطرف عن تخلفه، فهو قرار فوقي لا يمس القاع الراكد للثقافة الذكورية التي تحول المرأة الى أداة للأستعمال، فتسلبها انسانيتها..
ومن الجدير بالذكر ان تعداد النساء في مجلس النواب العراقي يبلغ 71 من أصل 275 مقعدًا ويفوق تعداد النساء 47% على الذكور في إحصائية غير رسمية.
التعليقات