رغم أنمنتخبي المغرب وتونس لا يتواجدان في أفضل أحوالهما نتيجة للتغييرات التي طرأت عليهما في الفترة الأخيرة ، إلا أن الجمهور العربي يعقد آمالا كبيرة عليهما للحفاظ على سمعة الكرة العربية من خلالالتألق في نهائيات كاس أمم أفريقيا 2012.


آمال عربية كبيرة على منتخبي المغرب وتونس في كأس الأمم الأفريقية 2012

يراهن على منتخبي المغرب وتونسللحفاظ على العرش القاري في ظل غياب المنتخب المصري بطل القارة السمراء في الدورات الثلاث الأخيرة والمنتخب الجزائري ممثل العرب الوحيد في نهائيات كاس العالم الأخيرة بعد إقصائهما في التصفيات من جهة ، و من جهة أخرى تواضع مستوى الممثلين الآخرين لعرب أفريقيا في هذه البطولة ، المنتخب الليبي الذي مرّ بظروف صعبة بعد الثورة ضد آل ألقذافي والتي أثرت فيه ايجابيا من الناحية المعنوية وسلبا من الناحية الفنية على بعد توقف الدوري الذي انعكس هو الآخر على جاهزية اللاعبين ، والمنتخب السوداني الذي تبقى نتائجه متذبذبة ولا تخضع لمعايير موضوعية ، كما أن نتائجهما في آخر مشاركة لهما لم تكن في مستوى التطلعات حيث خرجا مبكرا الأول في دورة مصر 2006 و الثاني في دورة غانا 2008 ، و غابا معا عن الدورة الأخيرة في انغولا .
و كان بإمكان حظوظ نسور قرطاج واسود الأطلس أن تتضاعف لو لم توقعهم قرعة النهائيات في مجموعة واحدة وإلى جانب منتخب البلد المنظم الغابون ، وهو ما يجعل مهمة صعودهما معا إلى دور الثمانية صعبة لكنها ليست مستحيلة ، و برأي عدد من المتابعين فان تخطيهما هذا الدور سيعبد لهما الطريق لبلوغ الدور النهائي للمنافسة على اللقب.

ولم تأت المراهنة العربية على المغرب و تونس من العدم ، بل فرضتها جملة من المعطيات الفنية بالدرجة الأولى، تتقدمها التألق اللافت لأنديتهما في دوري الأبطال الذي ناله الترجي التونسي بعد تغلبه على الوداد البيضاويوكأس الكنفدرالية ، الذي أحرزه المغرب الفاسي بعد تخطيه النادي الإفريقي التونسي، وهي معطيات تتشابه مع تلك التي أدت إلى تتويج المنتخب المصري بالبطولة ثلاث مرات متتالية ، حيث تزامن ذلك مع السيطرة شبه المطلقة التي فرضها النادي الأهليعلى مسابقة دوري الأبطال عندما نعلم أن الأهلي يشكل العمود الفقري للمنتخب المصري، بل إن الكثير من الخبراء يربط بين تراجع نتائج الأخير بتراجع نتائج الأهلي على الصعيد القاري ، و لو أن هناك بعض الاختلاف خاصة مع المنتخب المغربي الذي يراهن أكثر على ترسانة من المحترفين الذين ينشطون في أوروبا ، إن مدربه البلجيكي إيريك جيراتس لم يستعن سوى بأربعة أسماء تلعب في الدوري المحلي منهم الحارس المخضرم نادر لمياغري الذي يلعب للوداد البيضاوي ، عكسالمنتخب التونسي الذي لا يزال يعتمد بشكل اكبر على نجوم الترجي والأفريقي أمثال أسامة الدراجي وزهير الذواذي حتىأن كانت صفوفه الحالية تضم 12 لاعبا محترفا لكن يبقى الرهان على اللاعب المحلي من قبل المدرب سامي الطرابلسي سلاحه المفضل.

ويتمتع المنتخبان بنقاط قوة أخرى يراهنان عليها للتتويج بالبطولة الثانية في تاريخيهما ، بعد الأولى عام 1976 بالنسبة للأسود ، و عام 2004 بالنسبة للنسور.

فالمغرب ndash; الذي يشارك في البطولة للمرة ال15- يتوفر على تعداد بشري ثري بوجود عدد من اللاعبين المميزين الذين يتمناهم أي فريق ، بل يمكن القول انه يتمتع بأفضل تشكيل من الناحية النظرية ، في صورة مهاجم ارسنال مروان الشماخ ، و متوسط ميدان فيورونتينا العميد حسين خرجة ، و لاعب وسط كوينس بارك رانجرز عادل تاعرابت ، و عبد العزيز برادة لاعب خيتافي الاسباني و مبارك بوصوفة و المهدي بن عطية و آخرون ، يحدوهم طموح كبير للتكفير عن الغياب عن الدورة الأخيرة و الإخفاق في دورة غانا2008. و يزيد الأسود قوة وجود مدرب محنك و داهية ممثلا في البلجيكي جيراتس ، والذي يعتبره الكثير واحدًا من أحسن المدربين في العالم حاليا ، إذ إن كأس أفريقيا تعد تحديا خاصا للثعلب البلجيكي لإثبات جدارته الفنية و أحقيته بالراتب الشهري الخيالي الذي يحصل عليه.غير أن ما يعاب على المنتخب المغربي هو شح دكة احتياطه ، فبدلاؤه لا يمتلكون الإمكانيات الفنية والبدنية نفسها ولا حتى التجربة نفسها مقارنة بالعناصر الأساسية.

ويتجلى ذلك بوضوح في مركز حراسة المرمى فجيراتس يراهن على لمياغري، أما إذا غاب الأخير تحت أي ظرف فإن عرين الأسود لن يكون في مأمن ، فضلا عن ذلك فإن عدة لاعبين ممن يعتبرون أوراقا رابحة لجيراتس يعانون قلة الجاهزية لكونهم لا يلعبون مع أنديتهم الأوروبية بانتظام مثل الشماخ و خرجة و بوصوفة الذي لم يلعب منذ مدة بسبب توقف الدوري الروسي ، كما يخشى البعض على زملاء خرجة من قلة خبرة جيراتس نفسه ذلك انه لم يسبق له أن خاض استحقاقا على هذا الصعيد كمدرب حتى في أوروبا فهو يشارك للمرة الأولى.

وبدوره تتوفر كتيبة الطرابلسي ndash; التي تشارك في المونديال الأفريقي للمرة ال14 - على نقاط قوة تؤهلها لقول كلمتها في معارك الغابون و غينيا الاستوائية ، فاغلب عناصرها يمتلكون التجربة اللازمة لكونهم يلعبون على الصعيد الدولي منذ سنوات ولم يحصلوا سوى على بطولة افريقيا للمحليين ، و بالتالي ففرصتهم قد تكون الأخيرة لإنهاء مسيرتهم مع المنتخب ببطولة كبيرة تخلد أسماءهم في ذاكرة التونسيين ، كما أن عدم ترشيحهم للبطولة يعتبر في حد ذاته نقطة قوة. فمن جانب، سيبعد الأنظار عنهم، و من جانب آخر، سيحفزهم أكثر من الناحية النفسية لإثبات خطأ الترشيحات تماما مثلما حدث عام 1996 عندما بلغوا النهائي و خسروه من المضيف جنوب افريقيا.

ويبقى الهاجس الذي يخشاه الجمهور التونسي على منتخب بلاده في هذه البطولة يتعلق بمدى قدرة المدرب الطرابلسي على السيطرة و فرض الانضباط على لاعبيه خاصة أولئك المصابين بداء النجومية الوهمية في صورة عادل الشاذلي الذي رفض الانصياع لأمر الطرابلسي في مباراته في كاتالونيا على بعد دقيقتين من نهايتها و مع ذلك وضعه في لائحة ال23 لاعبا الرسمية، ما يؤكد ان المدرب لا يمتلك كامل الصلاحيات الفنية وان هناك جهات أخرى تتدخل في هذا الجانب ، كما يخشون من أن تصاب العدوى بقية اللاعبين ، و في ظل تزايد عدد المحترفين في الخارج يخشى التوانسة أيضا من احتمال نشوب صراع بينهم و بين اللاعبين المحليين للعب في التشكيل الأساسي.

كما أن الهزيمة من ساحل العاج بثنائية نظيفة أدخلت الشكوك حول قدرة أشبال الطرابلسي على الصمود في الكان ، خصوصا أن التحضيرات لهذا الاستحقاق الهام لم ترق للكثير من المتابعين خاصة في ما يتعلق بإجراء مباريات استعراضية مع منتخبات المقاطعات الاسبانية الباسك ثم كاتالونيا و التي لا تسمح بالكشف عن المستوى الحقيقي للاعبين الذين سيتبارون مع منتخبات افريقية تختلف تماما عن مثل هذه المنتخبات. و مثله مثل شقيقه المغربي يعاني المنتخب التونسي أيضا من مشكل عدم انتظام عدد من محترفيه مع أنديتهم بل أن بعضهم مثل جمعة وضعه ناديه اوكسير على لائحة المسرحين. كما أثارت اللائحة الرسمية ردود أفعال عديدة حول مدى احترام الطرابلسي للمعايير الفنية في اختياراته ، بل ان الطرابلسي نفسه ظل منشغلا في فترة الإعداد بقضية خلافته من قبل مواطنه المتألق نبيل معلول على رأس المنتخب أكثر ربما من انشغاله بتحضير لاعبيه.

كما ان هناك نقطة ضعف يعاني منها جيراتس و الطرابلسي ترتبط بعدم ثبات أداء اللاعبين و خضوعهم للمزاجية أكثر من أي عامل آخر.

وكشفت الاستعدادات الأخيرة أن المنتخبين العربيين يحتاجان إلى بعض الرتوش لبلوغ الجاهزية الكاملة ، و يحتاجان إلى انطلاقة قوية و تفادي الخسارة في المباراة الأولى كشرط أساسي لتحقيق منحى تصاعدي في النتائج و في الأداء الفني أيضا.