غربيون : صعوبة الاندماج مع شخصية المرأة المنقبة
البرقع يثير اهتمام الشارع الاوربي


عدنان أبو زيد: جاء تاكيد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الاثنين الشهر الماضي من انه لا مكان للنقاب في فرنسا حيث عده علامة على اخضاع المرأة، وتزامن ذلك مع دعوات غربية تحارب الحجاب والنقاب. وفي حديثها لايلاف قالت فاطمة محمد وهي صومالية ترتدي النقاب وتدفع عربة ابنها الصغير، ان اشخاصا يطلقون عليها باللغة الهولندية quot;الخيمة المتنقلةquot; وانها عاجزة عن الرد. وقالت ان المجتمع والسلطات تحاصرها وربما أضطرت الى الهجرة الى لندن حيث الامر اقل وطأة عليها. وبينما ترى في مدن بلجيكية وهولندية منقبات بعدد اصابع اليد يجبن الشوارع ويتبضعن، الا ان منظرهن مازال يثير الانتباه لاسيما بالنسبة للعين الغربية التي لم تعتاد على منظر أمراة لاترى منها غير كتلة سوداء متحركة بحسب تعبير سيمون فادر وهي هولندية شقراء تؤيد تعري المراة بحدود معينة لانه يضيف quot; مسحة جمالبة الى المشهد اليومي لكن تقف بالضد من النقاب والحجاب.وبينما يرى مايك فوت مان الامر حرية شخصية لكنه يتسائل لماذا تفعل المراة ذلك.

يقول.. جمال المراة يجب ان لايختفي وراء الحجاب، الازهار لاتخاف النحل. وفي سوق شعبي بمدينة ايندهوفن في الجنوب الهولندي تتجول منقبتان تثيران الانتباه وهن يتبضعن، بينما تسير الى جانبهن نساء شقراوات تغطي اجسادهن ملابس الصيف القصيرة والبنطال القصير دون ان يثرن انتباه أحد. وبين الصورتين، فرق بين ثقافتين يراد لهما الاندماج، لكن قوانين الاجتماع والمعتقدات تابي ذلك، فالهوة واسعة بحسب سميع عبد الملك، وهو اسلاموي متعصب وزوجته منقبة..حيث قال لايلاف بمنطق لايخلو من التطرف... حوربنا في بلادنا ونحارب اليوم هنا في المنفى لكننا صابرون والمؤمن مبتلى بحسب رأيه..

يقول سميع.. لي علاقات بجماعات مسيحية محافظة وهم يثنون علينا التزامنا، ويودون لو فعلوا مثلنا. وبالطبع لم يتسنى لنا التاكد من صحة مايقول.


لكن عبد الملك محمد وهو طالب جامعي من الجزائر، يقول انه ضد التعري وضد النقاب في ان واحد. ويضيف لايلاف.. انظر الى الاثنين المنقبة والى تلك الشقراء بملابس الصيف كلاهما متطرفان في اظهار شخصيتهما، وكلاهما محل انتقادات البعض، وفي رايه.. فان الوسطية حتى في الملبس هي الحل المناسب، وكل تطرف مرفوض. وكان ساركوزي ابلغ جلسة مشتركة لمجلسي البرلمان في قصر فرساي أن quot; النقاب ليس قضية دينية وانما مسألة حرية و كرامة المرأة.quot;

واضاف وسط تصفيق قوي من النواب quot;النقاب ليس علامة دينية وانما علامة اخضاع وخضوع المرأة. اريد ان اقول بجدية انه لن يكون موضع ترحيب على اراضينا.quot; وفي اشارة الى مبادرة حزبية طرحها ما يقرب من 60 مشرعا اقترحوا فيها تشكيل لجنة برلمانية لبحث انتشار النقاب وايجاد سبل لمحاربته قال ساركوزي ان هذا هو الطريق الصحيح للمضي قدما.

ويذكر النقاش بشأن النقاب بالجدل الذي ثار لعشر سنوات في فرنسا بشأن ارتداء الفتيات المسلمات للحجاب في الفصول الدراسية. وفي اخر الامر صدر قانون عام 2004 يحضر على التلميذات ارتداء علامات توضح دينهن في المدارس الحكومية.
ويقول منتقدون ان القانون تمييز ضد المسلمين في وقت يجب على البلاد فيه ان تحارب التمييز في سوقي العمل والاسكان وهو الامر الذي سبب خلافا بين التيار الرئيسي للمجتمع وكثير من الشبان الذين ينحدرون من اصول من المهاجرين.


وكانت مظاهر التململ من منظرquot;البرقع quot; تطفح في المجتمع الغربي بعد ان اصبحت ظاهرة quot; quot;المبرقعات quot; حقيقة يومية، لكنها على ندرتها تثير حفيظة الكثيرين، ومنهم quot;بلاستركquot; وزير التعليم الهولندي حيث تحضر وزارته لقرار يمنع البرقع والحجاب في الجامعات، بعد ان منع في اماكن quot; حصرية quot;. لكن حزب quot;بي في ديquot; وهو حزب الاكثرية يرى ان قرار المنع الساري يجب ان يقتصر على المدارس الابتدائية فحسب، وهو المطبق الان في هولندا. ويؤشر النقاش الحاد حول quot; البرقع quot; في الجامعات على المدى الذي يؤثر في المجتمع،

على رغم استغراب البعض ومنهم محمد قادري وهو مدير مركز اسلامي في ايندهوفن حيث قال في تصريح لquot; ايلاف quot;.. أن هناك من يضخم الامر فعدد quot;المبرقعاتquot; في مدينة quot; ايندهوفن quot; لايتجاوز المائة.


ويمثل نقاش البرلمان وقرار وزارة التعليم حول quot; البرقع quot; خطوة جادة في منعه في المجتمع بعد ان طالب نائب هولندي عن الحزب اليميني في وقت سابق بوضع قانون يتم بموجبه سجن المرأة التي ترتدي البرقع، واعتباره quot;رمزاً للظلم والاضطهاد.quot; وتقدم النائب الهولندي، غيرت ويلدرز العضو في حزب الحرية والذي يحتل تسعة مقاعد في البرلمان بمشروع قانون يجعل من ارتداء البرقع الإسلامي في الأماكن العامة جريمة تعاقب من ترتديه بالسجن لمدة تصل إلى 12 يوماً. وقال ويلدرز في اتصال هاتفي مع وكالة الأسوشيتد برس: quot;إن البرقع والنقاب يرمزان إلى اضطهاد المرأةquot;، ملمحاً إن هذه الملابس تعيق اندماج وتكامل المرأة المسلمة في المجتمع الهولندي وتشكل خطراً أمنياً.


وبحسب بيان وزارة التعليم الهولندي فان البرقع يمنع التواصل داخل قاعات الدرسة، ويخلق حالة من التمايز، اضافة الى صعوبة التعرف على شخصية ( المبرقعات ) في كثير من الاحيان، علاوة على خطورته quot; امنيا quot; بحسب الوزارة. ودل استطلاع ميداني في اوساط الطلاب ان اغلب العاملين والدارسين في الوسط التعليمي ينظرون الى الحجاب والبرقع على انه طريقة غريب في السلوك كما انه يخفي ملامح الشخصية ويصعب التعامل معها. لكن المتحدث باسم المسلمين في هولندا، إيهان تونكا، وصف اقتراح ويلدرز في وقت سابق بأنه يخلو من الانسجام، واتهمه بأنه يبحث عن توسيع الشقاق بين المسلمين وبقية المجتمع الهولندي. وكانت الحكومة الهولندية قد قالت في الشهر الماضي إنها تعد قانوناً يقضي بحظر النقاب لطرحه على البرلمان للمصادقة عليه.


وبالفعل أقر مجلس الوزراء الهولندي آنذاك حظر النقاب أو أي غطاء آخر للوجه، في الأماكن العامة، بحجة المخاوف الأمنية. يذكر أن عدداً قليلاً من النسوة في هولندا يرتدين البرقع، غير أن الجدل حول حظره شكل ابتعاداً عن ميزة التسامح التقليدية في المجتمع الهولندي. ويبلغ عدد المسلمين في هولندا بنسبة 6 في المائة، من إجمالي عدد السكان البالغ 16 مليون نسمة.وترى فاطمة قادر وهي طالبة جامعية مغربية وترتدي النقاب في تصريح ل quot;أيلافquot; ان الذرائع التي تقدمها الحكومة الهولندية غير واقعية لانني في قاعة الدرس اتعامل بشكل طبيعي مع زملائي الطلاب الهولنديين والاجانب كما ان المدرسين لم يبدو امتعاضا من البرقع.


واضافت.. ذات مرة سالني احد الطلاب لماذا ارتدي البرقع وكان مؤدبا في سؤاله، لكني اجبته بطريقة مهذبة ان هذا فرض في الاسلام، وقد تفهم الطالب الامر.


الجدير بالذكر ان حملات عدائية تشن بين الحين والاخر ضد المعتقدات والثقافة الاسلامية في هولندا، وبدأ الهولنديون يصابون بخيبة الأمل فيما يتعلق بالتعددية الثقافية، وهو توجه ازداد حدة في السنوات التي تلت، لدى وفاة السياسي المعادي للهجرة بيم فورتوين ومقتل صانع الأفلام ثيو فان غوغ على يدي إسلامي هولندي متطرف.


وكان المصممة الهولندية فاندن بريمن،اقترحت تصميم نموذج حجاب اسلامي برؤية هولندية. وخلال شهور قليلة وُلد quot;الحجاب القبعةquot;، وتطور بسرعة ليصبح مؤسسة تجارية. وصممت بريمن ملابس محتشمة للتنس والتزلج والتمارين الجسدية ورياضيات الهواء الطلق وكانت انسيابية ومأمونة، وحسب قول رجل دين إسلامي محلي، quot;مقبولة إسلامياًquot;. ياتي ذلك في وقت أعلنت فيه الهيئة الهولندية للمساواة quot; أن باستطاعة المدارس الثانوية منع الفتيات المسلمات من لبس الحجاب في صفوف الرياضة البدنية. وقد نُصحت الفتيات بلبس قمصان بقبة مرتفعة وقبعة سباحة. ولكن بعضهن تجاهلن الامر، مفضلات عدم حضور الصفوف الرياضية.