يسعى المدرب فيسنتي دل بوسكي الى استعادة ثقة الاسبان بعد خيبة امل مونديال البرازيل 2014 عندما يقود منتخب بلاده في نهائيات كأس اوروبا لكرة القدم المقررة في فرنسا من 10 حزيران/يونيو الى 10 تموز/يوليو المقبلين.

ويبدو دل بوسكي (65 عاما) مصمما على اعادة الهيبة لنفسه ورجاله وبلاده في الكأس القارية بعد الخيبة المدوية في مونديال البرازيل عندما فقد منتخب "لا فوريا روخا" لقبه بعد جولتين فقط بخسارتين مذلتين امام هولندا 1-5 وتشيلي صفر-2.

وقال دل بوسكي في تصريح لوكالة فرانس برس: "ان اصل كل شىء كان البرازيل وخيبة الامل في البرازيل" لتفسير لماذا لم يعد الجمهور الإسباني، الذي اعتاد على الانتصارات في العقد الماضي، متحمسا خلف المنتخب الوطني في السنتين الاخيرتين وتحديدا منذ خروج اسبانيا من العرس العالمي بعد مباراتين فقط.

يمكن لدل بوسكي ان يدعي بكونه المدرب الاكثر تتويجا في عالم كرة القدم بعد أن فاز تقريبا بجميع الالقاب سواء على صعيد الاندية او المنتخبات.

دوري ابطال اوروبا والدوري الاسباني مع ريال مدريد تلاهما قيادة اسبانيا لاول لقب في المونديال عام 2010 في جنوب افريقيا ثم كأس اوروبا بعدها بعامين ليصبح منتخب بلاده اول منتخب يحتفظ باللقب القاري، ويصبح هو ثاني مدرب فقط يتوج بلقب المونديال وكأس اوروبا بعد الالماني هلموت شوين الذي حقق هذا الامر مع المانيا الغربية في كأس اوروبا 1972 ثم كأس العالم 1974.

ولكن جميع هذه الالقاب لم تحمه من الانتقادات اللاذعة عقب خيبة مونديال البرازيل.

المخاوف من انه مخلص جدا للحرس القديم الذي فاز بثلاث بطولات كبرى بين عامي 2008 و 2012، لا تزال مستمرة منذ مقاومته دعوات للاستقالة بعد نهائيات كأس العالم.

ويقول دل بوسكي: "لقد كانت لحظة صعبة بالنسبة لنا جميعا، تلقينا الكثير من الانتقادات من الناس في إسبانيا، في بعض الحالات لم تكن الانتقادات بناءة في هذه الرياضة".

وأضاف دل بوسكي "كانت لحظات مؤثرة لانها كانت لحظة صعبة بالنسبة لنا جميعا. الان يجب ان يكون ذلك حافزا لنا (بعد الفشل في المونديال). نحن لا نعرف ما الذي سيحدث، لكننا سنحاول ضمان عدم تكرار ما حدث في البرازيل".

يعتبر دل بوسكي نموذجا للمدربين الهادئين الذين بامكانهم المحافظة على رباطة جأشهم في الاوقات الحرجة ويتمتع أيضا بطبيعته المسالمة وبمقارباته المدروسة بالاضافة الى قدرته على التعامل مع فرق تعج بالنجوم الكبار وهو ما سهل استلامه السلس للادارة الفنية للمنتخب دون اهمال واقع انه يعمل دائما للمحافظة على وحدة واداء لاعبيه الموهوبين، وخلافا لسلفه لويس اراغونيس الذي عرف عنه طابعه الحاد ومواقفه المثيرة للجدل في بعض الاحيان، ادخل مدرب ريال السابق الهدوء والتحفظ والصبر الى منصب المدرب، اضافة الى التواضع.

دخل دل بوسكي التاريخ بقيادته "لا فوريا روخا" الى لقب كأس اوروبا 2012. كان "الهادىء" على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقه كونه يشرف على افضل منتخب في العالم وقاده الى انجاز تاريخي لم يسبق لاي منتخب ان حققه في السابق وهو الثلاثية (كأس اوروبا 2008-كأس العالم 2010-كأس اوروبا 2012).

ونجح الرجل الهادىء الذي يعمل تحت الرادار ودون الضجة الاعلامية التي تحيط بالمدربين الاخرين، ملتزما بالحكمة التي تقول بانه "لا يجب العبث بتركيبة رابحة" واتخذها كمبدأ له منذ ان استلم مهامه مع المنتخب وكان التغيير الوحيد الذي اجراه خلال مشواره مع المنتخب حتى الآن هو تطعيمه ببعض المواهب الشابة من اجل المحافظة على الاستمرارية في النتائج والتنافس والنشاط على الامد الطويل.

اثبت دل بوسكي انه يجيد التعامل مع الضغوط خصوصا انه اشرف على اشهر وانجح فريق في العالم وهو ريال مدريد من 1999 حتى 2003، فائزا معه بلقب الدوري عامي 2001 و2003 ودوري ابطال اوروبا عامي 2000 و2002 قبل ان يقال من منصبه عام 2003 من قبل رئيس النادي فلورنتينو بيريز.

كسب دل بوسكي الرهان بفضل الاسلحة التي يملكها المنتخب المتميز بلعبه الجماعي الرائع والقدرات الفنية المذهلة للاعبيه، وهو تحدث عن فلسفته قائلا: "ان كرة القدم رياضة جماعية بامتياز، لكنك تحتاج للفرديات أحيانا من اجل صنع الفارق واختراق الدفاعات. نحن نملك مهارات فردية متميزة في كل خطوطنا، بدءا بالحارس ومرورا بالوسط وانتهاء بالهجوم، اذ تضم صفوفنا لاعبين مهاريين بارزين".

من المؤكد ان دل بوسكي لم يخيب ظن الشعب الاسباني بأكمله بل انه خلق جوا موحدا في البلاد لدرجة ان مقاطعة كاتالونيا التي تطالب باستقلالها رفعت خلال مونديال جنوب افريقيا العلم الاسباني الى جانب الكاتالوني في خطوة نادرة، وهو سيسعى الى اعادة هذه الثقة من خلال قيادة الاسبان الى الاحتفاظ باللقب للمرة الثالثة على التوالي.