جاء انتقال الظهير الأيمن للمنتخب الجزائري جمال الدين مصباح من نادي ليتشي الإيطالي إلى مواطنه جمعية ميلان في الميركاتو الشتوي الحالي ليعيد الاعتبار للاعب الجزائري المحترف في أوروبا ، بعد سنوات غاب فيها عن الصفقات الثقيلة سواء في الإنتقالات الصيفية أو الشتوية .


الجزائر: أصبح كوادر المنتخب يبحثون عن أندية تؤويهم و تقيهم شر البطالة لمواصلة مشوارهم الاحترافي رغم أن الكثير منهم لا يزال في ربيع عمره الرياضي ، و لان الطلب على البضاعة الجزائرية شح في المواسم الأخيرة فان محترفي الخضر لم يجدوا سوى اللجوء إلى الدوريات الخليجية كما فعل مجيد بوقرة و كريم زياني و نذير بلحاج و عنتر يحيى و آخرون ، أو البقاء في أوروبا لكن في الدرجة الثانية كما فعل كريم متمور و كريم بن يمينة و عمري الشاذلي، أو في دوريات مغمورة على غرار الدوري اليوناني الذي أصبح يعج باللاعبين الجزائريين، أو حتى العودة إلى الدوري الجزائري مثلما فعل الحارس محمد ب حمو و ياسين بزاز و يزيد منصوري.

فمصباح بات أول لاعب جزائري ينضم إلى نادي ميلان بطل الكالتشيو الإيطالي و المرشح الأوفر حظا للاحتفاظ بعرشه و أيضا اعتلاء عرش أوروبا هذا الموسم. , و عندما نقول ميلان فهو واحد من أقوى و اعرق الأندية ليس في إيطاليا فحسب بل في القارة العجوز جمعاء إن لم يكن أقواها بالنظر إلى تاريخه الحافل بالإنجازات المحلية و القارية ، و مصباح أول لاعب جزائري ينتقل إلى احد الأندية الأوروبية من هذا المستوى لان حتى انضمام كريم زياني إلى اولمبيك مرسيليا الفرنسي عام 2007 كان الأخير قد فقد الكثير من بريقه و مكانته ، و ذلك منذ أن لعب الأسطورة الجزائرية و العربية رابح ماجر لنادي بورتو البرتغالي في نهاية الثمانينات من القرن الماضي حيث ، حيث ساهم صاحب الكعب الذهبية في تحويله من نادي عادي إلى أحد أفضل الأندية.
و الحقيقة أن عدم اهتمام الأندية الأوروبية الكبيرة باللاعبين الجزائريين ليس ظلما لهم رغم الإمكانيات الفنية العالية التي يتمتعون بها و التي أشاد بها خبراء الكرة في العالم ، غير أن أندية مثل الميلان أو الانترأو برشلونة أو مانشستر يونايتد أو تشيلسي لا تفرق بين العربي و الأعجمي و لا بين الأبيض و الأسمر خاصة في زمن الاحتراف و منذ صدور قانون بوسمان عام 1995 ، لكنها تفرقبين اللاعبين على أساس الأداء الذي يمكن للاعب الجديد أن يقدمه للنادي خلال تواجده معه، فهي تركز على نقطتين لا ثالث لهما قدرة اللاعب على التأقلم مع ناديه الجديد و انصهاره وسط المجموعة و قدرته على التعامل معأفراد النادي، و الثانية مدى تثبا مستواه ، أما في ما عدى ذلكفيبقى من الأمور الثانوية ، و هذا الامتياز كان متوفرا عند اللاعب الجزائري مصباح و مفقودا عند مواطنيه زملائه في المنتخب، فأدائه في منحنى تصاعدي منذ مجيئه إلى الدوري الايطالي للعب في نادي ليتشي حيث قدم معه موسمين رائعينو كان دوما عند حسن ظن مدربه للعب في التشكيل الأساسي ، و بدا واضحا آن مصباح استغل جيدا تواجده في بطولة قوية مثل البطولة الإيطالية لرفع مستواه و ظهر ذلك واضحا عندما كان يواجه أندية ميلان و الانتر أو جوفنتوس أو روما ، إذ كان عادة ما يختار في التشكيل المثالي الأسبوعي كأفضل لاعب في مركزه ،أما في ما يخص النقطة الثانية فقد ظهر مصباح الذي لعب من قبل في سويسرا و فرنسا انه تأقلم و بسرعة مع الأجواء الايطالية لسبب بسيط جدا و هو انه محترف باتم معنى الكلمة ليس في الملعب فحسب بل أيضا في حياته الشخصية حتى و هو بعيد عن مراقبة مدربه أو إدارته ، و يمتلك طموحا لا سقف له دفعه و حثه على المثابرة لتحقيقه بدليل أن مدربه الجديد ماكسيمليانو اليغري زج به في التشكيل الأساسي في ثاني مباراة له أمام لازيو روما في ربع نهائي مسابقة الكأس و فظهر و كأنه يلعب هناك منذ سنوات و ليس منذ أسبوعين فقط ، و تجلت سرعة تأقلم مصباح حتى مع المنتخب الجزائري حيث فرض نفسه بقوة كلاعب أساسي بلا منازع منذ قدومه قبيل انطلاق نهائيات كاس العالم 2010 و هي الصفات التي كان يمتاز بها ماجر و موسى صايب و مصطفى دحلبممن نجحوا في تجاربهم الاحترافية الأوروبية ، ميزات يفتقدها جل محترفي الخضر حاليا في أوروبا ، فهم أشباه أو أنصاف محترفين ، أو بعبارة اصح محترفين داخل الملعب و هواة خارجه، و هذا ينطبق على اللاعب العربي بشكل عام و ليس فقط الجزائري و كان احد أهم أسباب فشله ، مما يجعل مستواه متذبذب من مباراة لأخرى و من موسم لآخر ، فالفارق شاسع بين زياني فرنسا و زياني ألمانيا ، و لا يستغلون الوسائل المادية الحديثة المتاحة أمامهم، و أكثر من ذلك فأنهم لا يتأقلمون بسرعة عندما ينتقلون من دوري لآخر ، فهم يحتاجون على الأقل لموسم كامل حتى يندمجوا مع البيئة الجديدة رغم أنها لا تختلف كثيرا عن سابقتها ، و هو ما يؤثر سلبا على لياقتهم البدنية و الفنية و يجدون أنفسهم غير مرغوب فيهم من قبل المدرب ثم يتم وضعهم على لائحة اللاعبين المسرحين رغم الفرص التي تمنح لهم دون أن يستغلونها كما يحدث حاليا مع عبد القادر غزال الذي يصوم عن التهديف منذ سنوات.

مصباح أستغل تواجده في بطولة قوية مثل البطولة الإيطالية

و يمتاز مصباح أيضا بالتواضع و بالالتزام فقلما ينال بطاقة سواء صفراء أو حمراء ، و مداوم على التداريب ، و علاقته بزملائه اللاعبين و بالطاقم الفني و الطبي جيدة في حدود الاحتراف ، فلا يدخل في نزاعمن أي نوع و مع أي كان و قليل الحديث مع الصحافة مما ساعده على تجاوز الصعاب ، في وقت أن العديد من المحترفين الجزائرييننالوا صفة المشاكس و يتصدرون الصفحات و العناوين الرئيسية ليس بأهدافهم أو أدائهم القوي بل بخلافاتهم مع هذا اللاعب أو هذا المدرب و لأتفه الأسباب.
و قد تساهم صفقة مصباح في تغيير نظرة الأندية الأوروبية تجاه اللاعبين الجزائريين ، و تساهم في إعادة الثقة في نفوسهم ، و ما عليهم سوى توظيف المهارة الفنية التي يزخرون بها لتصحيح مسارهم نحو مستقبل أفضل ينعكس بالإيجاب على نتائج الخضر.
حركة شتوية بطيئة
لم تعرف سوق الانتقالات الشتوية في أوروبا صفقات جزائرية كثيرة ، فعلى بعد أيام قليلة من غلقه يتجه اغلبهم إلى الاستمرار مع أنديتهم حتى نهاية الموسم الجاري رغم أن التوقعات و التقارير الإعلامية كانت تشير إلى عكس ذلك في ظل المستقبل المجهول للعديد من محترفي الخضر على غرار رفيق حليش في فولهام و عدلان قديورة في ولفهامتون الانجليزيين ، و جمال عبدون في اولمبياكوس اليوناني و مواطنه رفيق جبور الذي قد يترك ناديه الحالي في الساعات القادمة في اتجاه تركيا.
و لحد الآن اقتصرت الحركة الشتوية على الثلاثي مصباح الذي انضم إلى ميلان ، و قائد الخضر المدافع عنتر يحيى الذي عاد إلى أجواء الدوري الألماني من بوابة نادي كايزر سلاوترن بعدما فسخ عقده مع نادي النصر السعودي ، و هي صفقة اعتبرها المتابعون ناجحة جدا لاعب فهي تسمح له بالعودة إلى دوري قوي يساعده على التألق و استرجاع مستواه الحقيقي من جهة و من جهةأخرى أخرجته من دائرة الضوء التي وضعته فيهاالانتقادات اللاذعة التي تعرض له منذ توقيعه للنصر حيث اعتبر احد المسئولين الرئيسيين عن النتائج السلبية التي سجلها النادي في الدوري المحلي ، و يراهن نادي كايزر سلاوترن كثيرا على خبرة يحيى للخروج من المنطقة الحمراء ضمان البقاء في الدوري الألماني الممتاز. و قبل مصباح و يحيى كان متوسط الميدان عمري شاذلي قد غادركايزر سلاوترن للانتقال إلى مواطنه فرانكفورت الذي يلعب في الدرجة الثانية على سبيل الإعارة حتى شهر يونيو من اجل استعادة لياقته بعدما بقي أسير مقاعد الاحتياط منذ صيف 2010.كما يحوز بعض كوادر الخضر في الخليج على غرار مجيد بوقرة و نذير بلحاج على عروض للعودة إلى أوروبا سيتم ترسيمها أو تكذيبها مع نهاية فترة التحويلات الشتوية.