خطر حقيقي يلاحق النساء المنجبات بعد الأربعين عامًا في فترة الحمل وأثناء الولادة وما بعدها، لذلك يواجه النساء تحدٍ كبير أمام نسبة الخطورة الكبيرة في فترة ما قبل الإنجاب، وفي غزة تفتقر النساء المنجبات بعد سن الأربعين إلى الفحوصات الخاصة والمعدات الطبية التي تلزم لذلك.

حمزة البحيصي من غزة: تقول الدكتورة إيمان سلامة سعد إختصاصية النساء والولادة quot;لإيلافquot; إن المرأة التي تنجب بعد الأربعين أكثر عرضه لإنجاب أطفال مشوهين، وتضيف: quot;نسمي ذلك الحمل بـ quot;الحمل الخطرquot; لأن ذلك يشكل خطورة على المرأة الحامل والمولود المنتظر، ونفضل بأن تلجأ المرأة التي بلغت سن الأربعين إلى غرفة الحمل الخطر كي نتفادى المشاكل التي يمكن أن تتعرض لها أثناء فترة الولادةquot;.

وتتشابه المخاطر التي تتعرض لها المرأة سواء كان الحمل الأول لها في سن الأربعين، أو إذا حملت وأنجبت مرات متعدّدة، فتقول quot;إيمانquot; حول ذلك: quot;الأم معرضة للإصابة بالأمراض، فمثلاً لو كان الحمل هو الأول لها في سن الأربعين فهي معرضة لتسمم الحمل وهو ارتفاع ضغط الدم والزلال والتورم لدى المرأة الحامل، أما إذا حملت المرأة مرات متعدّدةوأنجبت أيضًا بعد سن الأربعين فستكون عرضة للإصابة بالسكريquot;.

وتبين قائلة: quot;إذا أصيبت المرأة بتسمم الحمل في حالة الجنين المنتظر فسينعكس ذلك على الطفل وستنجب لنا جنينًا ناقص النمو، والأهم من ذلك التشوهات لدى الأجنة، فقد تكون هناك تشوّهات خلقية على مستوى الجهاز العصبي، فقد نلاحظ ضمورًا ومياهًا محيطة بدماغ الجنين، وهؤلاء غالبًا ما يموتون أثناء الحمل، وأيضًا يمكن أن تنجب طفلاً quot;منغوليًاquot;، وقد تكون نسبة الخطورة من 60 إلى 70 في المئةquot;.
وتتابع حديثها حول بنية جسد المرأة فوق سن الأربعين فتقول: quot;نسبة 78 % من الحوامل في قطاع غزة مصابون بفقر الدم ناتج عن سوء التغذية، وذلك يؤثر على عملية الولادة، وكذلك فإن الكالسيوم لدى المرأة الأربعينية ضعيف، والجسم يكون مرهقًا وكبيرًا ولا يستوعب الحمل، فينزل الجنين صغيرًا جدًا، أو يكون الطفل 5 كيلوغرامات في بعض الأحيان، وقد تتعرض المرأة للإجهاض والنزيفquot;.
وتقول quot;إيمانquot; بأن نسبة الخصوبة تبدأ بالإنخفاض ما بعد الأربعين، وتضيف: quot;ذلك هو سن اليأس، وهي فترة التحضير أو الإنقطاع الكامل للدورة الشهرية، فمن 45 إلى 50 عامًا تبدأ الهرمونات بالتراجع والضعف، بخاصة هرمون الدورة الشهرية المسمى quot;الإستروجينquot; أو هرمون الحمل وهو quot;البروجسترونquot;.

وللمرأة الحامل إجراءات روتينية مخبرية يقوم بها أخصائيو النساء والولادة كاليورانيوم وفصيلة الدم والـ RH ، كما تقول الطبيبة إيمان، وتوضح قائلة: quot;نركز على الكالسيوم، ونفحص لها على الأسبوع السادس عشر ما يسمى بـ quot;ألفا فيتو بروتينquot; (عبارة عن بروتين سكري يتكون لدي الجنين فترة الحمل) كي نتأكد بأن الجهاز العصبي للجنين خالٍ من التشوّهquot;.
وتشير quot;إيمانquot; إلى المشاكل التي تواجهها النساء المنجبات بعد الأربعين، فتقول: quot;المرأة البكر ذات الأربعين عامًا تنجب بشكل عملية قيصرية لأن الولادة الطبيعية صعبة لها، لأن الرحم يكون في حالة من الإرهاق، ويكون سمكه في أعلى درجاته، وقد تحدث مضاعفات للجنين، أو قد تصاب المرأة بالنزيف إذا ما أنجبت بشكل طبيعيquot;.

quot;الفحص الثلاثيquot;

الدكتور عدنان راضي استشاري ورئيس قسم النساء والولادة في مستشفى الشفاء في غزة يقول في حديثه quot;لإيلافquot; إن نسبة المشاكل وخطورة إنجاب أطفال غير طبيعيين عالية جدًا، وقد تتضاعف إلى أربع وخمس مرات عندما تبلغ المرأة أربعين سنةquot;
ويوضح المشاكل والتعقيدات التي تتعرض لها النساء فيقول: quot;مشاكل الإجهاض تزيد بنسبة عالية جدًا بعد سن الأربعين، فعلى سبيل المثال: معدل الإجهاض عند المرأة في سن 29 سنة 12 في المئة، أما في سن 40 سنة فيقفز معدل الإجهاض إلى 40 في المئةquot;.

ويضيف: quot;أما حالات أطفال ميتين داخل الرحم فتزيد لدى النساء المنجبات بعد الأربعين، وتزيد نسبة العيوب الخلقية والمشاكل في الكروموزومات، وتتضاعف نسب إنجاب الطفل المنغولي عند أربعين سنة، فتكون هناك حالة إنجاب طفل منغولي لكل 100 حالة ولادة، وعندما يكون عمر المرأة 45 سنة فتكون حالة لكل 20 حالة ولادةquot;.

ويتابع حديثه حول مشاكل ونسبة الخصوبة بعد سن الأربعين لدى النساء الحوامل فيشير: quot;تقل نسبة الخصوبة نتيجة للمشاكل الطبية التي تصيب المرأة عند سن الأربعين كارتفاع الضغط أو السكري أو أمراض الكلية، ونتوقّع دائمًا زيادة نسبة العمليات القيصرية، وتزداد مضاعفات مشاكل الحمل، وكذلك نسبة وفيات الأمهات ثلاثة أضعاف لدى النساء بعد الأربعينquot;.
أما الاجراءات والفحوصات المتبعة التي يجب ان تقوم بها المرأة الحامل بعد الاربعين فيقول quot;راضيquot; بها الشأن: quot;في الدول الاسكندنافية وفي بريطانيا وأميركا يأخذ الأطباء عينة بشكل روتيني من السائل الأمينوسي في نهاية الشهر الثالث من الحمل لدى النساء الذي يتراوح أعمارهن ما بين 35 إلى 40 كي يعرفوا إذا ما كان هناك عيوب خلقية عند الجنين أم لاquot;.
ويبين quot;راضيquot; مشكلة أخرى قد يتعرض لها الأطفال وهي عمر الرجل فيقول: quot;يؤثر عمر الرجل بعد الأربعين على الإنجاب، فتزداد نسبة العيوب الخلقية في الكروموزومات بالأطفال الذين يولدون لأبوين عمرهم أربعين سنةquot;.

أما أهم الفحوصات الخاصة التي يقوم بها النساء الحوامل بعد سن الأربعين، فهي كما يقول راضي: quot;هناك فحص يسمى quot;الفحص الثلاثيquot; ويعطي احتماليات لتشوهات الأجنة، وهذا الفحص غير موجود في قطاع غزة، ولكنه موجود في الضفة الغربية، وكثير من العينات نرسلها إلى القدسquot;.
ويضيف: quot;إن غزة بتعدادها الذي يساوي مليون نصف نسمة في غزة ولا يوجد لدينا مختبر للجينات بالمطلق، مع العلم أنني شخصيًا لدي القدرة على أخذ عينات من السائل الأمينوسي، ولكن ماذا سأفعل بهاquot;.

المجتمع العربي
وللجانب النفسي دوره في التأثير على النساء المنجبات بعد سن الأربعين وأطفالهم. quot;إيلافquot; تحدثت مع الدكتور خالد دحلان اختصاصي الأمراض النفسية والعصبية الذي قال بأن ثقافة المجتمع العربي في منطقة الشرق الأوسط لا يتقبل كثيرًا السيدة المنجبة بعد الأربعين، وأشار: quot;نظرة المجتمع للسيدة الحامل بعد الأربعين يكون حولها علامات استفهام، كأن ينظر إليها كإمرأة تحاول أن تتصابىquot;.
ويتحدث quot;دحلانquot; عن التأثيرات النفسية التي قد تلحق بالطفل إذا ما كانت أمه كبيرة في السن فيقول: quot;إن كان هنالك أبناء آخرون قد أنجبوا فهذا يخفف من الفجوة الموجودة ما بين الطفل وأمه إذا ما أنجبته بعد الاربعين، أما إذا كان الطفل وحيدًا لأبوين متقدمين في السن، فهو سيكتسب خبرة كبيرة، ولكنه سيشعر بشيء من العزلة، ولذلك نلاحظ أن الإبن الأكبر في البيت يكون أكثر هدوءًا وجدية وعزلة quot;.

ويضيف: quot;هناك مرحلة ما بعد الثلاث سنوات وهي مرحلة التقليد في حياة الطفل، وهذا جزء من نموّه النفسي وواقعه السيكولوجي، لذلك فهو بحاجة إلى أطفال أكبر منه بعام أو عامين ليقوم بعملية التقليد، وإذا لم يجد هذا الجو الذي ينمو فيه بشكل سوي، ستجده غالبًا يميل إلى العزلةquot;.
وعلى الرغم من السلبيّات والعقبات التي تعترض طريق النساء المنجبات بعد الأربعين إلا أن لذلك إيجابية يبينها quot;دحلانquot; قائلا: quot;صحيح أن هناك فارق كبير في السن بين الطفل وأمه، ولكن إضافة إلى ذلك فهناك خبرة قد اكتسبتها المرأة من تربية أبنائها السابقينquot;.

ويرى quot;دحلانquot; بأنه لا بد من الاهتمام بالإبناء وإعطائهم المساحة الكافية للتعبير عن ذاتهم، ويضيف: quot;حتى لا يتأثر الطفل لا بد أن يعطي الأبوان وقت كافي لأبنائهم للعب معهم في سن الطفولة، وأن يقتربوا منه أكثر حتى لو كانت أعمارهم ما فوق الأربعينquot;.