لم يتحقق أمل السير اليكس فيرغسون بإعادة تاريخ مانشستر يونايتد نفسه عندما واجه برشلونة في نهائي دوري أبطال أوروبا على استاد ويمبلي السبت الماضي.

وبدلاً من إثارة ذكريات الشياطين الحمر العاطفية في أول فوز له بكأس أوروبا على بنفيكا في 1968 وعلى الملعب نفسه، فقد كانت مباراة السبت تكراراً لمعاناة روما 2009 عندما جلس فيرغسون على مقاعد البدلاء ليشاهد إعادة أهوال الاستاد الأولمبي.

برشلونة لا يؤمن بالمصير، على الأقل ليس من نوع المصير الذي يجبر واحداً من أفضل الأندية في تاريخ كرة القدم ليتحمل مسرحية عاطفية تقذف به وكأنه ضحية الفصل الأخير في قصة نجاح فيرغسون ومانشستر يونايتد.

وكما كان الحال في روما، أمضى البارسا عشرة دقائق لينفض الغبار عن أحذيته قبل أن يسدد ضربته الموجعة بالفوز 3-1 في الأداء الذي كان أكثر تأكيداً، وحتى أكثر اشراقاً، من الأداء الذي حطم مانشستر يونايتد قبل عامين.

وأعلن فيرغسون، لأسباب مفهومة، مواساته عن مركز ناديه باعتباره ثاني أفضل فريق في أوروبا. وسيعزي نفسه أكثر من حقيقة أن أفضل نادٍ ليس مجرد نقطة في الأفق، بل إنه اختفى عن الأنظار.

وستكون آلام فيرغسون في هزيمته أكثر حدة بسبب تصريحاته المستمرة على أنه يعلم بالضبط ما ارتكبه من الأخطاء في روما. وأمضى أسبوعين وراء الأبواب المغلقة ليحبك مكيدة لخطة يشعر بثقته بها ليرمي بالمُخل على الأساليب السلسة في تمريرات برشلونة الدائرية.

ومع ذلك، وبكل بساطة، لم يكن لمانشستر يونايتد جواباً للتألق الباهر ليونيل ميسي والدقة الخارقة لحيازة تشابي على الكرة ومجموعة من الخيارات لهجوم البارسا. وتم معرفة شيء واحد وهي الأخطاء التي حصلت أمام مرمى برشلونة، أما الآخر فكان تحديدها واصلاحها بنجاح.

وفي الوقت التي من الممكن أن تخطئ الاحصاءات، إلا أنه في ليلة باردة على استاد ويمبلي تحدثت عن الحقيقة، فقد كانت هناك 19 محاولة على الهدف لبرشلونة في مقابل 4 لمانشستر يونايتد، و13 محاولة مباشرة على الهدف للأول في مقابل واحدة فقط للثاني الذي لم يحصل حتى على ركلة ركنية واحدة خلال المباراة، وارتكب الفريق الكاتالوني خمسة أخطاء فقط.

استسلم أنصار الشياطين الحمر للهزيمة التي كانت مؤلمة جداً، ولكن بعد وضع خيبة أملهم جانباً، فإنهم أشادوا اعجاباً بالعروض التي قدمها quot;الماسترزquot; مثل ميسي وتشابي وأندريس انيستا.

وتكراراً لصدى مباراة روما، بدأ مانشستر يونايتد بداية أفضل فعلاً، ولكن سرعان ما كان هناك ايقاعاً منذراً بالشؤم من لاعبي البارسا الذي كوفئ بهدف بيدرو. وكانت استجابة الشياطين الحمر أفضل من على ضفاف نهر التيبر عندما إنهار، إذ سجل واين روني هدف التعادل قبل نهاية الشوط الأول، الذي كان بصيصاً من الضوء وسط ظلام دامس تقريباً. إلا أن هدفين من ميسي ودافيد فيا في الشوط الثاني حققتا قليلاً من العدالة لهيمنة برشلونة.

ويمكن تحليل نهج فيرغسون التكتيكي واختيار تشكيلة لأيام عدة من دون أي تأثير يذكر. وكان لديه اختياراً مأهولاً من لاعبي خط الوسط بدلاً من دارين فليتشر، وكان يمكنه أن يضع المهاجم الفعال ديميتار برباتوف على مقاعد البدلاء بدلاً من ارسال أفضل هدافه لهذا الموسم إلى مزبلة أولد ترافورد عندما تركه خارج التشكيلة تماماً. ومن الممكن أيضاً تحميل مسؤولية الأهداف على عاتق حارس مرماه ادوين فان در سار، إلا أن كل هذه الحجج غير منطقية. ففي ليلة السبت كان يجب على مانشستر يونايتد أن يكون واسع الإدراك لتخطي برشلونة المثير.

ولم يكن هذا عن التكتيكات بل عن الموهبة أيضاً. فلا أحد يستطيع الاعتراض على هذه الأدلة. وفي الواقع، بالكاد حاول الشياطين الحمر الحد من خطورة لاعبي البارسا. وكانت مباراة بكرة القدم بما يعادل مرادفاً لمحاولة السيطرة على الدبابير!

ومن الصعب أن نرى أنه كيف سيتغلب فيرغسون على المشكلة التي يواجهها، وهو الذي يتحدث عن التحدي المقبل من أحشاء ويمبلي. وتنعكس هيمنة الشياطين الحمر على البطولات المحلية ولقبه الـ19 التاريخي للدوري. ولكن كيف يمكن أن يضيف إلى انتصاراته الثلاث الأوروبية بينما يبقى برشلونة في وضعه الراهن؟

وسيعمل مانشستر يونايتد على إعادة بناء تشكيلته وتنظيمه من جديد لإضافة الألقاب إلى بطولاته المحلية. ولكن سيتطلب من فيرغسون جهداً إضافياً خاصاً لتشكيل الجانب الذي يمكنه أن يزعج برشلونة. فقد سبق له أن حاول ذلك مع فريق يضم كريستيانو رونالدو وكارلوس تيفيز، وبعد ذلك مع جانب الأكثر انضباطاً وبراعة ndash; وفي الحالتين كانت النتائج مؤلمة.

وفي الوقت الذي سبق أن أعلن فيرغسون أنه سيقوم بإعادة بناء فريقه هذا الصيف، إلا أن حجم تفوق برشلونة والثغرة الواسعة والواضحة جداً بين نوعية لاعبي الجانبين ستبلور أفكاره إلى أبعد من ذلك.

على رغم أنه كان وداعاً مثيراً لحارس المرمى فان در سار في مباراة فريقه الأخيرة في أولد ترافورد، إلا أنه أخطأ في تقدير اتجاه الكرة عندما سجل بيدرو الهدف الأول، وكان بطيئاً في الرد على الهدف الثاني الذي سجله ميسي، على رغم أن الركلة كانت قوية جداُ وباعتراف الجميع.

وقد يكون ظهور بول سكولز من مقاعد البدلاء لفترة وجيزة نهائياً، بينما يبدو أن جلوس مايكل أوين لمدة 90 دقيقة على هذه المقاعد قد تنهي حياته في أولد ترافورد. أما بالنسبة إلى بيرباتوف، فقرار فيرغسون بالذهاب إلى ويمبلي من دونه لا يحتاج إلى توضيح أكثر حول مستقبله.

وكان رايان غيغز (37 عاماً)، الذي كان لديه موسماً آخر جيداً، غير مجهز للتعامل مع حركة برشلونة وسرعته، بينما سيبلغ المدافع ريو فرديناند الـ33 عاماً في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. وعلى رغم أن انطونيو فالنسيا كان مخيباً للآمال في هذه المباراة، وفي حين أن خافيير هرنانديز لم يحصل على خدمة التي تثبت جودته، إلا أنهما، جنباً إلى جنب من أمثال كريس سميلنغ، يبدو جيدين لاستثمارات النادي في المستقبل.

ومانشستر يونايتد هو فريق جيد بما يكفي ليكون بالفعل المرشح الأفضل للفوز بلقب الدوري الممتاز الانكليزي في الموسم المقبل. ولكن فيرغسون لن ينخدع بالتفكير أن محصوله الحالي يمكن أن يقهر الحاجز الذي وضعه المدرب بيب غوارديولا بعد تجربة التأديب الثانية في نهائي دوري أبطال أوروبا. وادعى بالفعل على أنه على وشك شراء خدمات ديفيد دي غيا حارس مرمى اتلتيكو مدريد ليحل محل فان در سار المتعزل، في حين وصف آشلي يونغ مهاجم استون فيلا على اعتباره تعزيزاً لخط الهجوم. ولكن هل هما من النوعية المطلوبة لسد الفجوة التي كانت كبيرة جداً ومهيبة يوم السبت مثل الأقواس التي تحيط بملعب ويمبلي؟

ومع توقع رحيل بول سكولز والإفراط في الترويج لمثل مايكل كاريك وبارك جي سونغ في مهمتهما لمعالجة خط الوسط أمام برشلونة، فإنه ينبغي على فيرغسون أن يحقن هذا الخط بلاعبين من الطراز العالمي، وفي الإطار ويسلي شنايدر لاعب انتر ميلان. وعدم تأهل توتنهام لدوري أبطال أوروبا للموسم المقبل قد يدفع فيرغسون إلى دعوة المبتكر الرائع لوكا مودريتش إلى أولد ترافورد.

ويتوقع من شراكة روني وهرنانديز أن تكون مبشرة بالثراء، ولكن مهاجم من الدرجة الأولى قد تكون له أيضاً أولوية ما لم يشعر فيرغسون بأن داني ويلبيك قد ازدهر إلى مرحلة النضج الكامل أو عودة فيديريكو ماكيدا المعار لسامبدوريا قد تقرب من تكملة تشكيلته. إذ قال فيرغسون: quot;نحن لا نتمتع بأن نكون الثاني الأفضلquot;. وفي مصطلح الدوري الممتاز هناك فرصة جيدة جداً للشياطين الحمر في المواجهة والتحدي من دون كل هذا العبء، ولكن الصورة تختلف عن ذلك في دوري أبطال أوروبا.

وهذا الوقت ليس مناسباً لمانشستر يونايتد إلى إعادة الإعمار الشامل بعد الفوز بلقب الدوري بفارق 9 نقاط، ولدى فيرغسون الأسس للتشكلية التي انشأها تدريجاً للفوز بالألقاب. ومع ذلك فإن الضربة الأحدث التي تلقاها من برشلونة قد تدفع إلى سؤال: هل كان هذا توضيحاً صارماً عن مدى اضطرار مانشستر يونايتد إلى الترحال للحصول على انتصار آخر في دوري أبطال أوروبا؟