باريس: اعتبر أسطورة كرة القدم الأوكرانية أندري شفتشنكو الذي يرأس حالياً الاتحاد المحلي للعبة، أن مشاركة بلاده في كأس أوروبا التي تنطلق الجمعة، تشكّل انتصاراً على الشدائد و"ستذكّر العالم بما نمرّ به" جراء الغزو الروسي المستمر منذ شباط (فبراير) 2022، وفق ما قال في مقابلة مع وكالة فرانس برس.

وبلغت أوكرانيا النهائيات القارية التي تحتضنها ألمانيا، بعد مرورها بالملحق حيث تخطّت البوسنة والهرسك 2 1 في نصف نهائي المسار الثاني، قبل أن تفوز في النهائي على أيسلندا بالنتيجة ذاتها.

وتبدأ أوكرانيا مشاركتها الرابعة توالياً في النهائيات القارية الإثنين ضد رومانيا، ضمن المجموعة الخامسة التي تضمّ بلجيكا وسلوفاكيا أيضاً.

وكان شفنتشكو مدرباً لأوكرانيا في النسخة الماضية من البطولة القارية صيف 2021، حين حققت أفضل نتيجة لها منذ الاستقلال عن الاتحاد السوفياتي ببلوغها ربع النهائي.

لكن وصول المنتخب إلى نهائيات ألمانيا 2024 حمل صعوبة أكبر بكثير بالنسبة لفريق يقوده زميله السابق في خط هجوم المنتخب ودينامو كييف سيرهي ريبروف، إذ كان على ابن الخمسين عاماً التعامل مع الاضطراب الهائل الناجم عن الغزو الروسي للبلاد والحالة النفسية للاعبين.

وبعدما قادا معاً البلاد إلى ربع نهائي كأس العالم عام 2006 على الأراضي الألمانية أيضاً، يتطلع الشعب الأوكراني مجدداً إلى شفتشنكو وريبروف لمنحه السعادة في هذه الأوقات الصعبة جداً.

ويفتخر شفتشنكو، الحائز على جائزة الكرة الذهبية لعام 2004 وابن رجل عسكري، عن وجه حق بالصلابة والروح اللتين أظهرهما الفريق خلال مشواره نحو النهائيات القارية.

"الأهم أننا نُذَكِر العالم بما نمر به"
وقال لفرانس برس في مقابلة عبر البريد الإلكتروني "هناك عنصران هنا. من ناحية، أظهرنا أننا قادرون على المنافسة وعلى مواصلة التألق في كرة القدم حتى أثناء الحرب. ومن ناحية أخرى وهي الأهم، أننا نمثل أوكرانيا بكل فخر ونُذَكِر العالم بما نمر به".

ورأى المهاجم السابق لدينامو كييف وميلان الإيطالي وتشلسي الإنكليزي أنه مثلما أدى فوز أولكسندر أوسيك بلقب بطل العالم للوزن الثقيل الموحّد الشهر الماضي على حساب البريطاني تايسون فيوري إلى رفع الروح المعنوية، فإن الفوز في أي من مباريات كأس أوروبا يمكن أن يؤدي إلى الأمر ذاته.

وشدّد "كل انتصار لبلدنا، سواء داخل الملعب أو خارجه، هو أمر بالغ الأهمية لكلّ أوكراني وخاصة للذين يدافعون عنها (البلاد) الآن".

عندما يتحدّث اللاعبون عن الضغط، فإن الأمر يتعلق عادةً بالأداء الجيّد أمام جماهيرهم المتشدّدة، لكن بالنسبة لبعض اللاعبين الأوكرانيين كان الأمر أكثر خطورة بكثير، إذ تعلق الأمر بخوض التمارين تحت التهديد اليومي للغارات الجوية الروسية.

ويقدّر شفتشنكو ترحيب الدول الأخرى بمنتخبه الوطني لخوض مبارياته البيتية على أرض أجنبية، لكنه أقر بأن الاستعدادات للبطولة بالنسبة للبعض كانت مرهقة في أفضل الحالات.

وقال ابن الـ 47 عاماً "إن الأصعب في عملنا هو التكيف مع البيئة المتغيرة بسرعة والمتأثرة بالحرب. علينا التعامل مع الكثير من العوائق، ببينها متطلبات السلامة، الغارات الجوية، الهجمات الصاروخية من روسيا، حظر التجول وانقطاع التيار الكهربائي".

وتابع "هذه المشكلات تجعل العمل أكثر صعوبة، لكننا ندير الأمور بشكل جيد".

قد يكون شفتشنكو مسؤولاً الآن عن ريبروف كونه رئيس اتحاد اللعبة، لكنهما يأملان أن يتسبّب اسماهما وحدهما ببث الرعب في قلوب الخصوم، تماماً كما فعلا كلاعبين حين انضما لدينامو كييف في التسعينات.

لم تلهم شراكتهما دينامو كييف للسيطرة على كرة القدم المحلية فحسب، بل تألق الفريق أيضاً في دوري أبطال أوروبا حيث وصل إلى الدور نصف النهائي عام 1999 بعدما تخطى العملاق الإسباني ريال مدريد في ربع النهائي قبل انتهاء المشوار على يد العملاق الآخر بايرن ميونيخ الألماني.

لكن، وخلافاً لشفتشنكو الذي ذاق المجد مع ميلان وأحرز معه دوري الأبطال عام 2003 ووصل الى النهائي أيضاً عام 2005 ونال الكرة الذهبية عام 2004، تعثر ريبروف خلال تجربته الإنكليزية مع توتنهام ووست هام.

ومع ذلك، يبدو شفتشنكو واثقاً من قدرة ريبروف على قيادة البلاد إلى تقديم أداء جيد في كأس أوروبا 2024، على الرغم أنه يملك الفريق الأصغر عمراً بين المنتخبات الـ24 في النهائيات القارية، قائلاً "تفاهمنا (هو وريبروف) على الفور لأن كل منا يعرف كيف يفكر الآخر. عقليتنا ووجهات نظرنا حول كرة القدم هي نفسها".