تخيل أنك أكبر مدير فني بريطاني لكرة القدم في العصر الحديث، وربما الأعظم في كل الأوقات. وتخيل انك فزت بدرجة شرف في كل ما عرضه عليك نادٍ لكرة القدم ما مجموعه 46 جائزة في شمال البلاد وجنوبه، وعدد لا يحصى من الجوائز الفردية مثل أوسمة الامبراطورية البريطانية والقائد، وأخيراً لقب الفارس.

والآن تخيل فقط كيف ستكون حياتك مملة بعد أن ملأت مغارة علاء الدين بالمجوهرات كشاهد على قدرتك، ثم استماعك إلى مشورة الجميع وبعدها تظهر فرقعة المقالات المتنوعة في الصحافة التي تتحدث عن الكيفية التي يمكنك القيام بعمل أفضل مما فعلت.

هذا ما يحدث للسير اليكس فيرغسون، المدير الفني لمانشستر يونايتد، في كل يوم من حياته عندما يوجه نظراته على شاشة التلفزيون أو يتطلع في صحيفته أو يستمع لراديو سيارته، أو عندما يطلب عشاء في مطعم محلي أو عندما يقفز في سيارة أجرة... إنه محاصر بـquot;نصائح الخبراءquot;.

وفي الوقت الذي تم تسويته لوجهة لقب الدوري الممتاز، أصبح الفوز بدوري أبطال أوروبا لقمة سائغة. ولكن حتى هذا لم يعطيه فترة للراحة. فبدلاً من ذلك انهارت عليه موجة من مطالبات توجيهية quot;مفيدةquot; لتحطيم من هم حوله. ولا شك أن أفضلها كان في إحدى الصحف البريطانية مؤخراً بعنوان: quot;هذه هي مهمتك: ايقاف ميسيquot;!

نعم، كان العنوان جزءاً أساسياً لوجهة نظر عرضت على أنجح مدير فني في اللعبة الجميلة الذي قد يرغب الأخذ بالاعتبار قدرة أفضل لاعب في العالم في الحسبان عندما يحل الموعد المهم في ويمبلي في 28 الجاري.

هذه هي كرة القدم التي ترادف وضع ملصق على علبة من الفول السوداني يقول: quot;هذه العلبة تحتوي على المكسراتquot;. وكانت هناك اقتراحات أخرى متناثرة عبر وسائل الإعلام أقل وضوحاً، ولكنها كانت غير ضرورية على حد سواء.

وقدمت النصائح لفيرغسون على اللعب بأسلوب 3-5-2 أو 4-4-1-1 أو حتى 4-6- صفر. وقيل له أن يقوم بشن هجوم شامل وينسى قوة برشلونة: الضغط من نصف الملعب، وتحريك الكرة على جوانب الملعب، واستغلال قلبي الدفاع أو فضح ضعف النادي الكاتالوني من التعامل مع الكرات العالية.

واقترح آخرون أنه ينبغي على لاعبي الشياطين الحمر التقليل إلى حد أقصى من ارتكاب أخطاء ضد لاعبي برشلونة: الانتظار بإصابة اللاعبين بالدوار بعد تمريراتهم القصيرة المعروفة ثم القيام بهجوم مضاد في المراحل الأخيرة، أو استخدام واين روني في خط الوسط أو على أحد الجناحين، والاندفاع من خط الوسط، أو استغلاله في كل ما سبق.

وتم نصح فيرغسون أيضاً بوضع لاعب لمراقبة ليونيل ميسي: دارين فليتشر أو ريان غيغز أو بارك جي سونغ، ووضع لاعب آخر لمراقبة تشابي أيضاً وأندريس أنيستا. في الواقع، لماذا لا يحاول مراقبة جميع لاعبي برشلونة طوال المباراة بأكملها والتخلص من ركلات الترجيح. وببساطة، لماذا لا يطلب من سيرجيو بوسكيتس وناني لتسوية دوري أبطال أوروبا مع المنافسة في اسقاط نفسيهما في خط الجزاء لأنه أفضل ما يفعلونه؟

على محمل الجد، عندما تصبح وسائل الإعلام العقل المدبر والموجه تكتيكياً فإنها تفترض أن شخصية مثل فيرغسون قد تطلب مشورة منها. فمتى شكت وسائل الإعلام بأن هناك حيلة مبتكرة ولم يكن الاسكتلندي ذكياً بما فيه الكفاية لأخذها في الاعتبار بعدما قضى أكثر من نصف قرن من حياته في عالم كرة القدم؟ وهل يعتقد المرء حقاً بأن هناك جوانب من اللعبة لا يمكن أن يفهمها حتى كارلو أنشيلوتي في تشلسي وهو في الـ51 عاماً من عمره؟ فشرود حاجبه الأيسر يمكن أن يعمل أفضل من معظم نصائح وسائل الإعلام. ويستطيع معظم الأشخاص من قيادة سيارة ولكن لا يمكن لأحد أن يفترض أبداً بأن لويس هاملتون سيحتاج لأحد أن يطلب منه السياقة بأقصى سرعة ويحاول ألا يصطدم بشيء ما.

ومع ذلك، فإننا لا نرى أي تناقض في فعل ما يرادف كرة القدم. في هذه الأيام يمكن لأي مغفل أن يعرب عن رأي سخيف ويتوقع أن ينظر اليه على قدم المساواة مع نظرية اينشتاين النسبية.

وهذا هو السبب في أن كرة القدم هي اللعبة المفضلة في العالم، والرياضة التي نحبها ونكرهها ونجادل حولها وتنتابنا الهواجس بشأنها.

ولكن مع ذلك قد يشعر بعض المراقبين أنه مؤهل لانتقاد أسلوب تعامل فيرغسون مع الحكام أو وسائل الإعلام أو بعض الملابسات المرتبطة بحلقة كرة القدم، خصوصاً قوله: quot;سأترك التكتيكات عموماً لهم (وسائل الإعلام)...quot;.

وعندما سُئل الاسكتلندي مؤخراً عما إذا كان سيسعى للحصول على المشورة من جوزيه مورينيو حول كيفية التغلب على برشلونة، هاج مع تحقيق وصوله إلى المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا للمرة الثالثة في أربع سنوات. وامتنع من الإشارة أن موينيو قد خسر للتو، ورد بطريقة أجبرت الصحافيين على البحث عن البدائل وطرح أسئلة عن تشكيلته الأساسية. ولكن بدلاً من ذلك قال فيرغسون: quot;سأخذ بالاعتبار المعلومات لأن جوزيه مفيد جداً من هذه الناحية، ولكننا سوف لن نطلب منه ذلكquot;. ما أراد قوله حقاً هو أنه quot;بحق الجحيم ماذا يعرفه جوزيه وأنا لا أعلم به!quot;، وأنه قد يكون محقاً في ذلك.

وبغض النظر عن فوز مانشستر يونايتد على تشلسي في الدوري الممتاز أو لقاء الشياطين الحمر مع برشلونة، فإن الجميع يعتبر نفسه عبقرياً عندما تنطلق صافرة الحكم النهائية، وإذا جاءت النتيجة ليست كما توقعتها وسائل الإعلام، فإنها ستبرر ذلك بأن المدير الفني لم يطبق واحدة من الجزء الحيوي من ذكاءها التكتيكي الذي كانت تصرخ به طوال الليل.

فالإعلام يكون حكيماً دائماً بعد وقوع الحدث!