كريستيانو .. خال ٍ من الزوابع !
عـلي ريـاح
كان ذلك قبل أربع سنوات ، حين وضع الفتى كريستيانو رونالدو قدماً في دائرة النجومية في بطولة أمم أوربا .. وكان ظهوره وهو في سن التاسعة عشرة تثبيتاً لأحقيته في ولادة أوربية لنجم برتغالي غض لكنه ذو مفعول كبير
مام المرمى .. ![]()
على رياح
أوربا كانت تتحدث عنه لاسيما وأنه قبل ذلك قد دخل قلاع أولد ترافورد في مانشستر يونايتد .. وكانت كلها معطيات يجب أن يأخذها مدرب المنتخب الاولمبي العراقي عدنان حمد بنظر الاعتبار وهو يواجه في دورة أثينا منتخب البرتغال بسلاحه الأمضى (رونالدو) الصغير ـ بالمقارنة مع رونالدو البرازيلي الشهير ـ .. لم أجد ونحن في الفندق أي مَـلمَح للقلق على وجه عدنان حمد الذي تعودته هادئاً ويكابد كل المصاعب من أجل أن يبدو كذلك أمام لاعبيه وأمام الناس حتى لو كان مضطرباً في أعماقه ..
سألته عمّا إذا كانت لديه معالجة معينة لكريستيانو رونالدو الذي سيواجهه فريقنا .. فقال لي : سيكون خارج أطواره ، ولن يكون له التأثير الذي تتوقعه على فريقنا !
لم أرد على عدنان حمد ، لكني بحكم الصداقة الطويلة أدركت أنه قد دبّر أمراً ما .. وفي الملعب بدأت المباراة وانتهت ، وكان رونالدو في جو آخر خارج التوقعات تماماً .. لقد أجهز عليه خط الدفاع العراقي وبالذات باسم عباس وحيدر جبار ـ على ما أتذكر ـ ولم نعثر له على أي تأثير سوى التصرف بحالة هيجان شديد ، دفعته بالمحصلة إلى ارتكاب أخطاء الخشونة المتعمدة على لاعبينا وهو اللاعب الذي كان من قبل يتلقى الضربات للحد من بأسه!
انتهت المباراة وهزم الاولمبي العراقي نظيره البرتغالي .. ولكن صورة رونالدو كانت تقبع في مخيلتي ، ومعها كثير من تلك القراءات اللاحقة لأخباره والتي كانت تقدمه على أنه فتى مشاكس يختلق المشكلات ويثير الزوابع!
ولكن ، وطبقاً لما ذهب إليه الشاعر العربي ، فإن (كل قوي ٍ للزمان يلينُ) .. والمعنى الذي أردته أن السنوات اللاحقة التي قضاها كريستيانو تحت ناظري السير الكيس فيرغسون شذبت مهارته وكيّفت تصرفاته وفقاً لما تقتضيه النجومية من احترام للنفس وللآخرين .. وبدلاً من أن تمتلئ الصحف الرزينة أو الصفراء بـ (فتوحاته) سيئة الصيت ، صارت تطيل الوصف لمهاراته الناضجة التي تبلورت معها صورته الإنسانية التي تشي بالكثير من الوقار ، وهو ما يرى راصدوه من الكتاب والنقاد أنه سيدفعه إلى ارتياد آفاق أخرى للنجاح ..
حصل كريستيانو على لقب الأفضلية الفردية في الدوري الانكليزي لهذا الموسم الذي يوشك على الانتهاء ، في استفتاءين للجنة المختصة في الدوري ولكتاب كرة القدم .. لكن ما يدّخره لعشاق المان يونايتد غزير .. وربما سيكون أوسع بكثير من عطائه التهديفي الحالي الذي مكنه من إحراز واحد وثلاثين هدفاً في البريمر ليغ ، فضلاً عن أهدافه المحلية الأخرى ومحصلته الأوربية .. وفوق هذا وذاك ، فإن بلاده تتطلع إليه كي يكون قنطرة العبور إلى النجاح في بطولة أمم أوربا بعد اقل من شهر ..
وإذا كتب لكريستيانو النجاح في خاتمة دوري أبطال أوربا أما تشيلسي، ثم بطولة أمم القارة ، فإن من كنا نتصوره قبل أربع سنوات فتى يحلـّق بجناحي الشهرة المبكرة التي ستودي به إلى الذبول ، سيكون علامة برتغالية أوربية عالمية فارقة ، ستضع نفسها باقتدار في واحدة من عربات هذا القطار الطويل الذي يضم أساطين الكرة على وجه المعمورة ..













التعليقات