يخطئ من يظن أن التقارير التي بثها موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم عن الأندية السعودية الثلاثة (الهلال والاتحاد والنصر)، والتي تناولت إنجازاتهم المحلية والخارجية على ذلك النحو العبثي الذي قلب هرم البطولات رأسا على عقب، حيث نصب الاتحاد في المركز الأول، ووضع النصر والهلال متساويين في المركز الثاني، من شأنه الإضرار بالهلال كما توهم البعض، وإنما الضرر الفعلي يقع على الاتحاد السعودي لكرة القدم نفسه إن من جهة قيمته أو اعتباريته.
تقارير (الفيفا) تلك لم تكتفِ ببث معلومات مغلوطة، بل ذهبت إلى التلاعب في عدد بطولات الأندية السعودية، بإسقاط بطولات رسمية عن أندية، ككأس ولي العهد وكأس الأمير فيصل بن فهد، وإضافة بطولات لأندية أخرى كبطولة الدوري، فضلاً عن ازدواجية معاييره في اعتبار ما هو رسمي أو غير رسمي من البطولات. وفوق هذا وذاك فإنها عبثت في تاريخ الكرة السعودية.
ففي حين -مثلا- يحتسب بطولة الأندية الخليجية لمصلحة النصر، نراه يسقطها عن الهلال والاتحاد، وبالمثل يفعل بالبطولات العربية، التي يسقطها في الوقت الذي يحتسب فيه البطولات الخليجية للنصر فقط، أما ثالثة الأثافي حينما يقوم بالتلاعب بتأريخ البطولات السعودية، كما فعل مع بطولة الدوري التي أقرَّ ابتداءها في العام 1966، أي قبل قرابة 10 أعوام من بداية دوران عجلة الدوري السعودي، وفي ذلك كله تجاوز لا ينبغي أن يغض الطرف عنه؛ إذ من الواجب على الاتحاد السعودي أن يبادر لمخاطبة المعنيين بالأمر في (الفيفا) لإيقاف هذا التعدي السافر، والتمادي المرفوض، ففي تلك التقارير استباحة واضحة لقيمة واعتبارية الكرة السعودية، وانتهاك صارخ لتاريخها، ولا ينبغي أن يمر ما حدث مرور الكرام؛ لأن في ذلك مدعاة لمعاودة تكرار ذات الفعل، بل وأشنع منه، من باب أن السكوت علامة الرضا، بل إنني أذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، إذ أرى في تلك التقارير المشبوهة عملية مدروسة لضرب علاقة الاندية السعودية بعضها ببعض، عبر إثارة اللغط فيما بينها، في أهم ما تملك وهي منجزاتها.
وأظن -وليس كل الظن إثم- أن فبركة تلك التقارير لم تكن بطريقة اعتباطية، ولا وفق عمل مرتجل، ولو كان كذلك لأدرنا له ظهورنا، وإنما أراها عملا مدروسا بل وممنهجا، ولعلي لا أجنح بعيداً إن قلت بأن ثمة أيادي ملطخة بوحل الكراهية، وأنامل مغموسة في مستنقع التعصب هي التي فبركت تلك التقارير وعملت على نشرها.
ويبلغ ظني إلى هذا المستوى وأعظم كون تلك التقارير لم تنشر في موقع تديره طغمة متعصبة، ولا في منتدى يقوم عليه ثلة من المتطرفين، وإنما نشرت في الموقع الرسمي لأكبر سلطة كروية في العالم، وهي السلطة التي يفترض فيها حفظ حقوق ورعاية مكتسبات الاتحادات التي تعمل تحت سلطتها، لا انتهاكها بهذا الشكل السافر الذي كان عليه الحال في تلك التقارير.
إنني أدعو اتحادنا الكروي، ليس للتنديد والاستنكار فقط، بل إلى تقديم مذكرة احتجاج ل (الفيفا)، تتضمن شكوى رسمية، ودعوى قضائية لكشف من يقف وراء فبركة تلك التقارير، سواء من حررها للموقع، أو من زوده بتلك المعلومات المضللة، وإن لم يبادر المعنيون بالأمر في اتحاد الكرة، سواء في الأمانة العامة، أو في لجنة الإعلام والإحصاء، فإنني أدعو المسؤولين في نادي الهلال للمبادرة إلى ذلك، فإن يفعلوا يكونوا قد راموا خيراً، وإلا فلات ساعة مندم!
جريدة الرياض السعودية
التعليقات