إيلاف من باريس: ماذا فعلت صورة لاعبات مصريات بالحجاب الكامل في مباراة للكرة الطائرة الشاطئية ضد لاعبات اسبانيات بالبكيني في أولمبياد باريس؟ هذه الصورة هي اختصار لكثير من التفاصيل في هذا العالم دون مبالغة، فقد كان التفاعل مع الصورة الأيقونية عبر وسائل الإعلام العالمية ومنصات السوشيال ميديا ومن خلال ملايين التفاعلات يحمل قليل من التنمر والسخرية، ولكن يقابلها كثير من الاحترام للاختلافات الثقافية والفكرية بل والعقائدية التي ظهرت في أولمبياد باريس.

10 آلاف رياضي و 200 دولة ولكل ثقافته
الدورة الأولمبية الباريسية يشارك بها 10 آلاف و 500 رياضي ورياضية يمثلون أكثر من 200 دولة حول العالم، مما يعني أن الاختلافات بين كل هؤلاء واردة بشدة، وعلى المستويات كافة، ولكنها اختلافات وليس خلافات، ومن هنا أصبح للرياضة قوة خارقة في جعل الجميع يتوحدون تحت مفهوم واحد وهو "تنافس قائم على الإحترام المتبادل، والقبول بثقافة الآخر".

فقد مثلت مروة عبد الهادي ودعاء الغباشي مصر في أولمبياد باريس، في مسابقة الكرة الطائرة الشاطئية، وظهرت كل منهما بالحجاب وقمصان سوداء بأكمام طويلة وغطاء رأس في مباراة الكرة الطائرة الشاطئية للسيدات ضد إسبانيا، وسبقتها مباراة لمروة ودعاء ضد إيطاليا انتهت بفوز مصر.

المفارقة أنهما لو كانا يلعبان لمنتخب فرنسا، لما سمح لهما بارتداء الحجاب. فقد منعت الدولة المضيفة للألعاب الأولمبية هذا العام رياضييها من ارتداء أي "رموز دينية ظاهرية" أثناء المنافسة.

دعاء: الحجاب حرية والبكيني حرية
وفي حديثها إلى قناة اكسبريسن Expressen السويدية التابعة لشبكة CNN قالت دعاء عبد الهادي إنها "لا تحب" حظر الحجاب على الرياضيين الفرنسيين.

وقال الغباشي إنه من الرائع للرياضيين ارتداء ما يريدون، طالما يتم احترام ثقافتهم ودينهم، وتابعت :"أريد أن ألعب بحجابي، وهي تريد أن تلعب بالبكيني، لا توجد مشكلة أبداً، كل شيء على ما يرام، إذا كنت تريد أن تكون بالبكيني أو ترتدي الحجاب، هذا قرارك ولك كل الاحترام، فقط احترموا جميع الثقافات والأديان معهما كانت مختلفة عن بعضها البعض".

وأضافت:"أنا لا أقول لك ولا أفرض عليك أن ترتدي الحجاب، وفي المقابل لا تطلب مني أن أرتدي البيكيني، لا أحد يستطيع أن يخبرني كيف أرتدي ملابسي، أعتقد أن فرنسا دولة حرة، ويجب السماح للجميع بفعل ما يريدون".

يذكر أنه في كانون الثاني (يناير) 2022، صوت مجلس الشيوخ الفرنسي لصالح حظر ارتداء الحجاب وغيره من "الرموز الدينية المزعومة" في المسابقات الرياضية.

وفيما بعد تم التأكيد على أن هذا الحظر سينطبق أيضاً على الرياضيين الفرنسيين الذين يتنافسون في دورة الألعاب الأولمبية في باريس، عندما قالت وزيرة الرياضة الفرنسية أميلي أوديا كاستيرا إن البلاد ستفضل "نظاماً علمانياً صارماً، يطبق بصرامة في مجال الرياضة".

قصة دعاء المصرية من البداية
عندما كانت دعاء الغباشي تبلغ من العمر 19 عاما وكانت على وشك الظهور لأول مرة في أولمبياد ريو دي جانيرو في البرازيل عام 2016، أدركت أنها ستصنع التاريخ أمام جمهور عالمي.

لم تكن فقط جزءا من أول فريق مصري للكرة الطائرة الشاطئية يتنافس في الألعاب، جنبا إلى جنب مع زميلتها ندى معوض، ولكن تلك المواجهة الافتتاحية على شاطئ كوباكابانا الشهير في ريو دي جانيرو جعلت أيضا أول لاعبة تدخل الملعب بسراويل طويلة وحجاب، كل ذلك يعكس عقيدتها الإسلامية.

وفي مواجهة منافسات ألمانيات يرتدين البكيني، أصبحت صورة الغباشي وهي تلعب الكرة في الشباك هي النقطة المحورية لموجة من التقارير والتعليقات والتبادلات والاختلافات والانقسامات والاعجاب على وسائل التواصل الاجتماعي.

وتراوحت المناقشات والآراء بين حديث عن "الصدام الثقافي" والحديث عن القوة الموحدة للرياضة، والاحترام المتبادل بين الجميع.

الغباشي في حديثها لبي بي سي سبورت أفريقيا قالت: "بعد المباراة، فوجئت بالناس الذين سألوني ما هذا؟، فقلت لهم لا أستطيع اللعب بالبيكيني لأنني مسلمة، وحجابي جزء مني".